نعمت عيسى - تطفو على سطح الشارع اليمني ظاهرة حقيقية، لسعت نيرانها كل مواطن يتعايش مع يومياتها ويتباكى في كل لحظاته عندما يكون في حرمها المبجل.. ألا وهي محاكمنا المسورة وقضاتنا الموقرون، الذين تخلو نفوسهم من روح التقدير للحياة التي يعيشها هذا المواطن أو ذاك.. وذلك بما يقومون به من تماطل وتحايل على بعض القضايا دون الاحساس بالمسؤولية التي قد يترتب عليها حجز أو حبس أناس في ذمة قضايا طال عليها الأمد ولكنها بعذر رسمي ومُصاغ قانوني ألاّ وهو «رهن المحاكمة».
حقيقة يصعب على الجميع حال هؤلاء المساجين في السجون اليمنية، الذين مرّ عليهم زمن دون أن تحرك قضاياهم أو حتى ينظر الى مستقبلهم ومستقبل أسرهم القابعين في سجن الحياة الصعبة دون مُعيل لهم أو راعٍ لاحتياجاتهم، فكلاهما مساجين بلا حرية إلاّ ان منهم خلف قضبان حديدية وآخرون خلف جدران حجرية يسودها الألم والحزن والجوع وقلة الحيلة.
أما آن لقضانا أن ينظروا بعين الرحمة لهذه القضايا وأن يحسموها بصورة مستعجلة لإنصافهم بإصدار الحكم ومنطوقه الذي قد يسعد أسرة أو يحزنها، ولكن يبقى ذلك هو الحل الصائب لمعرفة مصيرهم المحتوم دون القبوع والانتظار خلف أسوار السجون وقضبانها والسنون تمر من أعمارهم وهم لا حول لهم ولا قوة الا قوة الصبر والنسيان، في حين أن قضانا تتكبل ألسنتهم بسلاسل اللامبالاة متجاهلين ما يزرعون بلا مبالاتهم من أحقاد وشرور تنبت في نفوس هؤلاء الضعفاء وأبنائهم من أجيال هذا الوطن الغالي.
ألا يشعر هؤلاء القضاة بتعب الإجراءات في المحاكم وبصعوبة الحضور للمتابعة أم أنهم أصبحوا في عداد موتى الإحساس، وبقيت أجسادهم فقط هي التي ترسو على كراسي منصات القاعات في الجلسات بهذه المحاكم التي يديرون فيها أمر شؤون سكان من حولها.
والله.. إنه لعجب عجاب أن يكون ذلك حال قضانا وهم أقسموا بأن يكون العدل قولهم والرحمة والإحسان مقصد نفوسهم بعد الله تعالى.. فيا مَنْ يسمعني من هيئة التفتيش القضائي ويسمع أنين هؤلاء المظلومين من المساجين أن يلتفت بصورة عاجلة لأمرهم وأن يتم الحسم الجزائي لهؤلاء القضاة في مختلف محاكم الجمهورية بأن تضعوا لعسر منطوقهم حداً لتسعدوا بذلك قلوباً تقلبت ودموعاً انهمرت بسببهم، وتنزعوا بذلك بذور الاحقاد النابتة بهذا المجتمع التي ينعت وترعرعت برش هؤلاء القضاة قطرات الندى الناتجة من برودهم على هذه القضايا وأصحابها.
فلا تنسوا يا قضاتنا ان هؤلاء المظلومين يناجون ربهم برفع الظلم عنهم وإنصافهم، كما نناجي نحن مع اخواننا في هذا البلد بأن يحفظ الله اليمن من كل فاسد وطاغية سولت له نفسه أن يعيث في الارض وفساداً.
فتوجهوا الى ربكم ليصلح حالكم ويهدي سبيلكم إن كنتم إياه ترهبون..والله من وراء القصد
|