محمد علي سعد -
حين تحققت الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م كانت محط تقدير وإعجاب من كل أعضاء الأسرة الدولية الذين تقاطرت برقيات المباركة والتأييد والدعم لها باعتبارها قد حققت للشعب اليمني أغلى أمنياته وأعادت للوطن الواحد وحدته التي شطرتها السياسة والجغرافيا حيناً من الدهر لكنها عجزت عن إبقائه مشطراً إلى ما لا نهاية.
واليوم ومع اقتراب الذكرى العشرين لإقامة الوحدة اليمنية، نجد الأسرة الدولية لاتزال تبارك لليمن وحدته وترى في منجز الوحدة واحداً من أهم عوامل الأمن والاستقرار ليس للشعب اليمني وحده ولكن لمنطقة الجزيرة والخليج العربي على وجه الخصوص وللمنطقة العربية عموماً.
فالوحدة اليمنية كمنجز وطني وسياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي سيظل علامة مهمة من علامات التطور الانساني والحضاري لشعبنا اليمني العظيم لأن الوحدة حققت أمنيات شعب ناضل لتحقيق ذاته في الوحدة وإقامته دولته وسيادته وهويته الموحدة بعد عقود طويلة من التشطير والفرقة والحروب الأهلية بين أبناء وطن واحد وشعب واحد، وحين تعرض منجز الوحدة لمؤامرة الردة والانفصال في صيف 1994م وخاض الوحدويون حرباً ضروساً استمرت سبعة وسبعين يوماً، كانت الأسرة الدولية مجمعة على أن أمن اليمن واستقراره وسلامه الوطني والاجتماعي لن يتحقق إلا من خلال استمرار وحدته، لذا فإن الإرادة الوطنية المدافعة عن وحدة الوطن قد انتصرت لقناعاتها بأن الخير لشعبنا ووطننا يكمن في الوحدة وأن كل ما عداها يعني نكبة اليمنيين، نكبة ربما تكون أسوأ بكثير من نكبة التشطير سبقت الوحدة.. بهذا انتصرت إرادة الشعب في تمسكه بوحدته، ولقي دعاة الانفصال هزيمة ما بعدها هزيمة.
ومما تقدم فإننا حين نقول ان الوحدة خط أحمر فللاعتبارات التالية..أولاً الوحدة ملك لكل الشعب ،وإذا كان المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني قد وقَّعا عليها في الثاني والعشرين من مايو 1990م فإنها وفور ذلك التوقيع قد صارت ملكاً للشعب وتعبيراً حياً عن إرادته الذاتية وبالتالي لايستطيع أحد الشريكين الرجوع عن الوحدة لأنه وقَّع عليها وكأنها ملكيةخاصة أو تبعية له.
ثانياً: الوحدة خط أحمر، فأية محاولة للمساس بها هي في الأصل محاولة للمساس بالقضية الوطنية الاولى للشعب والتي لن يقبل بها أياً كان أصحابها ومهما كانت حججهم.
ثالثاً: بين دول العالم مصالح مشتركة، والعالم أجمع يرى أن في مصلحته وفي مصلحة شعبنا الحفاظ على الوحدة كونها تمثل صمام أمان واستقرار ليس لليمن فحسب ولكن للمنطقة العربية عموماً.
رابعاً: يدرك شعبنا ان المشاكل القائمة ليست بسبب الوحدة، بل نتيجة ممارسات فردية هي من استفادت من مناصبها حين حولت الوظيفة العامة من مغرم إلى مغنم.. لذلك يدرك المواطن اليمني البسيط أن الوحدة هي من جرى ويجري التجني عليها وليس العكس.
أخيراً حين قامت وحدتنا صارت لنا كشعب هوية وعنواناً لا يخطئها أحد.. ولا أحسب أن أحداً في اليمن يرضى أن يعيش بلا هوية.