علي عمر الصيعري -
في ستينيات القرن الماضي قال عالم من علماء النفس الاجتماعي- لايحضرني اسمه الآن- قال بما معناه : »ان الصحفي الموهوب والمتمرس أكثر حدساً من السياسي، وأفضل منه في تقدير الأمور والتنبؤ بما ستؤول اليه، فإذا أردت أن تستشير فاستشر صحافياً موهوباً ولاتستشر سياسياً وان كان مجرباً«.
قد يتبادر الى أذهانكم منذ الوهلة الاولى ان الصحيح في هذه المقولة هو العكس، ولكن إذا عاد أحدكم بذاكرته الى الوراء مستعرضاً نماذج من افكار وتقديرات بعض السياسيين وإشارتهم على اصحاب القرار الأعلى باتخاذ موقف تجاه مشكلة أو أزمة يمر بها هذا البلد او ذاك بهدف تجاوزها، وقارنها مع افكار وتقديرات رجال الصحافة والاعلام الموهوبين لتبين له أفضلية الفريق الثاني واقترابه من الصواب لتوقد حاسة الحدس عند أصحابه، وهي الحاسة السادسة كما يقال عنها..ولكي نقترب قليلاً من صحة ما قاله صاحبنا عالم النفس الاجتماعي عن حدس الصحفي نأخذ مخرجات الأزمة التي افتعلها قادة »المشترك« لمؤتمرنا الشعبي العام حول الانتخابات النيابية منذ ما قبل اتفاق فبراير وما نتج عنها من تأجيل للانتخابات لعامين محسوبين من عمر التجربة الديمقراطية ناهيكم عن انعكاساتها على الناخبين والمواطنين كافة.
فمنذ ذلك التاريخ ونخبة من صحافيي المؤتمر وبعض مناصريه تراودهم الشكوك في نوايا »المشترك« واهدافه ومراميه من وراء إصراره على عدم اجراء الانتخابات البرلمانية كيداً للديمقراطية، أو بحسب تعبير صديقنا وزميلنا الاستاذ محم أنعم رئيس تحرير هذه العزيزة »الميثاق« سعياً لتفصيل الديمقراطية بمقاييس عنصرية ومناطقية وبعقليات إقطاعية وانفصالية وإمامية تساندهم قوى منحرفة تتخفى تحت شعارات قومية.. وطالب اولئك الصحفيون بأن يحزم المؤتمر أمره ويضع هذه المكايدات والمناورات الخبيثة أمام الشعب.. »فقوة المؤتمر الشعبي العام مستمدة من الشعب وليس من أشباح الخارج«.
وإذا أردتم مثالاً حياً لصحة ما ذهبنا إليه آنفاً فعليكم بقراءة مقال »ابن أنعم« الموسوم بــ»ديمقراطية الاكليريوس الجدد« المنشور في العزيزة »الثورة« العدد (16829) صـ11 ليوم الخميس الماضي، ليتبين لكم صحة حدس الصحفي من تقديرات السياسي، ولكم أن ترجعوا الى ما كتبه هو ومحسوبكم وعدد من الزملاء حول هذه الأزمة المفتعلة من قبل »المشترك« منذ مطلع العام 2008م وإلى يومنا هذا.{
قال الشاعر :
فلا خير في حلم إذا لم تكن له
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
(النابغة الجعدي)