عبير ناصر - المتتبع لمجريات الأحداث في الساحة اليمنية بمعطياتها المختلفة وبالذات تلك المتصلة بما يسمى " الثورة " ومن يقرأ هذه الإحداث بموضوعية وحيادية بعيداً عن التعصبات الحزبية والتوقعات والتخمينات غير المنطقية سيجد ومن دون شك أن المعطيات التي أفرزتها تلك الأحداث بمختلف تطوراتها حتى ألان قد حملت نتائج معاكسة تماماً لتلك التي كان يتطلع إليها من يقفون وراء تلك الأحداث وبالذات اللواء المنشق علي محسن الأحمر ومن معه من أولاد الشيخ عبدالله الأحمر وغيرهم.. بحيث يمكن القول أن مجريات الأحداث قد برهنت على فشل المخططات التآمرية لهؤلاء الذين لا شك أنهم يعيشون الآن حالة إحباط ويأس وهم يجدون أن الأمور تسير في مجملها بما لا تهوى أنفسهم نتيجة سقوط مؤامرتهم الخبيثة بعد أن سقطوا هم أنفسهم في مستنقع العمالة والخيانة.
وقبل الخوض أكثر في تفاصيل المؤامرة الفاشلة لا بد أولاً من أن نشير إلى بعض الجوانب المتصلة بحقيقة هؤلاء ( الرعاع) الذين تنكروا لمواقفهم وقناعاتهم السابقة ‘ وكيف أنهم انقلبوا فجأة وتحولوا بين عشية وضحاها من خدم لعلي عبدالله صالح إلى " ثوار " وانقلابيين يريدون إسقاط نظام حكمة والتربع على كرسي الحكم بأساليب منحطة قذرة ووسائل وأدوات إجرامية تعكس مدى الحقد الذي يملأ نفوسهم المريضة وجعلهم يقدمون على مثل هذه الخطوة التي ارتكبوا معها جريمة الخيانة للوطن أولاً ثم لذلك الرجل الذي لطالما أحسن إليهم وانتشلهم بإنسانيته وسعه صدره من واقعهم البائس الذي كانوا عليه.
ولعلنا جميعاً نعرف تلك الحقيقة التي تجسدت على مدى سنوات طويلة عندما كان المنشق علي محسن الأحمر ومن شاركوه في جريمة الخيانة هذه عندما كانوا يتوددون للرئيس علي عبدالله صالح ويقبلون يديه ليلاً ونهاراً ليجزل عليهم العطاء ويشملهم بجوده وكرمه ‘ بل أن الخائن علي محسن الأحمر الذي حاول عبثاً أن يجعل من نفسه طنطاوي " اليمن " على غرار طنطاوي " مصر " مع إدراكه لحقيقة أن الفارق في المستوى الثقافي والفكري والأخلاقي أيضاَ بينه وبين طنطاوي مصر كالفرق بين السماء والأرض بل وابعد من ذلك بكثير ‘ هذا الخائن " علي طنطاوي الأحمر " كان إلى وقت قريب من سقوطه " المريع " في مستنقع " الخيانة " يُسَبِح بحمد الرئيس الذي كثيرا ما أنعم عليه وأخذ بيديه ليجعل منه قائداً عسكرياً كبيراً إلى درجة أنه كان قد سُمي بأركان حرب الجمهورية، وعلى الجانب الأخر وبالنسبة لأولاد الأحمر فقد سخرهم والدهم المرحوم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر لخدمة علي عبدالله صالح ‘ وما فتيء أولئك الأولاد أو من يسمون بجهال " الأحمر" إلى وقت قريب يقبلون أيدي " ولي نعمتهم" علي عبدالله صالح في كل ساعة وحين حتى أنهم ما كانوا ينامون إلا بعد الاطمئنان على أن سيدَهم قد نام.
لكن الأيام عرت هؤلاء الانقلابيون وكشفتهم على حقيقتهم وأثبتت أنهم ليسوا سوى مجرد " رعاع " ومن ذوي النفوس الصغيرة الذين شبههم " ميخائيل نعيمة " بالذباب التي لا يطيب لها إلا العيش مع القاذورات ‘ وذلك عندما قال :خيرُ ما تمدَح به أيّ إنسانٍ قولك فيه إنّه ذو نفس كبيرة، و شرّ ما تذمّ به أيّ إنسان قولك فيه إنّه ذو نفس صغيرة، ولولا كبارُ النّفوس في الأرض لكانت جَحيما، ولولا صغارُ النفوس فيها لكانت نعيما، أولئك كالنّحل وهؤلاء كالذباب، فبينما تعيش النّحلة مع الأزهار ومن الإزهار، فان الذبابة لا يطيب لها إلاّ التمرغ في الأقذار.. النّحلة تحمل البَرء للسّقيم، والذبابة تحمل السّقم للبريء".
نعم فهذا هو واقع هؤلاء وهذه هي حقيقتهم.. فرَعاعُ الناس هم سُقّاطُهم وسَفِلَتُهم.. وكما جاء في حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: أَن المَوسم يَجمع رَعاع الناس أَي غَوْغاءهم وسُقّاطَهم وأَخلاطَهم، .. وأيضاَ حديث عثمان ابن عفان رضي الله عنه عندما قال حين تَنَكَّرَ له الناس:" إِن هؤلاء النفر رَعاع غَثَرةٌ ".
والآن وبعد كل ما حدث.. ما هو وضع علي طنطاوي الأحمر وجهال الأحمر ومن سار على خطاهم .. وما هي حقيقة ثورتهم التي يتحدثون عنها..؟
إننا هنا ولو نظرنا بتمعن إلى ما يجري الآن في الساحة اليمنية سنجد أنه لا دخل للقبيلة ولا أحزاب المشترك المغلوبة على أمرها ولا حتى للشباب علاقة بهذه الثورة المزعومة .. التي هي في الحقيقة وإن صح التعبير ثورة " مناطحة " بين من يمكن تسميتهم ( الحمران ) الذين كانوا بالأمس القريب أرباب علي عبدالله صالح وزبانيته من ضمن طابور المنافقين والمدلسين.. بل في مقدمتهم .. فهم تجار الأراضي وناهبيها ومرتزقة الحروب ومشعليها وهم الذين اعتدوا على الحق العام والحق الخاص ونهبوا ودمروا ممتلكات الدولة وهم المسيطرين على ثروات البلاد ومستغليها.. ونهبوا ودمروا ممتلكات ومنازل المواطنين، خرجوا على النظام والقانون وجعلوا من أنفسهم هُم .. القانون وهُم النظام.. وهُم القضاء.. وهُم السلطات المحلية.. وهُم الدولة نفسها.
اعتدوا على رجال المرور.. ووصل بهم الأمر إلى حد إهانتهم.. وتحدوا شرطة النجدة التي تحاول وتعمل لمراقبة وحفظ الأمن والسكينة العامة للمجتمع وخالفوا كل الأنظمة والقوانين .. اعتدوا على الناس وأهانوهم وأجرموا في حقهم جهاراً نهاراً دون أن ينالهم عقاب.
فهل هذه هي الدولة المدنية الحديثة التي يريدونها.. ويتحدثون عنها؟!
وهل المدنية تعني قطع الطرق.. وقتل المواطنين الأبرياء.. والاعتداء على المعسكرات والنقاط الأمنية وقتل الجنود في صنعاء وتعز وأرحب وأبين ونهم وبني حشيش وفي بني الحارث وفي همدان.. وقنص المواطنين والمتظاهرين من الشباب وغيرهم وتلفيق ذلك بالآخرين وبتلك الوسائل والأساليب الإجرامية القذرة في سبيل الوصول إلى السلطة.. علاوة على خطف الصحفيين والمصورين ومصادرة حريات الناس.. بما في ذلك عمال النظافة الذين لم يَسلَموا من أساليب البطش والإجرام التي يمارسها هؤلاء النفر؟!..
هل المدنية في مفهوم هؤلاء وعقلياتهم المريضة تعني تفجير أنابيب النفط والاعتداء على أبراج الكهرباء وقطع إمدادات التيار الكهربائي عن المواطنين ومنع وصول الغاز والمشتقات النفطية الضرورية لتأمين الاحتياجات الأساسية للناس..؟
هل المدنية اقتحام الجامعات والكليات والمدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وتكديسها بالأسلحة وقواعد الصواريخ ؟!.
وهل المدنية حرمان أبناء الشعب من الطلاب والطالبات من الدراسة ومن طلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم ومسلمة..؟
هل المدنية.. إخافة الناس وإقلاق الأمن ومضايقة سكان المدن والأحياء والشوارع العامة والتعدي على منازلهم ومنع وصول الخدمات الضرورية إلى حاراتهم ومساكنهم..؟.
مع الأسف الشديد .. هذه هي ثورة ومدنية علي محسن الأحمر الأحمر الأحمر وعيال الأحمر.. ولهذا فقد تمخض الجبل فولد فأراً.
ولو أننا نظرنا إلى موقف النظام الحاكم من ما يُعتمل من أحداث في البلاد وبخاصة ما يفعله الانقلابيون وما يمارسونه من أعمال التخريب والقتل والتأمر على الوطن ومكتسباته ‘ سنجد أنه قد تعامل وما زال مع كل هذه التطورات بقدر كبير من الحكمة والصبر ‘ بما في ذلك تلك الإساءات والسفاهات البذيئة التي كثيراً ما تصدر من قبل هؤلاء " الرعاع " أمثال علي محسن الأحمر ومن هم على شاكلته تجاه النظام ورجاله الشرفاء الذين ظلوا متمسكين بالمبادئ والثوابت الوطنية والقيم الإنسانية السامية‘ وعدم الانجرار إلى ذلك المستوى الذي وصل إليه أولئك النفر من صغار النفوس المتاجرين بقضايا الوطن والذين تجردوا عن كل القيم والمبادئ الوطنية والإنسانية.
فذلك الأسلوب المتعقل والحكيم الذي اختاره النظام للتعامل مع ما يصنعه هؤلاء " ألأغبياء " وأساليب الطيش التي يتبعونها‘ إنما يعكس موقف النظام الحريص على مصالح الوطن العليا والحفاظ على الوحدة والثوابت والمكاسب الوطنية.
نعم .. لقد كان النظام حكيما عندما اختار أن يربأ بنفسه عن حماقات أولئك " الرعاع " من سماسرة وتجار الحروب ويعلن تطهُره من أربابه السابقين.. وينأى بنفسه أن يصفهم بمثل تلك الأوصاف غير اللائقة الخارجة عن حدود ألأدب والأخلاق كما يفعلون هم وكما يقدحون ويذمون.
ولعل الواضح بل والثابت أنّ هؤلاء المتصارعين " المتناطحين" أمثال علي محسن الأحمر وأولاد الأحمر الذين يسمون أنفسهم " الثوار" وهم في واقع الحال " أثوار " لم يتعلموا من التاريخ بمعطياته المختلفة‘ ذلك لأنهم لم يقرأوا جيداً وقائع هذا التاريخ ولم يستفيدوا من دروسه وعبره.. كما ان هؤلاء الذين اعتادوا أن يظهرون ما لا يضمرونه في أنفسهم ‘ لا يدركون بأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، فهم الذين كانوا ينافقون الرئيس إلى حد الابتذال، واليوم يمارسون النفاق بطريقة أخرى في سبيل تحقيق مصالحهم ورغباتهم ونزعاتهم الشيطانية الخبيثة ‘ ويمارسون السفاهة والوقاحة بكل أنواعها وأساليبها الفجة ‘ فيما النظام يربأ بنفسه أن يرد على سفاهات السفهاء، لأن "السفيه سفيه"، فهو يرد على نفسه بنفسه، وهو ما ينطبق على بعض أولاد الأحمر.. والساكت منهم أوسخ من الآخر. |