نجيب شجاع الدين - يدور حديث الساعة في الساحة اليمنية حول الانتخابات البرلمانية القادمة التي تقتضي الممارسة الديمقراطية واتباع تعاليمها السليمة والسلمية من كافة الأحزاب الاستعداد لملاقاة يوم الـ27 من أبريل 2011م.
فيما يبدو الجدل عن بوادر أي تأجيل غير واردة وغير ممكنة ومن يحمل مثل هكذا رؤية تحت ذريعة »حتى تتهيأ الأجواء والأهواء وغيرها« فإنه إنما يقدم معالجة رومانسية لحقوق الناخب المكفولة دستوراً وقانوناً ولا تتفق مع الواقع وتطلعات الشعب إلى جانب أنها لاتخدم المصلحة الوطنية العليا كون غياب تاريخ 27 أبريل 2011م عن المواطن إلى موعد آخر يعني تعطل المؤسسات الدستورية وإصابة الحياة بالشلل التام.
ولعل المؤتمر الشعبي العام استفاد من خطأه السابق الذي وقعه مع أحزاب اللقاء المشترك في فبراير 2009م ووقع بموجب اتفاقيته تحت طائلة تلقي المزيد من طلبات المشترك الجشعة الراغبة في تأجيل عدة أشياء أكثر أهمية وكل ما يطرأ على الساحة لابد أن يرَّحل حتى تبت قيادات المشترك بشأنه أو هكذا تتصور أنها الكل وما وراءها الطوفان وأنه لا يمكن أن يتم أمر ما بشكل صحيح دون وجودها..
يحترم الشعب قناعات الأحزاب وقراراتها أياً كانت ولكن هذا لا يعني أن عليه الانصياع لها أو النظر إليها كأوامر..
فمن حقه أن يختار ممثليه في البرلمان عبر صندوق الاقتراع وليس غيره ومن حق الأحزاب أن تقاطع ومن حقها أن تشارك إن كانت تريد البقاء ولو بنسبة ضئيلة على المقاعد.
المشترك للأسف يرفع شعار كل شيء أو لا شيء ولكنه يدرك أنه يريد ذلك بقدر إدراكه أن الشعب لم يعد يريده وبالتالي فإن الاحتكام لنتائج 27 أبريل ليست في صالح المشترك، الأمر الذي يحتم فرضية أنه لن يذهب إلى ساحة تنافس يعلم نتائج خسارته فيها مسبقاً.
وفي ذات الوقت لا يستطيع إعلان رفضه إجراء الانتخابات في موعدها وعدم مشاركته بصورة نهائية بل تراه يضع حجرات عثرة وشروط تعجيزية بدءاً من تنفيذ لاتفاقات سابقة وتعديل لقوانين والحوار أولاً.. إلى ما لانهاية..
جاءت استضافة بلادنا لفعاليات خليجي 20 مناسبة لتجديد تأكيد الجماهير وضعها النقاط على الحروف حول أن حب الشعب لقيادته وجد كبيراً وسيظل كذلك وأن أصحاب المشاريع الصغيرة لا وجود لهم ومصيرهم الزوال..
كما أن الجماهير اليمنية وجهت رسالة للجميع مفادها التشديد على أهمية المضي نحو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.. وقالت كلمتها إن الوفاء لا يقابل إلاّ بالوفاء وأن على المؤتمر الشعبي العام ألا يفرط في تلك الجماهير المخلصة خاصة وأن مطالبها بالانتخابات حق أساسي وما سواه كان استثناء لايمكن أن يتكرر، وأي تأجيل جديد ليس فيه أدنى مصلحة للوطن والمواطن غير أنه سيحقق رغبة المشترك في نيل الرقم القياسي ودخول موسوعة غينس كأطول فترة مجلس نواب على مستوى العالم.
حقيقة أن ذهاب المؤتمر الشعبي العام للتحاور مع الأحزاب المعارضة كان إيماناً منه بضرورة اتباع نهج الوسطية والاعتدال واتباعاً للمبدأ الذي ارساه فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وتمكن من خلال الحوار تخليص البلاد من مشاكل عصفت به وتجنيبه أخرى..
إلاّ أن المؤتمر الشعبي العام صار الآن متهماً بالاعتدال فهذه أحزاب المشترك لم يعجبها العجب قبل الحوار وأثناءه كانت تتهم المؤتمر بوضع العراقيل والصعاب الجمة وعند خروجها سارعت لاتهام المؤتمر بالانسحاب وتمادى بها الأمر لدرجة أنها في الوقت الراهن تعتبر الحق الدستوري في إجراء الانتخابات حماقة كبرى.
|