ناصر العطـار -
< على مر الزمن وفي احلك الظروف والمنعطفات وجيلاً بعد جيل الى ما شاء الله تتحقق نبوة خير خلقه وخاتم أنبيائه الصادق الأمين محمد بن عبدالله »عليه الصلاة والسلام« لقوله بما معنى الحديث: جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة.. الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية.
فكل من قصد اليمن وأبناءه يجد الصدر الرحب وكرم الضيافة والحفاوة والترحاب، كما يجده عند الشدائد قلعة حصينة وصفاً واحداً للتصدي للشر وأذياله.. ذلك ما هو مجسد واقعاً وتاريخاً، ومن لايزال في ريبة أو شك عليه أن يتصفح مسيرة اليمن وأبنائه العطرة منذ ما قبل عهد الملكة بلقيس وما تلى ذلك حتى يومنا هذا، ولاشك أنه سيدرك الحقيقة والصواب.. أما الذين في قلوبهم مرض فلن تتغير مواقفهم وأهواؤهم، حتى ولو كانوا شهوداً على تلك المواقف العظيمة في معاملة الأنصار للمهاجرين أو شهوداً على ثورات الشعب وتصديهم للاستعمار والاستبداد وممارسة حقوقه في حكم نفسه نفسه عبر الممارسة الديمقراطية والتنافس الانتخابي والاحتكام لإرادة الشعب.. إن حديث اليوم وبشهادة القاصي والداني على نجاح اليمن شعباً وحكومة وقهر التحديات بإقامة خليجي عشرين وتحويل عدن وأبين وكل اليمن الى واحة فرح وسعادة وحمامة سلام ومنبع للثقافة والمتجسدة في »خليجي عشرين« رغم التكهنات وزيف الأقوال والمواقف التي حيكت زوراً وبهتاناً.
بعد ذلك النجاح بدأت الصورة تتجلى لتبشر بمستقبل آمن ومزدهر في ظل المؤسسات الدستورية والقانونية دولة النظام والقانون.. وذلك ما بدا واضحاً في خطاب فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والذي وجَّهه لجماهير الشعب بمناسبة العيد الـ43 لعيد الاستقلال الثلاثين من نوفمبر 1967م.. وما جاء في مضمونه من تأكيد على التمسك بالديمقراطية عن طريق الشعب وتجديد الدعوة لكل القوى السياسية لإكمال مشوارها في إقرار التعديلات على قانون الانتخابات العامة وفقاً لمقترح أحزاب المشترك القاضي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة.. ومن خلال التقيد بذلك المقترح والعمل به يكون اليمن قد تجاوز المعضلات والعقبات التي كادت أن تحول رصيده الديمقراطي الى سراب ليصبح لقمة سائغة للمتربصين به والحاقدين عليه.
كل أبناء الشعب يباركون هذه الخطوة للقائد وللأحزاب وكل القوى والشخصيات، كون ما تضمنته من توجيهات بهذا الشأن لم تكن وليدة الساعة أو اليوم وإنما جاءت كثمرة للحوارات والتجارب السابقة، فجذور تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة تعود الى أحزاب اللقاء المشترك، وذلك ما تضمنه البند الثاني عشر فقرة »أ« من اتفاق المبادئ الموقع بين الأحزاب بتاريخ 18 يونيو 2006م.. وما تلى ذلك في وثيقة قضايا وضوابط الحوار والذي تمسك بها المؤتمر في كافة حواراته ومقترحاته وإعلامه ولم يثنِ عزمه على ذلك إلاّ المقترحات البديلة التي طُرحت من قبل حلفائه في الحوارات.. واليوم ستلتقي جميع الأحزاب المتحاورة وكافة منظمات المجتمع المدني ويقفون بمسئولية لإنجاز النقاط المتبقية من أعمال الحوار، وهذا ما يجسد حكمة اليمانيين ويحقق نبوءة رسولنا الكريم »صلى الله عليه وآله وسلم«، كون إقرار التعديلات على قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة هما المحوران الجوهريان لرص الصفوف لإنجاح الانتخابات النيابية في موعدها أبريل 2011م.
إنجاز هذه الخطوة سيسهم في تحسين العلاقات بين أطراف العمل السياسي وسيزيل الشكوك والتوترات التي تخالج بعضها، فاختيار لجنة الانتخابات من القضاة يعني الكثير، فهم متجردون من الحزبية وفقاً للدستور والقانون كونهم قد شغلوا أعمالاً في السلطة القضائية والتي تحرم عليهم ممارسة التحزب.. وذلك سيمنح لجنة الانتخابات من القضاة الحرية والاستقلالية في أداء أعمالهم، كما سيجسد تحقيق مبدأ عدم جواز أن يكون الخصم هو الحكم.
بالتأكيد الانتقال الى هذه التجربة سيعزز من مكانة اليمن في الممارسة الديمقراطية، خاصة وأن المشرع اليمني قد حرص على تعزيز مبدأ الشفافية والرقابة على الأعمال الانتخابية من خلال منح كل مواطن حق طلب الإدراج أو الحذف في الجداول الانتخابية وتقديم الطعون للقضاء ليبت بشأنها، وفي المقابل منح الحق للمرشحين والأحزاب وكل الهيئات الرقابية على الأعمال الانتخابية حق اللجوء للقضاء بكافة درجاته، ونفس الحق والواجب أنيط بلجنة الانتخابات، وهذا ما يجعله من التشريعات المتميزة التي تحاشت حصر حق الرقابة لجهة دون غيرها.
إن اختيار اعضاء اللجنة العليا للانتخابات من القضاة لن يصادر حق القضاء من صلاحيته، كونهم سيمارسون مهامهم باستقلال عن القضاء في اطار المهام والصلاحيات المخولة للجنة العليا للانتخابات وفقاً لنص المادة »159« من الدستور وقانون الانتخابات، فبمجرد اختيارهم لعضوية اللجنة العليا للانتخابات سيكونون متجردين عن العمل في القضاء. {
❊ رئيس دائرة الشئون القانونية بالمؤتمر