توفيق الشرعبي -
التوجس الحذر الذي استقبل به الشباب انضمام اللواء علي محسن الى اعتصامهم ناتج عن خوفهم من تغييبه لمجريات اللحظة التاريخية التي يرسمونها بإصرارهم وصمودهم وبدماء شهدائهم.
سرقة هذا الجهد الجبار محتملة - إن لم تكن مؤكدة- فما أن يطمئن الشباب لحزب إلا ويفاجأون بانضمام آخر، وما أن يأنسوا لشخص إلا ويفجعون بمجيئ من هو أسوأ منه.
< لو كنت مع الشباب لما اطمأننت الى علي محسن حتى لو وصل بثوب الإحرام.. كما أنني لن أأنس الى الشيخ صادق وإن تعهد بكل المواثيق.. وسأطالب باختصاصيين نفسانيين الى المستشفى الميداني، فمن يدري ربما يصاب كثير من الشباب بعقد نفسية تصل حد »الصرع« جراء توافد المستقيلين من المؤتمر الى ساحة الاعتصام، فالشباب يعلم يقيناً أن أولئك من أوصل النظام الى ما هو عليه اليوم وهم من أخرجهم وفجَّر فيهم فورات الغضب.
< فما الذي تبقى للشباب هناك غير ترديد الشعارات وراء كهنة »الاخوان« أو التقاط الصور التذكارية الى جانب فؤاد دحابة!!
< وما الذي تبقى من النظام الذي يطالب الشباب برحيله بعد انضمام »لصوص الثروات والثورات« -حسب قول الشاعر عبدالكريم الرازحي- الى ساحاتهم.. وأي تغيير يتحدث عنه الشباب والثعابين التي رقص على رؤوسها الرئيس علي عبدالله صالح قد غيَّرت جلودها بحثاً عن راقص آخر؟!
وبالتالي فالشباب يعيشون أسوأ حالات القلق على مشروعهم التنويري، فقد خالجهم شعور مرعب منذ أن وطأ »الزنداني« منصة ساحتهم ومنحهم براءة الاختراع، فإذا كان لطموحات الشباب وآمالهم أن تزهق، فالإصلاح زاهقها.. فقد بدأ مشروع الغدر بثورتهم »المزعومة« قبل نجاحها.. وسأؤكد بكلام النائب أحمد سيف حاشد أحد أهم قادة الشباب المعتصمين في حوار له مع صحيفة »الوسط«: »إذا كان حزب الاصلاح قد مارس خلال الفترة الماضية في ساحة التغيير كثيراً من الصمت حيال فرض واستمرار فرض أمر واقع على شركائه وعلى الشباب في الساحة وعمل على استنفاد كثير من الوقت ليبقى شركاؤه بعيداً عن القرار ونحن لازلنا في بداية الثورة، فكيف سيكون الحال عندما يصل إلى السلطة«.
ويقول: »الاخوان المسلمون في مصر كانوا أنضج ولم يستحوذوا على الثورة، ولكن في اليمن أخشى على الثورة من أن يستحوذ عليها الاصلاح« ، ويضيف: »ما أدهشني أن كثيراً ممن كنا نعتقد أنهم في حزب الاصلاح رواد حقوق وتغيير، نجدهم اليوم يعيدون أنفسهم الى المربع الأول المثقل بالأيديويولوجيا والانحياز للماضي وعدم القدرة على التحرر منه«.
ويكرر: »ليس المشترك كله وإنما أحد أحزابه هو من يحاول أن يستحوذ على الثورة ويقصي الآخرين ويفرض خطابه المتخلف على الشعب وشبابه ونخبه.. هذا الجناح يضر الثورة ويخمد جذوتها ويسوِّد صفحاتها.. هذا الجناح يمزق اليمن ويثقلها بماضيه وثقافته«.
إذاً تلك مؤشرات أولية بأن »الزنداني« الذي شاهد مقتل أبي الأحرار السبتمبري محمد محمود الزبيري، ربما يكرر نفس السيناريو مع رموز »ثورة الشباب«؟!