|
|
|
الميثاق نت/ كتب - منصور الغدره - إرهاب القاعدة وتهديدها لكل من يحاول ردعها، سيظل يلاحقنا، ما دام هناك عشرات الأحكام القضائية الصادرة ضد تلك العناصر الإرهابية، لم تر النور ولم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن.
فكل المحاكمات التي نشاهدها اليوم للعناصر الإرهابية من القاعدة وغيرهم، في المحاكم الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب، في أكثر من محافظة، ستظل أشبه بمسرحيات ولن تكون ذات جدوى، إن لم تنفذ أحكام القضاء..
فهناك أحكام صدرت خلال السنوات الماضية عن هذه المحاكم، منها قضت بعقوبة السجن، وغيرها تقضي بالإعدام لعناصر إرهابية.. ولكن منذ أن عرفت اليمن ظاهرة الإرهاب في عام1996م، لم تجد تلك الأحكام طريقها إلى التنفيذ، عدا حكم وحيد فقط، هو الذي نفذ في ساحة السجن المركزي، وهو الحكم الصادر بحق الإرهابي «أبو الحسين المحضار»، زعيم تنظيم ما كان يسمى بـ» جيش أبين- عدن» والذي أسسه عام 1997م، والذي كان وعناصره قد أقدموا عام 1998م على اختطاف 16 سائحا أجنبياً والتوجه بهم الى جبال المراقشة محافظة أبين- وقتل بعضهم، وعلى اثر ذلك تصدت قوات من الأمن والجيش لأعمال الإرهابيين، وتمكنت من تحرير الرهائن الأوروبيين والقبض على «أبو الحسن المحضار» وعدد من أتباعه..وقدموا إلى المحاكمة، وبعد سنوات صدر حكم بإعدام المحضار دون أتباعه، وتم تنفيذه- كما أشرنا أعلاه.
وعقب عملية اختطاف جيش عدن- أبين، للسياح، نفذ الإرهابيون هجمات عدة ضد منشآت نفطية ومصالح حكومية وأجنبية وشخصيات سياسية وعسكرية ودبلوماسية، راح ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء، وضيوف اليمن، وتكبد الاقتصاد الوطني عشرات المليارات من الدولارات، نتيجة تراجع السياحة الوافدة إلى بلادنا، وكذلك تراجع الاستثمارات الأجنبية وزيادة نسبة التأمينات على السفن وغير ذلك.
وفي الوقت الذي تزايدت فيه الاعتداءات الإرهابية، كان يتم الإعلان عن ضبط عدد من الإرهابيين، وتقديمهم إلى المحاكمات وصدرت كثير من الأحكام بعضها قضت بعقوبة الإعدام لكن تلك الأحكام لم يعرف مصيرها حتى الآن..
لقد تسبب التعامل السلبي مع أحكام القضاء وإخضاعها للمساومات في المزيد من الإضرار بالوطن، الأمر الذي جعل تنظيم القاعدة، الذي أصبح تنظيماً إرهابياً عالميا، يعزز من بنائه، مستغلاً تسامح وعفو الدولة لمواصلة تآمره على اليمن، فاختاره ليكون موطناً أو قاعدة لنشاطه الإرهابي، ويؤكد ذلك التسجيل الصوتي للقيادي في التنظيم السعودي نايف القحطاني بعنوان «هيا إلى اليمن»، والذي دعا فيه أعضاء التنظيم المتواجدين في السعودية إلى التوجه لليمن، وقد بث ذلك التسجيل مواقع القاعدة في مارس 2008م، وكان ذلك مؤشراً على عزم التنظيم نقل مقر قيادته من السعودية إلى اليمن بعد أن ضيقت السلطات السعودية الخناق عليهم، فوجدوا اليمن المكان الملائم لأعمالهم الإرهابية ولنموهم، خاصة في ظل التسامح وعدم تنفيذ أحكام القضاء.
و بعد إعلان دمج فرعي تنظيم القاعدة في السعودية واليمن في يناير 2009م، يلاحظ تزايد عدد الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها اليمن حيث وصل إجمالي العمليات الإرهابية التي نفذتها عناصر القاعدة عام 2009م، إلى حوالى 56 عملية إرهابية، وفق التقرير الحكومي المقدم إلى مجلس النواب العام الماضي، فضلاً عن إحالة 25 قضية إرهابية متهم فيها 116 إرهابياً و فاراً، إلى النيابة ومن ثم إلى المحاكم..
أما خلال السنوات الأربع الماضية، فقد بلغ عدد المتهمين بالانتماء لـ(القاعدة) (813) تم الإفراج عن بعضهم بتعهدات وضمانات، إضافة إلى أن هناك حوالى 93 آخرين سلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية.
وفي الوقت الذي نجد ان العمليات الإرهابية للقاعدة في اليمن قليلة جداً، حيث لم تتعرض البلاد خلال الفترة الممتدة من عام 2003- 2006 م، سوى لـ (12) اعتداء إرهابياً، في حين أصبحت عناصر التنظيم اليوم تنفذ أكثر من عملية إرهابية وفي أكثر من مكان، وتستهدف مواقع وأهدافاً حساسة ومهمة للغاية.. وتركز على إلحاق الضرر بمصالح اليمن بدرجة رئيسية، وليس الغير- الأجانب- على اعتباره عدواً، حسب مفهومها السابق، حتى عندما تستهدف المصالح والمنشآت الغربية، أو البعثات والرعايا الغربيين، فهي لا تستهدف إلا من ترى أنه سيلحق الضرر باليمن.
إن نمو مخالب وأنياب القاعدة في اليمن، يعود في الأساس إلى الأسلوب الخاطئ الذي تعاملت به السلطات المختصة معهم، وهو الأسلوب ذاته الذي تعاملت به مع الانفصاليين والمتمردين وقطاع الطرق والخاطفين..
وها نحن نكتشف أخيراً أن الإرهابي يبقى إرهابياً، ولا يمكن إصلاحه، لا بالحوار ولا بالعفو ولا بالتسامح ولا بغير ذلك، وهذه الحقيقة تؤكدها الأحداث التي تشهدها الساحة أو المواجهات مع الإرهابيين، حيث إن برنامج الحوار الفكري الذي تم اتباعه، وأطلق بموجبه أكثر من 314 عنصراً من المعتقلين على خلفية انتمائهم لتنظيم القاعدة، معظمهم لهم علاقة باعتداءات إرهابية، اليوم كثير من المؤشرات تُظهر لنا أن كثيراً ممن تم اطلاقهم قد باشروا فور خروجهم من السجون، في استقطاب وتجنيد الشباب إلى تنظيم القاعدة، بدليل أن كل الأعمال الإرهابية الأخيرة نفذها الشباب الذين التحقوا بالقاعدة عقب عام 2006م.. كما أصبحت القاعدة تدفع بهم إلى تنفيذ العمليات الإرهابية وبشكل كبير جداً ودون تخطيط على عكس ما كانت تفعله من قبل، حيث لم تكن تقدم على تنفيذ أية عملية إرهابية، إلا وكان الحفاظ على سلامة عناصرها يحتل الأولوية باعتباره أساساً في فكر واستراتيجية التنظيم، لكن العبث بالشباب يعكس النزعة الانتقامية للخارجين من السجون.. ويتجلى ذلك بمسرحيات الاستسلام، والحرص على العيش في المناطق النائية والقبلية.. وتغرر بالشباب و تقدمهم على هيئة كتائب إرهابية، وتخوض مواجهات وفي أوقات كانت القاعدة لا تعدها فترة مناسبة لنجاح عملياتها الإرهابية وسلامة عناصرها، ومع ذلك نجدهم يهاجمون في أي وقت ويخوضون مواجهات مع الأجهزة الأمنية، ونما الفكر الإرهابي للتنظيم إلى مستوى تحديد واختيار الأهداف والإعلان عنها وعدد عناصر التنفيذ وأعمارهم، دون خوف على سوء المصير الذي سيلاقيه اولئك المغرر بهم.. وتحاول القاعدة من وراء ذلك إثارة الرعب في أوساط المجتمع، والجهات المعنية بمكافحة الإرهاب، ولم تكتف بذلك بل وصل بها الصلف إلى حد إعلانها قائمة بأسماء مطلوبين من القيادات والأمنية والعسكرية، نموذج قائمة الـ55 اسماً والتي أعلنتها قبل شهر، فضلاً عن القائمة التي طالت عدداً من القيادات الأمنية التي استهدفتها منذ أن أعلنت الحكومة حملتها للقضاء على الإرهاب ودك أوكاره.
هذا التصعيد الخطير كان بالإمكان تجنبه لو مارست الحكومة سياسة شديدة مع الإرهابيين كما تعاملت مع جريمة اختطاف السياح الأوروبيين من قبل أبو الحسن المحضار، وبرغم الدور الخطير الذي قام به حينذاك المصري أبو حمزة وإرساله عدد من المقاتلين الأجانب لمساندة المحضار وتنفيذ عمليات ضد أهداف أجنبية، إلا أن الحكومة تعاملت مع الإرهابيين بحزم ورفضت تلبية مطالب جماعة أبو الحسن المحضار بإطلاق سراح عدد من الجهاديين المحتجزين لديها مقابل إطلاق السياح، وقامت بتنفيذ عملية عسكرية لإطلاق سراح المختطفين بالقوة أسفرت عن مقتل أربعة من السياح البريطانيين وإطلاق الباقين واعتقال أبو الحسن المحضار وتقديمه للمحاكمة وإعدامه عام 1999م.
ولكن للأسف - الأخطاء في التعامل مع القاعدة قادت إلى إقدام العناصر الإرهابية -مؤخراً- على اطلاق تهديدات لقضاة المحاكم الذين ينظرون في قضاياهم بالتزامن في كل من صنعاء وحضرموت أثناء الجلسات.
فعند محاكمة عنصرين من القاعدة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في محافظة حضرموت، مطلع أكتوبر الجاري، وجه احدهما- أثناء الجلسة- تهديداً صريحاً وواضحاً لرئيس وأعضاء هيئة المحكمة بقوله:» سيكون مصيركم نفس مصير المتآمرين على المجاهدين»، فيما قال الإرهابي الآخر: «نحن واثقون من أننا سنخرج براء وسيكون الحساب خارج قاعة المحكمة».
وعلى اثر تلك التهديدات، أجلت المحكمة عقد جلساتها، وذكر مصدر قضائي: انه بسبب هذه التهديدات قرر رئيس المحكمة تأجيل النظر في القضية أسبوعين، دون أن يحدد موعداً دقيقاً لذلك.
الأسبوع الماضي وفي جلسة النطق بالحكم على عناصر أخرى من القاعدة في صنعاء، منهم خبير المتفجرات للقاعدة صالح الشاوش، الذي رد على القاضي عقب تلاوته لحكم الإعدام الصادر بحقه، بالقول : «إن شاء الله زوالكم على أيدينا، والبداية من أبين»، كما تحدى القاضي بتنفيذ حكمه وإعدامه وقال له» أتحداك تنفذه:»، علماً أن المذكور كان قد طلب من الجلسة الأولى للمحاكمة تسريع الحكم.
وتزامن ذلك مع إقدام عناصر من التنظيم، قبل أسبوعين على مطاردة سيارة الشرطة التي تقل عناصر من القاعدة بعد جلسة المحاكمة، وقد اشتبكت الشرطة مع الإرهابيين وتم اعتقال خمسة منهم.. لذلك فرضت خلال جلسة محاكمة الإرهابي الشاوش وتهديده للقاضي، تدابير أمنية مشددة حول مقر المحكمة حيث انتشر عشرات من رجال الأمن بلباس مدني في المكان.. واستمرت التدابير حتى بعد صدور الحكم، وابقي الشاوش داخل مقر المحكمة لفترة، وفي وقت لاحق أعيد إلى السجن وسط إجراءات أمنية غير اعتيادية.
خلاصة ً.. لسنا بحاجة لان نظل ننفق مخصصات التنمية على الحواجز الأسمنتية والخرسانية، واتخاذ التدابير وتشديد الإجراءات الأمنية، حول السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنشآت والمرافق العامة والخاصة والمساكن والسكان وأخيراً لحماية القضاة والمحاكم، وقاعات جلسات المحاكم..
اذاً لابد من تنفيذ الأحكام القضائية، وخصوصاً تلك التي سبق وان اصدرتها المحاكم اليمنية، خاصة أحكام الإعدام، وهي بالطبع احكام عدة، و بغير التنفيذ لا جدوى من إصدارها أصلاً..
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|