د. علي مطهر العثربي -
يبدو أن أحداً لم يتنبه للعلاقة الموضوعية بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، ولم يُقدِم أحد على التعرف الموضوعي والمحايد في هذا الاتجاه، ويرى البعض أن العلاقة بين هذه الأحزاب والمؤتمر الشعبي العام عدائية، دون أن يدرك أن المؤتمر الشعبي لا يعتبر العلاقة مع اللقاء المشترك علاقة عدائية مطلقاً، ولكنه ينظر اليها بأنها تنافسية برامجية انطلاقاً من إيمانه المطلق بأن الحزبية وسيلة وليست غاية، ويرى المؤتمر أن الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية، ولا يلغي الاخوة والقرابة والنسب والانتماء ولا يولد الفجور في الاختلاف مطلقاً، بل إن الحوار والحوار الدائم والمستمر هو الوسيلة الازلية لتطور الحياة السياسية والاجتماعية، ومهما بلغت درجة الاختلاف في وجهات النظر لا يمكن أن تؤدي الى القطيعة والعداوة مطلقاً.
إن المؤتمر الشعبي العام نشأ عبر الحوار الذي يحترم كل الآراء ووجهات النظر المختلفة، ويسعى دائماً للإئتلاف وينبذ الاختلاف، وإن حدث الاختلاف إلا أنه لا يمكن أن يقود الى الانتقام من أحد لمجرد الاختلاف معه في وجهات النظر، وهذا ما أثبته المؤتمر منذ نشأته في بداية الثمانينات من القرن الماضي وحتى اللحظة، لأن التسامح والاعتدال والوسطية هي المنهج السليم الذي يسلكه المؤتمر مع كل منافسيه، فلا جور ولا طغيان في المؤتمر الشعبي العام في تعامله مع الغير مهما أساء الآخر، وقد واجهت بعض الاسئلة من طلابي في الجامعة وقدمت لهم نظرة موضوعية وعملية حول تعامل المؤتمر الشعبي العام مع الاحزاب والتنظيمات السياسية في ساحة الفعل الوطني، وقلت لهم القاسم المشترك الذي ينبغي عدم الخروج عليه هو الدستور والقانون والثوابت الدينية والوطنية وأن يكون اليمن فوق الاهواء.
نعم تلك الصورة الحقيقية والموضوعية التي أجدها ويؤمن بها كل المنصفين داخل المؤتمر وخارجه، ولكن بالمقابل ايضاً لم يقدم أحد على التعرف على النظرة من الداخل لأحزاب اللقاء المشترك إزاء الآخرين وإزاء بعضهم البعض.. والذي نعرفه بموضوعية وحيادية أن هذا التكتل لم ينشأ على قواسم مشتركة وطنية تحقق النفع العام للشعب كله، بل نشأ متناحراً ومختلفاً تماماً تسكنه سياسة الانتقام وتحيُّن الفرص للانقضاض على بعضهم البعض بمعنى أن كل واحد منهم يتحين الفرصة للانتقام من أحد مكونات هذا التكتل، وهذا التكتل مشحون بالتناقضات، فإذا كانت نظرة المؤتمر الشعبي العام تجاه تلك الاحزاب لا توجد فيها نظرة الالحاد والكفر ولا نظرة الاقطاعي المستبد، ولا نظرة الباطني الذي يخفي الخطر ويظهر غيره ولا نظرة العلماني ، بل ان المؤتمر مع هذه الاحزاب بموضوعية وعقلانية ولا يكن عداءً لأحد منهم، لأنهم من الشعب ولابد من التعامل معهم مهما كان عنتهم وصلفهم، ومهما كانت آراؤهم مختلفة وغير متفقة فيما بينها داخل ذلك التكتل، لأن المؤتمر ينظر الى الجميع بروح التسامح والاخوة.
إن نظرة اللقاء المشترك للغير كما يفهمها الشارع »من لم يكن معي فهو ضدي«،، وبالتالي النظرة العدائية، كما أنها تعتبر الحزبية غاية وربّت أفرادها على هذا النهج الخطير الذي ولّد الاختلاف وعدم الائتلاف، ناهيك عن النظرة العدائية فيما بينها.. فهل ستستفيد تلك الاحزاب وتسعى الى التغيير من سلوكياتها وخطابها السياسي والاعلامي وتؤمن بأن الحزبية وسيلة وليست غاية ثم تقدم على المشاركة في الانتخابات دون تكرار الخطأ؟! نأمل ذلك بإذن الله.