عبدالملك الفهيدي -
من يطّلع على صيغة الرسالة الموجّهة من الشباب لنائب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي سيجد أن التعاطي السياسي من قبل شباب المشترك لا يكاد يختلف عن تعاطي قياداتهم مع مؤسسات الدولة وشخوصها. صيغة الرسالة تكشف غياب أبسط الأخلاقيات الأدبية قبل السياسية في التعامل مع نائب رئيس الجمهورية من قبل أولئك الشباب، بل ربما بالأصح من قبل قيادات الأحزاب التي ينتمون إليها. قبل ذلك كانت قيادات المشترك قد ارتكبت ذات الخطأ حينما رفضت الحضور إلى القصر الجمهوري لتوقيع المبادرة الخليجية وأصرّت على توقيعها منفردة في غرف مغلقة رغم أنها كانت تدرك أن عملية التوقيع ستمثل لحظة تاريخية مفصلية في تاريخ اليمن.. لكن عنادها - ولا نظن غباءها - السياسي أدّى إلى ما أدّى إليه. ذات الخطأ تكرر في صيغة ومضمون الرسالة التي وجّهها الشباب إلى نائب الرئيس, فهم تعمّدوا مخاطبته باسمه دون ذكر منصبه حتى, وهو أسلوب ينم عن قلّة أخلاق، وقصور وعي، وغباء سياسي لمن يدّعون أنهم “ثوار”. قبل لقاء نائب الرئيس بالشباب كانوا قد خرجوا في مظاهرات إلى أمام منزله حاملين شعارات استفزازية له قبل غيره على سبيل المثال “سقط هبل وبقي اللات والعزى” ولنا أن نتساءل: من كانوا يقصدون باللات والعزى إن لم يكن النائب وحزبه ورفاقه.. ونضيف سؤالاً: هل هكذا يُخاطب رجال الدولة في عرف هؤلاء.؟!. والحقيقة أن طريقة خطاب قادة المشترك ومن خلفهم شباب أحزابهم ومن لفّ لفهم منذ انتخابات 2006م بات خطاباً مليئاً بالحقد والكراهية والعناد, وتصاعدت وتيرته ليصل إلى حد قلة الأدب والأخلاق في الآونة الأخيرة.. رغم أن ذلك الخطاب المستفز كان أحد عوامل فشلهم في الانتخابات الرئاسية والمحلية إلا أنهم لم يستفيدوا من الدرس وكرروا ذات الأخطاء خلال هذه الأزمة. وفي سياق آخر.. تبدو مشكلة المشترك وشبابها كامنة في رؤيتهم غير الواقعية لقوة الدولة من جهة، وكون السلطة تستمد قوتها من الشرعية التي منحت لها في الانتخابات, ناهيك عن نظرتهم لمؤسسة الجيش والأمن برؤية شخصية, حتى إنهم باتوا يصورون قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وبقية وحدات الجيش والأمن وكأنها تابعة لأشخاص.. وهي نظرة ضيقة وخاطئة إن لم تكن نظرة ذات أهداف إقصائية واجتثاثية هدفها تصفية الجيش وحلّه على غرار ما فعلت حماس في قطاع غزة, وهو تفكير يسيطر لدى حركات الأخوان المسلمين في العالم العربي. ومثل تلك الرؤية العقيمة تجعلنا نفهم أسباب احتفاء المشترك والشباب بانشقاق اللواء علي محسن عن الجيش وارتكابه أكبر جريمة في تاريخ الجيش والعقيدة العسكرية اليمنية.. فهم ينظرون إليه نظرة الثائر رغم أنه أحد أركان النظام الحالي، بل إن بانشقاقه ذلك كشف عن كونه تعاطى مع الفرقة الأولى مدرّع وكأنها مزرعة مملوكة له. وعوداً على بدء فإن قيادات المشترك وشبابهم يكررون ذات الأخطاء في تصريحاتهم ومواقفهم حيال نائب رئيس الجمهورية كما فعلوا ولايزالون مع الرئيس, غير مدركين أو مستوعبين ما يمثّله عبدربه منصور هادي في إطار مفهوم المنصب الذي يشغله.. ناهيك عن تاريخه النضالي وعقليته السياسية والعسكرية وإخلاصه الوطني ووفائه الشخصي والأخلاقي لمفهوم الدولة أولاً.. والشرعية الدستورية ثانياً قبل أن يكون وفياً بطبعه لصديقه الرئيس.