عبدالملك الفهيدي - لعل أبرز حسنات المقابلة التي بثتها قناة الجزيرة مع حميد الأحمر أنها كشفت حقيقة العقلية التي يفكر بها الرجل الذي لم تتجاوز عقليته حدود (القبيلي ) حين يفشل في أول اختيار لولوج عالم التحضر والمدنية .
دموع التماسيح التي ذرفها حميد في حديثه لم تجديه نفعاً ولم تُقنع حتى مغفلاً بأن الرجل الذي يتباكى على سلطة الدولة والقانون ويتشدق بحقوق الإنسان لا يمكنه تمثيلها وهو يرفس بمفهوم الدولة والقانون جانباً ويؤكد أن شيخه وأخاه صادق وقبيلته هي من تحميه .
أفراد الأمن وسلطة القانون التي تحمي تجارته من سبأفون إلى بنك سبأ إلى .. وإلى .. لا تدخل في إطار مفهوم الدولة عند حميد، فهي مخولة برعاية وحماية من يراهم رعاعاً أما هو فدولته هي القبيلة، وقانونه هو (المحدعش).
كثيرون شعروا بالأسى على حميد حين ظهر سجله الخيري والاجتماعي مفلساً من مستشفى للفقراء الذين يتشدق بالحديث عنهم، أو من طريق معبّد للبسطاء من أبناء قبيلته الذين يحتمي بهم، أو من مدرسة تنشر العلم ومفاهيم القانون الذي يتحدث عنه .
حاول إخفاء إفلاسه ذاك بالحديث عن آلاف الموظفين الذين استوعبتهم شركاته لكنه لم يقل لأحد أن أبناء منطقته (خمر) اضطروا لاختطاف سيارة كان يستقلها مهندسو شركته سبأفون هناك بحجة أن حميد لم يسلم مستحقاتهم مقابل أعمال نفذوها لشركته .
تباكى على الغاز، لكنه لم يقل سر ذلك التباكي .. ولم يجرؤ على الاعتراف أنه كان ردة فعل لفشله في استخدام نفوذه للفوز بمناقصة خاصة بالغاز .
حتى حين اعتبر موافقة البرلمان على الاعتمادات الإضافية دليلاً على فساد الحكومة والدولة تناسى أن رئيس البرلمان الذي وافق على تلك الاعتمادات كان والده (رحمه الله) فهل كانت تلك زلة لسان أم افتراء أساء لصاحبه؟
كثيرة هي القضايا التي يمكن تعرية الرجل من خلالها لكن يكفي أن حميد عضو البرلمان والتاجر والقيادي الحزبي، والمتشدق بحقوق الإنسان والمتباكي على القانون فشل في أن يتجاوز عتبة التفكير القبلي العفن .. وعجز عن أن يكون حميد الذي يحتمي بالقانون وليس بالشيخ .
|