فيصل الصوفي -
جميع اليمنيين الأحياء الذين دخلوا المدارس قرأوا في الكتب المدرسية حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الإيمان وشعبه، وأن إماطة الأذى عن الطريق إحدى شعب الإيمان.. والذين لم يدخلوا المدارس لاشك أنهم سمعوا بذلك من خطيب في مسجد أو رجل دين ذكر ذلك في وسائل الإعلام، إن »إماطة الأذى« قيمة أخلاقية رفيعة في الإسلام حيث رفعها إلى مستوى مكونات الإيمان الذي هو قول وعمل ومعرفة وسلوك.. وهذ القيمة الأخلاقية الرفيعة الشأن من كافة النواحي الاجتماعية والصحية والاقتصادية والثقافية يتم إسقاطها من قائمة القيم الإسلامية في مجتمعنا.. وأكثر من ذلك أن المواطن الذي لا يميط الأذى عن الطريق- كما حثه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم- يقوم بما هو عكس ذلك.. يتعمد وضع الأذى في الطريق.. ويؤذي نفسه وغيره من الناس ويؤذي بيئته رغم أنه يعلم أن ليس له مكان آخر غير هذه البيئة.
يتخلصون من القمامة برميها إلى الشارع.. يحفر »بيارة« وسط الشارع ويعرقل السير وعندما تطفح يتركها تعبر الأزقة والحارات ولا يكلف نفسه بـ»شفطها«.. وآخر يوقف سيارته وسط الشارع فيعرقل الحركة، وثالث يصنع »مطبات« تتسبب في حوادث وأضرار لسيارات.. ورابع ينصب خيمة عرس وسط الشارع فيمنع العبور، وبعد انتهاء الحفلة يترك كل المخلفات في مكانها.. وخامس يتخلص من مخلفات الجزارة أو البقالة برميها إلى الشارع.. حتى »المخزن« يتخلص من القات و»يذبل« في الشارع.. يجلس في مكان ما في رصيف الشارع »يخزن« ويؤذي المارة ويلوث البيئة، ثم »يتبول« في القارورة التي كان يشرب منها ويرميها إلى الطريق.. يحدثك رجل دين كبير عن فضيلة »إماطة الأذى« عن الطريق، وفي الوقت نفسه يسد الشوارع بكتل خرسانية تمنع الدخول والخروج.
هذه مجرد شواهد أو نماذج نسوقها للفت الانتباه نحو هذا السلوك الخطير الذي يجمع بين القول والفعل المناقض له.. بين معرفة المواطن وإيمانه الديني بأن »إماطة الأذى« شعبة من شعب الإيمان، وبين سلوكه الذي يتجاوز عدم القيام بإماطة الأذى إلى تعمُّد فعل الأذى..
ما سبب الانقلاب الخطير والمدمر لهذه القيمة الأخلاقية وهي قيمة إسلامية خالصة؟ مسلم تعلَّم أن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بإماطة الأذى عن الطريق، ويعتبر هذا الأمر ملزماً له كمسلم، وفي الوقت نفسه يمارس أفعالاً تنقض ذلك كله.. الجواب: »مدري«!