محمد علي سعد -
أكثر أزمات الحراك الجاري في البلاد منذ أكثر من عام أنه لا يتكلم »اليمنية«.. فأول مطالب الحراك هو ما يعرف بمصطلح فك الارتباط بمعنى الانفصال عن الدولة والشعب والوحدة والقوانين والدستور والاعراف والتقاليد والجغرافيا والتاريخ.. الخ.
فكيف يمكن لدولة أو نظام حل مطالب الحراك أكانوا أفراداً أو جماعة أو حزباً أو منطقة أو حتى شلة وأول مطالبهم وآخر فضائحهم هو الانفصال.. لذا فإن الحراك وجماعة الحراك لا يتكلمون »اليمنية« لأن كل شيء يمكن مناقشته وحله في اطار الدولة اليمنية ولا شيء يقفز عليها وعلى قوانينها، لكن أن يخرج علينا »زيد أو عمرو أو طحين بن رفيق« ويطالب بانفصال من نوع جديد على طريقة حزب من طراز جديد.. فهذا الذي لا يمكن أن نقبله أو نتقبله مهما كانت الظروف والأسباب.
وحريٌ أن يدرك الأخوة في »الحراك الجنوني« أنهم لا يمثلون إلاّ أنفسهم فلا هم ضمن منظمات المجتمع المدني ولا هم حزب ولا طائفة ولا فئة ولا حتى نادٍ رياضي مصرح به قانوناً.. جماعة تتبع جماعة وتجرجرها وراءها للتهلكة.. نحن نتفق أن ثمة أخطاء ومشاكل واخفاقات رافقت الأداء الحكومي، وما مؤتمرات المجالس المحلية في عموم محافظات الجمهورية إلاّ تجميعاً وتشخيصاً لتلك المشكلات وفرزها بحسب الأهمية والأولوية حتى يتم معالجتها معالجة حقيقية من أجل حلها نهائياً وإزالة إحدى العثرات التي تعيق مسار الوحدة.. لكن أن يخرج علينا أحد ويريد حلولاً لمحافظته أو منطقته فوق القوانين النافذة، وفوق الثوابت الوطنية وفوق الدستور فهذا أمر لا يمكن أن يقبله لا عقل ولا قلب ولا روح ولا إرادة.. »الحراك الجنوني« لحقت به الكثير من أمراض المناطقية والفتنة الاجتماعية والسعي وراء سراب دولة كانت ونفقت، الحراك الجنوني زادت من حدته وأمراضه ما نشرته عنه الصحف والفضائيات التي أرادت أن تحوله الى بطل قومي يكافح من أجل الاستقلال لكن الاستقلال ممن؟!!
الحراك الجنوني لا يتكلم »اليمنية« لأنه لو كان يمني الطالع والروح والجوهر لما طالب بالانفصال ولو أنه يفكر بعقلية ووجدان الشعب اليمني ولسانه يمانياً لما كان يطالب بالانفصال.. الانفصال لغة غير يمنية، وفك الارتباط لغة غير يمنية ومفردة غير وطنية.. لهذا قلنا ونقول: إن الحراك لا يتكلم »اليمنية«.
ومما تقدم نشير الى أن الأنظمة وشعوبها تخوض غمار معارك الوطنية والسيادة والبناء والاعمار والتنمية وغيرها من معارك الحياة مجتمعة لا أن تخوض الحكومات معاركها بدون شعوب، كما لا يمكن للشعوب أن تنفذ خططها وبرامج عملها بدون حكوماتها.. ويحصل أن يواجه تلك الحكومات شيء من العثرات، ولكن حل تلك العثرات يكون دائماً بتكاتف جهود الحكومة مع الشعب لا بالقفز على الحكومة وعلى القوانين من قبل قلة تتحدث باسم الشعب.. بقي أن نقول للحراك ولأصحاب الحراك: إن مراجعة مواقفهم أمر لابد منه وأول تلك المواقف الواجب مراجعتها هي أن يتحدثوا بـ»اليمنية« على اعتبار أن فك الارتباط مصطلح غير يمني، ولن يقبل به أو يقبل التعامل معه يمني واحد.. والله من وراء القصد.{
الحراك الذي لا يتكلم "اليمنية"!
