لينا باشراحيل -
بعد أن كانت المرأة حبيسة جدران أربعة وبعدما كانت لها مجرد خرجتان في العمر ، واحدة لبيت زوجها والأخرى للقبر، وبعدما كانت مجرد قطعة من قطع البيت أو ديكوراً موضوعاً فوق الرف ولا يؤبه به، وبعدماكانت مجرد وسيلة وأداة لتفريخ الأطفال والحفاظ على النسل.. وبعدما كانت تستوعب درساً لا أرى لا أسمع لا أتكلم جيداً..
وبعدما كانت مسلوبة حق التعبير والتفكير وحق اتخاذ القرار في كل شيء حتى في تربية أطفالها واختيار شريك حياتها.
ها هي الآن قد ثارت ثورة عظمى على هذا الصمت النسوي الطويل وشرمت جداره.. وأصبحت تقول بملء فمها : لا للعنف بكل أنواعه، ولا أقبل ولن.. ولاأرى هذا صائباً، ولا أريد أن أكون مجرد صورة على غلاف أو دمية إشهارية وبضاعة تجارية..
وها هي قد حصلت على حق التعلم وحق العمل وحق اتخاذ القرار والمشاركة السياسية ولو كانت بشكل محتشم أو فقط لتنميق وتذويق سمعة البلاد والعباد ومجاراة للدول المتقدمة والتقارير وللمواثيق الدولية، فهذا لا يهم ومع ذلك فهذه بادرة جيدة والمهم هو البداية.. وما رحلة الألف ميل الا بخطوة واحدة فقط.. وما على نسائنا إلا الاهتمام أكثر بالهم السياسي والانخراط الحزبي والجمعوي بشكل أكبر وانتزاع هذا الحق بشكل مساوٍ أو حسب الأهلية والمصداقية لكل امرئ، وحتماً ستتحسن الوضعية السياسية لبلادنا لما يصبح المرء المناسب في المكان المناسب.
كما حصلت مؤخراً على حق التطليق واحتضان أطفالها وإن كان بمساطر غير سهلة ومعقدة.. المهم هو النتيجة وماعلى المرأة سوى القليل من النضال والطموح لتحقيق هذا المطلب بعجالة.. ولم يقف الأمر هنا، فقد باتت المرأة الآن تقاسم أخاها الرجل في جل المهام وفي جل المجالات بما فيها السياسية والاقتصادية والثقافية.. وذات قلم وكلمة نافذة ترهب وتزلزل .. يضطر أمامها الجبناء لإسكاتها وإدخال صوتها الى حلقها والتراجع عن الطريق الذي اتخذته سوى الحكم عليها بالفناء الأبدي والتصفية الجسدية كما جرى مع الصحافية الشابة أطوار وغيرها.
ورغم كل المثبطات والعراقيل التي تعترضها ها هي الآن تكتب وتخطب بصوت مسموع وتحاول في كل فرصة إيصال ما يعتمل بصدرها وتندد بكل مايلحقها من أنواع العنف سواء الجسدي أو اللفظي أوالتحرش الجنسي وكل أنواع الاستغلال.
وها هي تزرع وتحصد ثمار زرعها، وها هي لاتزال تناضل وتناضل من أجل تحقيق مبتغاها.. حتى تصبح نصف المجتمع ورنته النقية التي تجلب لنا الهواء النقي وبالتالي إعطاء أجيال صالحة وغير مصابة بداء الضيقة النفسية وقادرة على المجابهة والمواجهة لكل المعضلات وإيجاد حل لها واقتلاع الحق ولو يكون مزروعاً في الحديد.
وها هي ماتزال تقطع الاشواط والمسيرات الطوال للوصول الى ما وصل إليه شقيقها الرجل ، وها هي ماتزال سائرة في درب الأمل دون التفكير أو النظر للوراء.. ولن تسمح لأي توجه أو اتجاه أن يهدم الصرح الذي بنته طوبة طوبة.. وتعبت من أجله ودفعت الكثير لتحقيقه على أرض الواقع.. ولن تسمح مهما كلفها الأمر، لأية جماعة أو أي توجه يعلق عليها شماعةالتغيير لصالحه أو يعتبرها سبب التأخر.. أو يعتبرها مجرد عورة يجب رجوعها الى ماكانت عليه، أو يجعلها مجرد مادة إشهارية جيدة لترويج البضائع والمبيعات.
فمزيداً من المثابرة ومزيداً من الأمل والاجتهاد، فما ضاع حق وراؤه مطالب .. والحق ينتزع ولا يقدم على طبق من ذهب..