عبدالولي المذابي -
أثار حديث نائب رئيس الجمهورية الاخ عبدربه منصور هادي لقناة «سي.إن.إن» أصداءً واسعة في الشارع اليمني بسبب ذلك الوضوح والصراحة التي ميزت تصريحاته حول مجمل القضايا، ربما تفاجأ البعض بحديث النائب فهو رجل يبتعد عن الأضواء ليعمل في الصمت، غير ان حديثه في هذا التوقيت وما تضمنه من ايضاحات ضافية تنم عن بعد نظر وخبرة سياسية واسعة لهذا الرجل، الذي أثبت أنه رجل دولة من الطراز الأول خبرته الظروف ومعتركات الحياة، وقد أدهشتني تلك الرؤية الثاقبة لمكامن الخلل في المعترك السياسي.. فالرجل بدأ حواراته مع المعارضة ابتداءً من الفكرة التي تحولت من حل إلى مشكلة وأقصد بها الانتخابات، فالحديث عنها رغم تشاؤمي من النتائج إلا أنه يمثل التحدي الأكبر والاختبار الحقيقي لمصداقية الطرفين في النأي بالبلاد عن منزلقات الفوضى والفتن، واعتقد أن ما طرحه النائب يؤكد أنه استحق ثقة الرئيس وثقة الشعب عن جدارة، فهو لايخفي ايمانه بالتغيير ولكنه يفهم شروطه ومتطلباته وهو في ذات الوقت لاتغريه أطماع السياسة وشهوة الحكم رغم اقترابه منها إن هو اراد، لكنه رجل يتمثل الحكمة ويبدو كرجل مخضرم سياسياً وعسكرياً، يتفهم أوضاع البلد وتركيبة القوى المختلفة في المجتمع اليمني ويتعامل معها بوضوح وفقاً لمبادئ العقل والمنطق وقواعد اللعبة السياسية، وهو في ذات الوقت يؤدي دوره الوطني وواجبه الدستوري بمنتهى الاخلاص والنزاهة، ويتعامل مع مختلف القضايا وفق رؤية واضحة حدد أولوياتها في أول تصريح له بعد تسلم مهام ادارة الأمور حتى عودة الرئيس. وعودة إلى الموضوع الأساسي في المقابلة -حسب اعتقادي- فقد شخص المناضل عبدربه منصور هادي المشاكل التي مرت بها البلاد منذ قيام الجمهورية اليمنية بمنتهى البساطة مقارنة بين الديمقراطية والمصالح المكتسبة أو المفقودة كنتيجة طبيعية لهذه العملية، وقال ان القوى السياسية اتفقت على التعددية السياسية وهي لم تتعودها قبل الوحدة وكان رفض الحزب الاشتراكي لنتائج انتخابات 1993م واتخاذ قرار الانفصال أولى المشاكل التي واجهت التجربة الديمقراطية والعمل السياسي في اليمن، وآخر تلك المشاكل التهرب من الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في العام 2009م ثم جرى تأجيلها لعامين ولم تتم لتنجم عنها الأزمة الراهنة وهي نتيجة طبيعية لرفض بعض الأطراف الاحتكام لإرادة الشعب وقواعد اللعبة السياسية. النقطة الاخرى التي اعتبرها غاية في الأهمية هي عودة الحديث عن امكانية تطبيق المبادرة الخليجية، ولكن من خلال وضع الآليات المناسبة بعيداً عن الضغوط التي لم تكن تتفهم حجم الصعوبات التي ستعيق تنفيذ المبادرة في حال التوقيع عليها دون استيعاب متطلبات التنفيذ التي تضمن عدم تفسير البنود على أوجه أخرى لاتخدم الصالح العام، ولعل الدعوة الأخيرة التي كشف عنها النائب لجميع الأطراف من أجل الجلوس الى طاولة الحوار ومناقشة أساليب الحل وبما يضمن الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره والحفاظ على النهج الديمقراطي سيثمر عن نتائج طيبة نعتقد انها مرهونة بحسن النوايا لدى الأطراف المعنية.