محمد أنعم -
لماذا يرفض المشترك وبقوة إجراء الانتخابات النيابية.. وهل أصبحت فعلاً - خطراً يهدد البلاد وأمنها واستقرارها؟.. وهل لدى المشترك مشروع بديل ومنقذ يخدم مصلحة الشعب بتأجيل الانتخابات أو منعها بقوة السلاح؟وما مصلحة المؤتمر الشعبي العام وبقية الأحزاب والتنظيمات السياسية من إجراء الانتخابات؟هذه الأسئلة وغيرها تجعلنا قبل الاجابة عليها نضع القارئ أمام بعض تفاصيل مشروع المشترك الذي يسعى الى تحقيقه من وراء رفضه لتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة أو من غيرهم وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد..بإمكان الجميع أن يتصور حال اليمن في يومي 28 و29 أبريل 2011م وما بعدهما.. في حال عدم تشكيل لجنة الانتخابات والحيلولة دون إجراء الانتخابات البرلمانية.. فلو تم ذلك -لاسمح الله- فإن صورة اليمن ستبدو كالتالي:إن مجلس النواب كسلطة تشريعية منتخبة من الشعب لن يصبح مجلساً شرعياً معترفاً به داخلياً وخارجياً وسيكون أشبه بمجلس للتمثيل الحزبي أو المناطقي.. كما لن يكون مجلس النواب مؤهلاً للدفاع عن الشرعية الدستورية أبداً كما جسد ذلك الدور الوطني المشهود في عام 1994م عندما تصدى بشجاعة لمؤامرة الانفصال ولعب دوراً كبيراً في إسقاط تلك المؤامرة.. الجميع يدرك أن قوة مجلس النواب حينها كانت نابعة من كونه منتخباً من الشعب ويمثل كل أبناء اليمن..وبالتالي.. إذا لم تجرَ الانتخابات فستنجح أحزاب المشترك في تفكيك أول مؤسسة دستورية في طريق محاولاتها جر اليمن الى الصوملة.. خصوصاً وأن بداية المشكلة الصومالية- وهذا يعرفه الجميع- كانت بسبب تدمير المؤسسات الدستورية في ذلك البلد الشقيق ما أدى الى انهيار الدولة بكامل مؤسساتها وزجها في حروب فوضوية لا يعلم إلاّ الله متى تتهيأ الأجواء لعودة المؤسسات الدستورية إليها..أما الحديث عن الديمقراطية وتشكيل لجنة الانتخابات وإجراء انتخابات نيابية فسيكون بعد أبريل 2011م من المستحيلات.. فإذا كانت أحزاب المشترك لم تنفذ اتفاق فبراير والذي ينص على ثلاث قضايا.. فلا نعتقد أنه سيكون بمقدور المؤتمر الشعبي العام بعد أبريل 2011م أن يهيئ الأجواء كما تريدها أحزاب المشترك ولو بعد مليون عام حتى ولو جاء حاملاً إليها المن والسلوى..ولو افترضنا أنه تم توافق حزبي بين المؤتمر والمشترك على إجراء تعديل دستوري أو تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة الانتخابات.. فرهان كهذا يعد انتحاراً سياسياً، حيث لن يكون بمقدور المؤتمر الشعبي التحرك أو المناورة في اطار المؤسسات الدستورية، وبالتالي سيضعف موقفه كونه خيب آمال الجماهير إضافة إلى أنه لم يعد صاحب أغلبية برلمانية ولم يحافظ على الثقة التي منحها إياه الشعب..إن صورة اليمن المرسومة في سيناريو المشترك لن تقف عند هذه المشاهد المخيفة فقط.. خصوصاً وقد بدأت تطل علينا رؤوس أمراء الحروب على طريقة النموذج الصومالي.. فلم تعد غايتهم تصحيح جداول الناخبين، ولا تحييد المال العام أو الإعلام كما يزعم قادة المشترك، بل إنهم يتبنون مشاريع لتمزيق اليمن واليمنيين سواءً من خلال طرح بدائل مثل الفيدرالية أو الكونفيدرالية أو حكم ذاتي أو غيرها.. فبهذه الألغام والكمائن تعتقد أحزاب المشترك بأنها ستهيئ الأجواء لديمقراطية حقيقية في اليمن وتجاوز التحديات التي تواجهها البلاد.. كما يعمل المشترك ضمن نفس السيناريو على ضرب الوحدة الوطنية من خلال إثارة النعرات المناطقية والمذهبية، وهذا السيناريو التآمري قد أحدث أضراراً لا يستهان بها، حيث أصبح يهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية وامتدت نيرانه لتحرق الوعي الوطني لدى بعض شبابنا..أما ما يتعلق بسيناريو المشترك على صعيد التنمية ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشة الشعب.. فيتضح أن هذه القضايا المهمة المرتبطة بحياة أبناء الشعب مفقودة تماماً من أجندة هذه الأحزاب..نعتقد أن دروس اتفاق فبراير كافية لمن يريد أن يتعظ لتجنيب اليمن تلك المخاطر وغيرها.. ولعل امتلاك اليمنيين برلماناً منتخباً يمثل جميع أبناء الشعب سيكون أقوى سلاح للقضاء على تلك المشاريع التدميرية وضماناً لتحقيق تطلعات الشعب وانتصاراً لقضاياه الوطنية..لهذا فإن على المؤتمر الشعبي العام وبقية الأحزاب والتنظيمات السياسية وكل القوى الوطنية في الساحة أن يتحملوا مسئولياتهم الوطنية والدينية بشجاعة وأن يواصلوا مسيرة البناء الوطني والديمقراطي في البلاد والدفاع عن كل مكتسبات شعبنا.. ويدركوا أن إجراء الانتخابات النيابية ستكون قارب النجاة لشعبنا وبلادنا..كما أن أمن واستقرار الوطن لن يتحقق إلاّ في ظل تطبيق النظام والقانون، ووجود المؤسسات الدستورية الحامية لها.. ومن يراهنون على الحوار وعلى المشترك، فأمثال هؤلاء هم مجرد حفاري قبور لا يقتاتون إلاّ من دموع ودماء الشعب ولو بلحن القول..
[email protected]