كتب: علي الشعباني - فخلال الاسبوع المنصرم أقدمت عناصر إرهابية على استهداف الدبلوماسيين البريطانيين وعدد من المنشآت الحكومية في محافظات عدن وشبوة وأبين إضافة الى اغتيال كل من رياض الخطابي نائب مدير الأمن السياسي بشبوة، وكذلك الضابط عبدالعزيز باشراحيل ومدير مديرية مودية محمد البهام والاعتداء الغاشم الذي تعرض له محافظ محافظة أبين وعدد من مرافقيه خلف عدداً من القتلى والجرحى وكلها أعمال إجرامية بشعة.
وفي المقابل تكبدت عناصر القاعدة خسائر فادحة طيلة الفترة الماضية شملت القبض على قيادات بارزة من التنظيم آخرهم المدعو هاني الثريا، إضافة الى مقتل ما يزيد عن 35 عنصراً بارزاً في محافظات شبوة وأبين وعدن.
جيش مزعوم
التطور الآخر الذي يستحق الوقوف أمامه بجدية هو إعلان الإرهابي قاسم الريمي ان تنظيمه يعيش وضعاً مادياً صعباً بسبب انقطاع الدعم المالي الذي كان يصلهم من بعض الدول المجاورة.. ولذلك خاطب من يدعوهم الى المشاركة في جيش عدن أبين المزعوم بقوله: نقول للاعداد التي وصلت من الاخوة ثم اعتذرنا منهم أنا لانجد ما نحملكم عليه وليس في مقدورنا في هذه الفترة استيعابكم».. اعتراف الريمي بهذه الحقيقة كانت قد سبقته في ذلك وفاء الشهري زوجة سعيد الشهري الرجل الثاني في التنظيم عندما اشتكت لوالدتها المعروفة بأم هاجر الازدي أوضاعها المعيشية الصعبة التي تعيشها هي وأولادها الثلاثة التي قالت انهم يعيشون في منزل أشبه بالسجن لا يستطيعون الخروج منه.
هذا الوضع الذي تعاني منه القاعدة هو نتاج طبيعي للجهود التي يقوم بها رجال الأمن في محاربة الارهاب وتضييق الخناق على عناصره وتجفيف منابعه، والملفت في هذا الأمر أن كلاً من الريمي ووفاء الشهري يؤكد أن حقيقة ضعف إمكانات القاعدة المادية في اليمن وتراجعها بشكل كبير بيد أ ن إعلان الريمي عن إنشاء جيش عدن أبين يبدو كذبة كبيرة الهدف منها إثارة لغط وبث للرعب بين الناس ومحاولة لكسب ولاءات أبناء المناطق الذين يؤمنون بخروج جيش عدن أبين ينصر به الله الاسلام والمسلمين ولكن أي جيش هذا الذي يتحدث عنه الريمي والذي هو بعيد تماماً عن الجيش الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم مقارنة بجيش الريمي وما يقترفه من جرائم بحق الإسلام والمسلمين.. ففي الوقت الذي نجد المدعو الريمي يعترف بفقره وافلاسه وعدم تعاطف الناس معه ودعم عصاباته.. في الوقت ذاته نجده يعلن عن إنشاء جيشه المزعوم.. ليكذب نفسه بنفسه.. ويفضحه الله أمام خلقه وبعظمة لسانه.
زرع الوهم
والشيء الآخر الجدير بالتناول هو أن الأيام الماضية اظهرت أن استراتيجية القاعدة اصبحت تتحول عن المسار الذي كانت عليه من يوم لآخر خاصة بعد أن صارت تلك العناصر مطاردة في الجبال والسهول والأزقة لتتبنى استراتيجية استخدام الخدعة والوهم والترهيب والضجيج الاعلامي.
فلو عدنا الى قراءة بعض عمليات القاعدة التي نفذتها مؤخراً لوجدنا أن أكثرها تتم عبر تلغيم الحمير والحيوانات أو تفخيخ الاطفال بالأحزمة الناسفة كما حدث في الاعتداء الفاشل الذي استهدف السفير البريطاني بصنعاء اضافة الى استخدام اسلوب الاغتيالات الغادرة لعدد من رجال الأمن ويحرص الإرهابيون على استخدام هذا الأسلوب حفاظاً على من تبقى من عناصرهم التي يبدو أنها اصبحت تعد بالأصابع.
كل ذلك يعتبر تكتيكاً جديداً لايجب التساهل معه رغم أن الهدف منه هو الضجيج الاعلامي لأن أي تساهل قد تكون عواقبه وخيمة خاصة وأن تنظيم القاعدة إذا صدق الريمي يتجه صوب تأسيس جيش لتهديد أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم بأسره، لذلك فإن الأجهزة الامنية مطالبة باليقظة العالية لحماية انفسهم أولاً، والوطن من هؤلاء الأشرار.
الأمن في مرمى القاعدة
منذ بداية العام الجاري لا يكاد يمر اسبوع حتى نسمع عن جريمة اقترفتها عناصر القاعدة ضد رجال الأمن وخاصة منتسبي الأمن السياسي الجهاز الامني الأكثر تضييقاً للخناق على تلك العناصر والأنجح استخباراتياً في محاربتها ومواجهتها وإحباط الكثير من عملياتها الإجرامية.
ولإدراك القاعدة أنها على وشك الانهيار خاصة في الجانب التنظيمي الذي تم خلخلته وتحطيم دعائمه عبر القضاء على أهم قيادات التنظيم والقبض على بعضها الآخر لذلك حولت القاعدة استراتيجيتها من الدفاع الى الهجوم ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة تتمثل في تنفيذ عدد من عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية الغادرة لضباط الأمن السياسي ومديري الأمن والبحث الجنائي مستفيدة بشكل كبير من تنامي اعمال التخريب والشغب المصحوب بالانفلات الأمني في بعض المحافظات الجنوبية لكي تتمكن من تشتيت جهود الأجهزة الأمنية بالاختفاء وراء المدنيين وبالذات المغرر بهم أو حماة القاعدة مما يسمى بالحراك لتنفيذ أعمالهم الإجرامية وهي استراتيجية هدفها التخلص من الطوق الخانق الذي يفرضه عليها جهاز الأمن السياسي حيث وقد بدأت باغتيال عدد من الضباط المتقاعدين مما أثار المخاوف من أن تطال تلك الاغتيالات عدداً من الضباط الميدانيين.. ودون أن يتخذ جهاز الأمن السياسي إجراءات كافية لحماية منتسبيه على الاقل الفاعلين في الساحة.. وبعكس ما يعتقده البعض بأن جهاز الأمن السياسي اصبح عاجزاً وغير قادر على التعامل مع مستجدات وتطورات المعركة سواء العملياتية أو اسلحتها الميدانية أو التقنية مع القاعدة.. يعتبر الأمن السياسي من أكفأ الأجهزة الأمنية وأكثرها خبرة وقدرة على التعامل مع مختلف العناصر والجماعات الارهابية والتخريبية نظراً لقاعدة المعلومات الكبيرة التي يمتلكها وكذلك لخبرة منتسبيه وعلاقته ككيان مؤسسي بمختلف مكونات المجتمع.
زوبعة إعلامية
وهنا يطرح سؤال مهم وهو هل ما يتعرض له منتسبي الأمن السياسي من استهداف لمقاره هو نتيجة حالة الشيخوخة والترهل الذي وصل إليه كما يقال؟
بكل تأكيد لا.. فما يتعرض له منتسبو جهاز الأمن السياسي هو أمر طبيعي وردة فعل انتقامية لتنظيم القاعدة يراد من ورائها احداث زوبعة إعلامية ومحاولة لضرب معنويات منتسبي الجهاز أو على أقل تقدير احداث تأثير نفسي سلبي لديهم فحجم الضربات القاصمة التي ألحقتها الأجهزة الامنية بالقاعدة تظهر أن ما تقوم به تلك العناصر من عمليات استهداف لجهاز الأمن السياسي ليست سوى محاولات بائسة لإثارة الرعب بين أوساط من لا يخافون الرعب من جنود الوطن الأوفياء، ولكن ذلك لا يعفي قيادة الأجهزة الامنية كافة.. من تحمل تبعات ما يتعرض له منتسبيها ومن ذلك عدم تزويدهم بالتعزيزات البشرية والمادية والاسلحة الكافية لخوض مواجهة كهذه والا كيف يمكن لثلة من تلك العناصر الارهابية من اقتحام بعض المباني والإدارات الامنية في بعض المحافظات بكل سهولة والخروج منها سالمة.
ومع ذلك يجب التأكيد أنه لا يمكن الحكم على أية جهة أمنية بالفشل أو الضعف أمام أعمال غادرة كهذه بل ان ماحدث يؤكد أن من طالتهم أيادي الغدر والإرهاب من رجال الأمن ليسوا الا أنموذجاً مشرفاً للجندي البطل الذي يقدم روحه رخيصة من أجل أمن واستقرار الوطن.
|