مراد القدسي - يستحق الجمهور اليمني كل عبارات الإشادة والثناء والتقدير بعد اللوحة الرائعة التي رسمها باستاد 22 مايو في عدن وملعب الوحدة في أبين من خلال حضوره الكبير والمكثف منذ أول يوم لانطلاق بطولة خليجي (20) حيث كانت مدرجات الملاعب تمتلئ بالمشجعين نساءً ورجالاً وأطفالاًَ أتوا من كل ربوع اليمن لمؤازرة جميع المنتخبات المشاركة في البطولة دون استثناء بأسلوب متميز ورائع وحضاري وتشجيع مثالي منقطع النظير دون الخروج عن النص المتبع في التشجيع الراقي ما أعطى انطباعا جيدا لدى كل من تابع البطولة وأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجمهور اليمني هو فاكهة بطولة خليجي (20) وأحد أبرز عناصر نجاحها.
وكان الشيء الرائع في المدرجات هو تواجد جميع أعلام الدول في البطولة بشكل يؤكد التفاعل الكبير والتلاحم من قبل الجماهير اليمنية مع كل دول الخليج في منظر متميز ورائع للغاية ينال الإشادة الكبيرة من جميع الخبراء والنقاد والإعلاميين والمتابعين وجميع الصحف والقنوات الفضائية عربياً وعالمياً لدرجة أن البعض وصفها بأنها البطولة الأفضل من الناحية الجماهيرية على مستوى دورات الخليج خاصة في ظل التواجد الكبير من المشجعات اليمنيات العاشقات لكرة القدم.
وتبقى الإشارة إلى الحالة الجميلة التي خلقتها بطولة خليجي 20 لدى الشارع الرياضي اليمني الذي كان سعيدا للغاية بإقامتها على أرضه في عدن ثغر اليمن الباسم ورد على كل المشككين وتخطى كل الصعوبات والتحديات الخاصة بالتنظيم وأبرزها على الإطلاق الهاجس الأمني وحسن التنظيم وكان التواجد الجماهيري من أهم الأسباب وأبرز الأشياء التي ساهمت في التأكيد على نجاح البطولة وكان لأبناء عدن وأبين المعروفين بروحهم الطيبة وكرمهم المعهود تجاه الضيف الدور الكبير في ذلك الانجاز التاريخي، وبذلك الالتفاف والتلاحم الكبيرين رفعوا اسم اليمن عالياً وكان لابد من أن يمنح الجمهور كأس البطولة لأفضل جمهور حضر وشجع بأسلوب متميز وراق وحيادي لجميع المنتخبات دون استثناء ورغم خسارة منتخبهم وخروجه المبكر من البطولة إلا أنهم أصروا على الحضور وبكثافة عالية لتكتظ بهم مدرجات ملعب 22 مايو حتى نهاية البطولة, وبرهنوا للجميع مدى العار الذي لحق بأصحاب تلك الشائعات المسمومة والمغلوطة.. الشائعات السوداء حول عدم جاهزية اليمن للاستضافة.
التميز لا يأتي عبطاً أو صدفة بل نتيجة عمل متواصل ومثمر وهادف من أشخاص ذوي خبرات وإمكانيات واستعداد لا يقبل القناعات السلبية التي يعشقها البعض منا وهم للأسف متميزون في التعامل مع واقعهم بالنظرات الضيقة وليس بغيرها وهو ما يجعلهم أسرى لأوهامهم الآتية من دهاليز الفشل والتقوقع في أمانيهم الشيطانية التي لا جدوى ولا فائدة منها لهم ولغيرهم من السطحيين المستلهمين والمستسلمين لترهات الفشل والبعيدين عن معين الخير والعدالة والواجب والضمير والسعادة ومغزى الحياة .
ولكن ماذا بعد خليجي 20 !؟ هل نتوقف عند ذلك ونتغنى بنجاحنا وتميزنا أم نواصل صنع النجاحات والتميز ؟
لا ينكر أي منا أن التحديات كثيرة ومنها ماهو صعب، ولكن من السهل وضعها ضمن مصفوفة أولوياتنا المعتمدة على أدوات تنفيذية حقيقية، ويكفينا العودة إلى النقاط العشر لفخامة الأخ رئيس الجمهورية، التي ترتب أولويات التحديات التي تواجه اليمن، والتي تتطلب الشروع في المعالجات، منها ما يتعلق بالمياه، والطاقة، وارتفاع نسبة النمو السكاني، ومكافحة الفساد، والارتقاء بالتعليم، والخدمات الصحية، والأمن,إلى غير ذلك من الأولويات.
هناك مجالات كثيرة بحاجة إلى جهد ومثابرة واستثمار ومتابعة للنهوض بمستواها، وليكن مشهد الإعداد والإنجاز لـ «خليجي 20» نموذجاً للانطلاق من اليوم قبل الغد،واعتباره وصفة ناجحة تعبر عن إرادة سياسية قوية واستثمار سخي وجهد موحد ومتشابك يصلح لأن يكون نموذجاً فعالاً لإنجاز أعمال كبيرة وعملاقة وإستراتيجية في مجالات أخرى.
|