كلمة الثورة -
ي الوقت الذي نكرر فيه التهنئة لأبناء شعبنا بذلك النجاح الباهر والكبير لفعاليات خليجي 20 وكذا بمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة، بذكراها العطرة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، فلا يوجد أدنى شك في أننا معنيون بدرجة أساسية باستثمار نتائج هذا النجاح في أكثر من صعيد، خاصة وأن هناك فرصة كبيرة صارت متاحة أمامنا للبناء على تلك الآليات والوسائل والإرادة التي تحلى بها الجميع، وهم يصنعون كل مقومات النجاح المتميز لفعاليات خليجي 20 سواء على نطاق إرساء عوامل الأمن والاستقرار، وحالة الهدوء والسكينة العامة التي سادت مناخات هذه البطولة، أو في جانب تكريس تلك الروح الوطنية الأصيلة، التي تجلت في التفاعل وحماس الجماهير اليمنية، التي توشحت آلافها المؤلفة بعلم الجمهورية اليمنية وظلت تصدح بالنشيد الوطني وتردده بصوت واحد، في تعبير جسد مدى حب هذه الجماهير لوطنها واعتزازها بالانتماء إليه، ناهيك عن السبل التي تهيأت بفضل ذلك النجاح أمام بلادنا لكسب ثقة الاستثمارات العربية والأجنبية، خصوصاً وأن الكثير من أصحاب رؤوس الأموال الذين ظلت تساورهم المخاوف بفعل الحملة الظالمة التي تعرضت لها اليمن خلال السنتين الماضيتين في وسائل الإعلام قد تبددت لديهم تلك المخاوف كُلياً، بعد أن تأكد الجميع من خلال متابعتهم لفعاليات خليجي 20 أن تلك المخاوف ليس لها ما يبررها، وأن اليمن آمنة ومستقرة، وأنها بالفعل واجهة استثمارية واعدة لما تمتلكه من خصائص سياحية وطبيعية وأثرية وصناعية واقتصادية وتجارية، وموقع استراتيجي يجعلها من أكثر البلدان جذباً لرؤوس الأموال.
وإلى جانب هذا وذاك تبرز أيضاً أهمية استثمار ذلك النجاح في إنعاش حركة السياحة وتدفقها إلى بلادنا بالاتكاء على ذلك الزخم الإعلامي العربي والدولي، الذي لاشك وأنه قد أسهم بشكل فاعل في إبراز المزايا السياحية التي حباها الله لليمن، حيث وأن ما قامت به وسائل الإعلام على هذا الصعيد يفوق مئات المرات في تأثيره كل حملات الترويج التي قمنا بها في السابق.
ومن المؤكد أننا جميعاً مطالبون، ومنذ هذه اللحظة، بالبناء على ذلك النجاح والانتصار الكبير الذي حققناه من خلال استضافة خليجي 20، فالحقيقة أننا إذا ما نظرنا إلى حجم المكاسب التي جناها الوطن من وراء هذه الاستضافة سنجد أنها قد شملت كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وهي مكاسب كان يصعب تحقيقها من أي فعالية أخرى مهما كان حجمها ونسبة الإنفاق عليها. ومن غير المنطقي أو الجائز إهدار مثل هذه الفرص والنتائج الإيجابية والانتصارات العظيمة التي أحرزتها بلادنا، من خلال نجاحها في استضافة ذلك الحدث الرياضي الهام، وهو ما لن تسمح به قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، الذي سارع يوم أمس إلى التأكيد على هذه الحقيقة خلال زيارته لمعسكر بدر، فقد جاءت تأكيداته واضحة وصريحة على أن الانتصار الذي حققناه باستضافة خليجي 20 ستبنى عليه كل الخطوات القادمة في كافة المجالات وبما يمكننا من تجاوز التحديات الراهنة وكسب رهانات معركة البناء كما كسبنا تحديات استضافة خليجي 20 وأسقطنا مراهنات كل المتآمرين والمرجفين والمأزومين وأصحاب المشاريع الصغيرة والارتداديين وأبواق الزيف والكذب والتضليل والخارجين على الدستور والنظام والقانون، وتوجيه لطمة مدوية ومؤلمة لهؤلاء الذين انزووا داخل جحورهم كالفئران متدثرين بالخزي والعار والخيبة.
وكما قال أحد الكتاب العرب أن الانتصار الأعظم الذي حققه اليمنيون قد تجلى في إصرارهم على احتضان بطولة خليجي 20 رغم أنف أعداء الحياة، وهو إصرار كان عظيماً ورائعاً وكبيراً ومعبراً عن إرادة الحياة وعزيمة الانتصار والتشبث بديمومة النماء والتطور، واللحاق بركب العصر، وهذا هو الفوز الأكبر والأعظم الذي يتجاوز أي فوز كروي أو رياضي، إذ أن الهدف في هذا الملعب بألف هدف، بل إن الانتصار في هذا الميدان لا يضاهيه أي انتصار في ميدان آخر.
وأمام كل ذلك فإن الواجب يحتم علينا أن نجعل من هذا الانتصار حافزاً لنا جميعاً على المزيد من الإنجازات والانتصارات والتحولات، انطلاقاً من ترتيب أولوياتنا على قاعدة الآليات والإجراءات والحماس والتفاعل، الذي لازمنا ونحن نعد لخليجي 20 طيلة فترة الإعداد والاستضافة لفعالية هذا الحدث التي جرت في محافظتي عدن وأبين، وهو ما أثمر كل تلك المكاسب والنجاحات الكبيرة التي برهنت على أنه ومتى ما توفرت الجدية والإرادة، فلا شيء مستحيل ولا شيء يمكن أن يحول دون بلوغ الغايات والأهداف، والوصول إلى أعلى درجات التميز والتفرد والريادة وصنع المعجزات. وذلك ما ننتظره في قادم الأيام.
افتتاحية الثورة