كتب/ توفيق الشرعبي - كثيرة هي المواقف التي نستشعر فيها القانون.. نسترجع نصه أو نتمعن في ماهيته.. وكثيرة هي المسئوليات التي تُلقى على كاهلنا فنمنحها ما تيسر من الاهتمام لنبقيها علينا لاغير.. أما الرقابة فتصبح البوابة الرئيسة للانفلات نحو أو عكس ما يدير المسئول ويريد المواطن.. فلماذا الانفلات دائماً يتسيَّد مواقفنا ومواقعنا..؟! تركوها عنوةً > كأنه أصبح لازمة في كثير من المهن لكثير من المجتمعات، والأسباب تتباين وتتعدد.. انفلات وزارة الزراعة عن مهامها من حيث الرقابة على السموم، دخولها، استخدامها، سميتها، استيرادها و.. و.. وإلخ.. يجعلها على المحك في بقية مهامها.. لم تعط الزراعة حقها وتشجع الفلاحين بالارتباط بالأرض وبالحرفة والحفاظ على المدرجات التي ميزت بلادنا عن كثير من البلدان.. بروعة تشكيلها واتقان هندستها ما دفع حمود عبدالوهاب إلى ترك قريته ومدرجاته وحرفته ليتجه إلى المدينة بحثاً عن الرزق.. لم يكن ما فعله- بحد قوله- إرادياً أو اختيارياً وإنما في ظل عدم اهتمام وزارة الزراعة بالمزارعين وغياب دورها في هذا الجانب- وهي كما قال- أي الفلاحة والأرض مصدر العيش لأبناء الريف.. وبسبب غياب السدود وفي ظل شحة المياه وقلة الامطار.. كان الانفلات سيد الموقف ما دفعنا لترك ما ارتبطنا به منذ الصغر.. ويضيف حمود رغم الانفلات القائم إلاّ أننا نتعشم خيراً في المرحلة القادمة بناءً على توجهات وتوجيهات فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية للحكومة لتنفيذ برنامجه الانتخابي وهذا أملنا الوحيد لعودتنا إلى الأرض التي أهملناها في ظل غياب دور الجهات المعنية تجاه المزارعين!! تسرُّب > ولم تكن وحدها الجهات المعنية عن الزراعة هي من تسيدها الانفلات الحاصل تجاه ما وجدت من أجله، فهذا قطاع التعليم يعاني انفلاتاً وتسرباً في أوساط التعليم حيث بلغ تسرب الطلاب في الصف الأول أساسي 13.7٪ وهي نسبة كبيرة في وقت نحن بأمس الحاجة إلى مكافحة الأمية والسعي نحو تحقيق التعليم للجميع. تكلفة باهظة > ولو استعرضنا التكلفة التي مثلت هدراً مالياً كبيراً في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من شحة الموارد ومحدوديتها.. هذه التكلفة بلغت (6.54 مليار ريال) عام 2002-2003م حسب تقرير حكومي، بينما بلغت 9.08 مليار ريال عام 2003-2004م، هذا فيما يتعلق بالتعليم الأساسي والانفلات سيد الموقف.. أما التعليم الثانوي فنسبة التسرب 19-20٪ وبالذات بين الذكور ويرجع ذلك لضعف مستوى دخل الأسرة مما يدفع بالطلاب الثانويين للانخراط في سوق العمل. حصص مُهدرة > ويظل التسيب والانفلات شبحاً يتخلل تصرفاتنا اليومية ويخترق مسئولياتنا، فلو رجعنا إلى التقرير الحكومي الذي درس مؤشرات التعليم لوجدنا بسبب الانفلات الإداري 841 و342 حصة دراسية مهدرة شهرياً على افتراض ان عدد الحصص التي يؤديها كل معلم ما يمثل في المتوسط 24 حصة شهرياً يمكن أن يقوم بها 14.284معلماً.. وباعتبار أن متوسط راتب المعلم 25.000 ريال شهرياً قبل تنفيذ استراتيجية الأجور، فهذا يعني ان الانفلات والتسيب يكبد الدولة مقابل هذه الحصص المهدورة 4.286 مليار ريال. عارف أحمد تربوي أرجع سبب التسرب لدى الطلاب الثانويين إلى الثقافة التي بُثَّت وتُبث عبر العاطلين عن العمل بعد تخرجهم من الجامعات والتي تتمثل »ماذا استفدنا من الدراسة؟« أو »قد درس فلان ما الذي ناله؟« وهكذا حتى تولَّد لدى الكثير من الطلاب الاحباط وارتسم أمامهم المستقبل المجهول.. وما يخص الحصص فنحن حقيقةً نهدر كثيراً من الحصص المتأخرة.. أي الحصة السادسة والسابعة- بسبب الانفلات الإداري في غالب الأحيان. وفقاً للقانون!! > ويستمر الانفلات لينفث حسين الرداعي دخانه المصطدم بزجاجات مغلقة وأمام أنوف كثيرة أُجبرت مكرهة على الاستنشاق في »البيجو« المتجه من صنعاء إلى تعز.. خاطبه أحد الركاب »أطفئ سيجارتك لو تسمح« رد وبكل ثقة »اللي معجبوش ينزل«!! قالها حسين وهو يعطي »ولاعته« للسائق كي يشعل الأخير سيجارته هو الآخر!! آهٍ كم كان ذليلاً وحقيراً ذلك اللاصق على »البيجو« والذي يحمل عبارة »وفقاً للقانون يمنع التدخين منعاً باتاً في وسائل النقل العامة« حينها كان الانفلات الرقابي سيد الموقف لذا انتج تصرفات تؤدي إلى أذية الآخرين!! تجار الشنطة > ويتعدى الانفلات ليصل إلى قوت البشر ويتحكم بحياتهم »بسبب تجار القمح والدقيق الذين يفرضون شروطهم حول الأسعار ويتمسكون ويمنعون نزول القمح والدقيق إلى الأسواق« وهذا هو ذروة الانفلات الرقابي.. فاستيراد السلع أصبح بالمزاج يدار بعيداً عن اللوائح حتى غدا المستوردون »تجار الشنطة« كما وصفهم فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية- حفظه الله- ويمتد الانفلات إلى الجهات المختصة والذي يعوِّل عليها المواطن الكثير لكنها لاتتعامل مع ما يضبط إلا وفق رؤيتها!!. وإذا كان دور وزارة الصناعة والتجارة قد اقتصر على ضبط جودة السلع وضبط أسعارها فأين هذا الدور الذي تسيده الانفلات؟! ختاماً > يبقى الانفلات الأخطر ضمن روزنامة الفساد التي تستشري في مفاصل الإدارات والمؤسسات العامة ولن نستطيع الحد منه إلاَّ بتطبيق القوانين ثواباً أو عقاباً. |