عبدالله الصعفاني -
المشروع الديمقراطي اليمني الذي اقترنت فيه الوحدة بالتعدد الحزبي والتنوع الصحفي ليس فكرة يمنية فريدة وإنما شكل سياسي تمارسه بلدان عدة، مع اختلاف في نسب النجاح والفشل تبعاً للظروف الموضوعية والذاتية التي تحيط بالممارسة.
ولو قيمنا تجربتنا- ولو من باب أهل البيت أحق باللبن- سنقف على مماينة من النوع الذي يعيش فيه الراصد حالة من دوار البحر.
المفروض أن طرفاً يحكم وآخر يعارض، ينتقد أخطاءه، يضع نفسه بديلاً عبر التسويق الانتخابي.. وفي نفس الوقت يبقى الحرص على عدم اهتزاز أركان البيت أو تصدع أخشابه.. وهنا ليس البيت إلاّ الوطن الذي يسكن فيه كل أبنائه.
لكن مايحدث عندنا غريب غرابة الشيطان نفسه لأن عدد ممن يمارسون السياسة يتمثلون شخصية (شمشون) وانفعالاته وهو يعمل بحماس على هدم المعبد.
والقضية تتجاوز الثوابت التي يضيق بها البعض ويعتبرها وبالاً على الممارسة الديمقراطية وعلى حرية التعبير إلى الإضرار بالذات الحزبية الجامحة نفسها.
ومع الاختلاف مع هؤلاء حول حساسيتهم من ثوابت وطنية مثل الوحدة والجمهورية والديمقراطية، إلاّ أن الأغرب من التنصل عن الثابت هو عدم إدراك أن أطماع الوصول إلى السلطة تحتاج إلى طريق وأن الذي يفعلونه يقطع هذه الطريق.
إن من يحرض أو يتواطأ مع دعاة الانفصال لايسأل نفسه كيف سيحقق أحلامه السياسية في وطن ممزق؟!
وان من ينفخ في الفتن هنا وهناك ويصفق لمظاهر الخروج على الدستور والقانون يجهل أن الفوضى مهلكة ومحرقة تطال أثواب الجميع.
اليمن الموحد المستقر بيت الجميع.. وأي حريق إنما يستدعي الإطفاء، ولايليق بمن يسكن غرفة في هذا البيت الاعتقاد بأن هناك عاصماً من النيران.
أتكلم هنا عن السياسة أيضاً.. عن حسابات المكسب والخسارة.. الطريق إلى السلطة هو طريق الجميع وليس من العقل في شيء الإضرار بهذه الطريق حتى تحت عادة الكيد أو قوة الأحقاد.. أو الانتهازية المقيتة.
لقد قيل قديماً إن الجنون فنون.. لكن في الراهن اليمني يجب أن لا ننسى أنه حتى الجنون يحتاج الى عقل!!