يحيى علي نوري -
تركيز التنمية على المناطق النائية وذات الطبيعة الجغرافية الصعبة ضرورة ملحة خاصة بعد أن أكدت الأيام فظاعة استغلال تلك المناطق من قبل العناصر الخارجة على النظام والقانون.. حيث تمثل لها مرتعاً خصباً لنشر سمومها في أوساط المواطنين وتوظيف معاناتهم جراء الفقر والجهل والمرض في خدمة أجندتهما التدميرية.
وبما أن موضوع التنمية في تلك المناطق بات يمثل قضية رأي عام فإن الحكومة والمسؤولين عن التخطيط وبرمجة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية مطالبون بسرعة إعطاء تلك المناطق الأولوية والاهتمام والرعاية بصورة استثنائية تعكس حرص الدولة في القضاء على كافة البؤر التي تهدد أمن وسلامة الوطن وتعرض إمكاناته وقدراته للهدر والضياع.
وحقيقةً أن حكومة عبدالقادر باجمال كان لها- وعلى إثر الحرب الأولى للمتمردين الحوثيين- أن وقفت أمام ما سمته حينها باستراتيجية انسيابية لتنمية المناطق النائية، كما شكلت يومها فريقاً وزارياً للوقوف أمام المتطلبات التنموية العاجلة لتلك المناطق وتقديم المزيد من الرؤى والتصورات التي من شأنها ان تساعد على انسيابية حركة عجلة التنمية سواء أكان ذلك على صعيد خطط وبرامج الحكومة أو على صعيد خطط السلطات المحلية الواقعة تلك المناطق في إطارها.
إلا أن تلك الخطوة الحكومية - للأسف الشديد - سرعان ما بدأت تتلاشى من يوم لآخر بصورة عكست عدم جدية الحكومة في التعاطي مع تلك القضية التي باتت تمثل قضية استراتيجية بكل ما يعنيه هذا المصطلح من مدلول ومفهوم، وهو ما يعني أن تفاعل الحكومة مع قضايا من هذا القبيل يجب ألاّ يكون عاطفياً وكردة فعل لما يصيب الوطن من تداعيات خطيرة جراء ممارسات العناصر الإرهابية، وبعدها سرعان ما نجد هذا الاهتمام قد طواه النسيان حتى يحدث- لاسمح الله- حدث جلل بفعل الارهاب والتطرف الفكري.
نقول ذلك من منطلق الحرص الكبير على ضرورة أن تستغل الحكومة الأوضاع الراهنة خاصة في محافظة صعدة باعتبارها قد دفعت الثمن غالياً جراء استغلال عناصر التمرد لمناطقها البعيدة والنائية ومن ثم الخطر القادم الذي مثله امتداد تلك العناصر الى مناطق أخرى كانت تتمتع بدرجة عالية من الاهتمام في عملية التنمية.
حيث يتطلع الجميع اليوم الى أن تكون صعدة محطة انطلاق للجهد الحكومي بتنمية المناطق النائية في الوطن وفي إطار من الرؤية الواضحة الجلية والمحددة بدقة متناهية لأبرز الاحتياجات الملحة لتلك المناطق من المشروعات الخدمية والانمائية لتلك المناطق وكذا العمل على تجفيف الاختلالات والفراغات التي تعيشها ولا يؤتمن من خلالها قيام العناصر الخارجة على النظام والقانون باستغلالها للنيل من سياج الأمن والسلم الاجتماعيين اللذين ينعم بهما الوطن.
كما أن على السلطات المحلية في المحافظات التي تعاني افتقار العديد من مناطقها لعملية التنمية أن تكثف جهودها هي الأخرى في إعداد برامج تنموية فاعلة والحرص على تعزيز المشاركة الشعبية في خدمة تلك المناطق وإخراجها من حالة العزلة التي تعيشها.. ومن الضرورة بمكان أن نشير هنا إلى دور الاعلام الرسمي في تقديم الصورة الكاملة لطبيعة الواقع المعيش لتلك المناطق وتوسيع رقعة اهتمام الرأي العام وبمختلف فعالياته المدنية والابداعية والجماهيرية في الاهتمام بها، وتهيئة كل ما من شأنه العمل على مد جسور الاتصال والتواصل مع مختلف تلك المناطق النائية والبعيدة وبالصورة التي تجسد حقيقة الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة كافة المخاطر التي تحدق بالوطن.
خلاصةً: إننا وعلى ضوء التداعيات والنتائج الخطيرة التي خلفتها الحرب السادسة ضد المتمردين في صعدة، يجب أن نستفيد من الدرس وأن نحرص على عدم تكرار ما حدث وأن نؤكد قدرتنا على التعامل الإيجابي والفاعل مع الأزمات وفن إدارتها وتجاوز تداعياتها باقتدار وثقة.