موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 34789 - مواطنون لـ"الميثاق": مَنْ يدعون للانفصال يمثلون أنفسهم وأسيادهم - تربويون لـ "الميثاق": الأختبارات تسير بشكل جيد وهناك توجُّس من بعض المواد - المانجو اليمني.. بين شائعات الإنترنت وتحديات الزراعة - إلى بنكي المركزي في عدن وصنعاء: تعالوا إلى كلمة سواء - المساح يكتب عن حياته من بيع (التمباك والصحف) إلى صناعة وإبداع الدهشة "2-2" - شرف يحيي موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية - النواب يندد باستمرار الإجراءات التعسفية ضد المتظاهرين بالجامعات الغربية - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 34 ألفاً و683 - مجيديع يعزي بوفاة الشيخ شعلان الأبيض -
مقالات
الجمعة, 11-مايو-2007
بقلم: نقولا ناصر -
(يتجسٌد صراع الروح والعقل الفلسطيني بين الإنتماء الوطني وبين الإنتماء القومي في نص دستوري لاحق يتعارض مع تعديل الميثاق)
تعيش القضية الفلسطينية حالة إنفصام ترهق روح شعبها وعقله بين المتطلبات الواقعية لإنشاء كيان سياسي وطني ولو فوق جزء من الوطن التاريخي وبين الإنتماء القومي للشعب العربي الفلسطيني ، حالة تأرجحت بين "تعريب" شعبي لها حوٌلها إلى "أل"قضية المركزية للأمة وبين"تعريب" رسمي جزٌأ القضية إلى قضابا فرعية أقلٌها أهمية غير قابل للتطبيق وأكثرها أهمية حلٌه مُؤجٌل إلى مفاوضات "وضع نهائي" يعلم الله وحده متى يحين وقت إجرائها وماذا ستكون نتيجتها ، وجزٌأ وطنها إلى الجزء الأكبر المطلوب التنازل عنه من أجل السلام وجزء أصغر يسعى الإحتلال الإسرائيلي إلى تقاسمه باعتباره "أرضا متنازعا عليها لا أرضا مُحتلٌة ، وجزٌأ الشعب إلى قطاع لاجئ ليس من الواقعية السياسية بحث وضعه في الوقت الراهن وقطاع ثان تحوٌل إلى مواطن في دولة إسرائيل لا يحق لأي قيادة فلسطينية أو عربية التدخل في شؤونه وقطاع ثالث تحت الإحتلال تُفرض عليه أشكال إنتقائية للمقاومة ويُخطط له كي يمثل وحده كلٌ الشعب وكل القضية .
وإذا كان العرب يعانون من تجزئة واحدة فإن الفلسطينيين منهم يعانون من تجزئتين . ويسلٌط الضوء على إزدواجية التجزئة القومية والوطنية التي تمزٌق الشعب الفلسطيني خبران شغلا الرأي العام الوطني مؤخرا هما قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال وقضية عضو الكنيست الإسرائيلي المستقيل ، العربي الفلسطيني د. عزمي بشارة .
وتعطي القيادة السياسية المعترف بها للشعب الفلسطيني ، مثلها مثل القيادات الفصائلية والشعبية ، أولوية لقضية الأسرى بسبب ثقلها في استقطاب التأييد الشعبي ولكون الإفراج عن الأسرى أو بعضهم "ممكنا" بالمقارنة مع القضايا الشائكة الأخرى ثم بسبب بعدها الإنساني . لكن كل هؤلاء يصمتون أو يتحفظون أو يتحدثون على استحياء إذا تعلٌق الأمر بأسرى من القدس أو غيرهم من "مواطني" إسرائيل الفلسطينيين "احتراما" للإتفاقيات الموقعة . وطبقا لما أعلنته مؤسسة القدس الدولية بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني في نيسان / أبريل الماضي هناك 525 أسيرا مقدسيا منهم ستة نساء و12 طفلا استشهد منهم في الأسر 12 مقدسيا خمسة منهم نتيجة الإهمال الطبي ، الذي هو أقل إيلاما بالنسبة لهم من الإهمال السياسي لقضيتهم . إن الأهمية السياسية والوطنية لقضية الأسرى المقدسيين تفوق كثيرا قضية أسر أكثر من ستين عضوا منتخبا في المجلس التشريعي الفلسطيني ، بمن فيهم رئيسه ، وكذلك قضية أكثر من عشرة آلاف مقاوم ومناضل في أسر الإحتلال ، بسبب أهمية القدس الوطنية والعربية والإسلامية وأيضا لأنها المفتاح لنجاح المفاوضات أو فشلها في مشروع حل الدولتين للسلام .

ويكشف الصمت "الرسمي" الفلسطيني والعربي عن"التدخل" في قضية عزمي بشارة وضع التجزئة المأساوي الذي أوصل "التعريب" الرسمي القضية الفلسطينية إليه ، كشفا يغني عن التعليق المُفصٌل ، غير أن الإشارة إلى كون الرجل يمثٌل حركة وطنية فلسطينية عربية الإنتماء وقومية المنطلقات يحوٌل هذا الصمت الرسمي إلى قضية في حدٌ ذاتها .

وخلال العام المنصرم نكأت ثلاثة مواقف منعزلة جروح المأزق القومي الذي تعيشه القضية الفاسطينية . فأولا حرصت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف.) على استبعاد أي شبهة بوجود أي علاقة لها بالمقاومة اللبنانية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان ، بالرغم من شمول العدوان لمخيمات الشعب الفلسطيني في البلد الشقيق ، وكذلك استبعادها أي إمكانية للربط بين قضيتي الأسرى الإسرائيليين لدى الفلسطينيين واللبنانيين ، خشية احتساب الأميركيين والإسرائيليين لها ضمن معسكر ما يسمى "الإرهاب" الدولي وما يُسمٌى إقليميا "محور الشر" السوري الإيراني .

وثانيا إنطلقت دعوة مدوية للقومية والوحدة العربية في الرابع من اب / أغسطس 2006 ، بلغة غير عربية ، وباعتزاز بالإنتماء للمدرسة العربية الناصرية ، من زعيم غير عربي هو الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز ، في وقت عزٌ فيه العرب ، واستشرت الشعوبية ، واصبحت القومية العربية هدفا لكل الطامعين في الوطن العربي من الغزاة والمحتلين . قال شافيز: "إن قلبي لينبض مع ملايين القلوب العربية، يمكنني أن أكون أنا عربي ، ... إن هذا الشعب يسكن في قلبي ، ... حدثني أحدهم عن تشاؤمه من مستقبل القومية العربية فأجبته بأنني متفائل" .

ثالثا منع مطران عربي فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية ، هو مطران الكنيسة الأنجليكانيّة في القدس رياح أبو العسل ، من مغادرة مطار اللد (بن غوريون) إلى جنيف ثم لندن مساء يوم السادس من آب / أغسطس لأنه أصر على مخاطبة مسؤولي الأمن الإسرائيليين باللغة العربية ، "إحدى لغتين رسميتين لدولة اسرائيل" على حد قوله .

ألم يكن شافيز الذي ، لا "يفك" الحرف العربي ، أفصح في لغته العربية من كثير من العرب الأقحاح الذين كرٌمهم الله بأن أنزل كتابه الكريم بلسانهم ؟ ألم يكن المطران المسيحي أحرص على لغة القرآن من كثير من المحسوبين عليها ؟ ألم تعد اللغة العربية الرسمية السائدة أميركية المعنى بل وأجنبية المبنى أحيانا ؟

لا يشك أي فلسطيني ، أيا كان دينه ، في انتمائه العربي . غير أن المسار السياسي الرسمي العربي -- الذي تخلٌٌى عمليا عن مسؤولياته القومية ، أولا بوعده الفلسطينيين بالدعم إن هم "قاتلوا" فوق ارضهم ، ثم بوعده لهم بالدعم إن هم تخلٌوا عن "العنف" لأن الوضع الدولي المتغيٌر لم يعد يفهم المقاومة إلا إرهابا – قد خلق بيئة ثقافية وإعلامية وسياسية انعكست سلبا على هذا الانتماء عندما أعطى الأولوية لقضاياه القطرية على ما كان خلال "مرحلة ثورية" انقضت يُعتبر "القضية المركزية" للأمة ، مما قاد إلى ما أصبح يعرف ب"القرار الوطني الفلسطيني المستقل" خلال العقود القليلة الماضية .

فالقيادة الفلسطينية ، بذريعة الدفاع عن "القرار الوطني المستقل" ، قالت وما زالت تقول إن عرب فلسطين فلسطينيون ، "أولا" في الأقل ، وينبغي أن يكون قرارهم وطنيا ، ومسارهم "مستقلا" ، وعليه انفردت وتفردت بقرار الحرب والسلم مع إسرائيل ، ثم رفعت صوتها مستجيرة بالعرب ، دون مجيب ، لأن العرب ، أو دولهم التي تصفها جامعتهم ب "العربية" قد تحوٌلوا إلى مصريين وليبيين وأردنيين وعراقيين ، الخ. وأفرطت هذه القيادة في "الاستقلالية" حتى لتكاد تنغلق على نفسها في "تأقلم" سياسي مع "الإستحقاقات" الدولية الخارجية ، خصوصا الإسرائيلية الأميركية ، يبلغ حد "الإقليمية" ، في تناغم مع "التعريب" الرسمي جعل الإستهتار بالعرب والعروبة "نغمة" مألوفة في الشارع الفلسطيني الذي لا تتيح له ضغوط الإحتلال والحصار وقتا للتمييز بين الحكومات العربية وبين شعوبها .

والمُسوٌغ الفلسطيني هو أن العرب هم الذين بدأوا بالتفرد ، فاقتدى الفلسطينيون بهم ، ناسين أو متناسين أن إفراطهم في الإنغلاق الوطني حدٌ الإقليمية قد سوٌغ لكل العازفين من العرب عن الهمٌ القومي ، أو التعبين منه ، التنصل من مسؤولياتهم القومية تجاه القضية الفلسطينية ، وأراحهم من "التوريط" الفلسطيني لهم في صراع قرٌروا أخيرا وبشكل مُعلن ورسمي في بيروت عام 2002 أن يجنحوا إلى السلم فيه ، وليذهب الفلسطينيون هم وربهم فيقاتلون ، غير أن القيادة الفلسطينية قررت أن تتسلق عربتهم هذه المرة ، لأن "الموت مع الجماعة رحمة" كما يقول مثلهم الشعبي ، أو ربما لملاحقة "العيٌار لباب الدار" كما يقول مثل آخر ، فربطت مصير قضيتها بمصيرهم وقرارها المستقل بمبادرة السلام العربية حتى يقدٌر الله أمرا كان مفعولا.

غير أن العودة إلى الارتباط بالمصير العربي يتطلب التراجع عن مسارين فلسطينيين أحدهما ذاتي والآخر موضوعي . والمسار الموضوعي نصٌت عليه الإتفاقيات الموقٌعة مع إسرائيل بعدم الدخول في تعاهدات سياسية أو دفاعية إقليمية أو دولية إلا بالإتفاق الثنائي خشية أن تهدد تعاهدات كهذه أمن اسرائيل . ومن الواضح أن اسرائيل لا ترى في المبادرة العربية تهديدا لأمنها لذلك فإنها تغضٌ النظر . وإذا كان الإرتباط بالمصير العربي قرارا فلسطينيا استراتيجيا ، والمعطيات لا تشير إلى ذلك ، فإن على القيادة الفلسطينية أن تتراجع عن المسار الآخر ... الذاتي المتمثل بالقرار المستقل والإستحقاقات التي ترتبت عليه .

لقد بدأ المسار الوطني الفلسطيني ، لفظيا في الأقل ، بتغيير اسم "الميثاق القومي" لمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 إلى "الميثاق الوطني" عام 1968 ، في ظروف موضوعية لم تتح أي فرصة للشك في دوافع التغيير آنذاك . ثم انتهى هذا المسار في المجلس الوطني الفلسطيني بغزة سنة 1998 ، الذي أثار وما زال يثيرالكثير من الجدل والشك في شرعيته ، إلى تعديل للميثاق الوطني خلق ألإنقسام الأكبر في الإجتهاد الوطني الفلسطيني في تاريخه الحديث ، انقساما لم تبرأ منه الصفوف الوطنية حتى الآن ، لكنه أيضا وضع الإنتماء القومي لعرب فلسطين على المحك لأول مرة في تاريخهم ، استجابة "لاستحقاقات" السلام ، ولم يكن ذلك التعديل ممكنا إلا على قاعدة "القرار المستقل" وعلى خلفية "التعريب" الرسمي لإدارة القضية قوميا .

ومن عاش زمن تلك التعديلات مذ كانت همسا في الكواليس لا بد وأن يتذكر أن إجراءها كان شرطا إسرائيليا – أميركيا مسبقا لدخول مرحلة مفاوضات الوضع النهائي لاتفاقيات أوسلو ، التي استحقت في تموز / يوليو من العام التالي ، كما كان إلغاء بنود الميثاق التي تشرٌع صلة الرحم القومية بين الشعب الفلسطيني وبين أمته ضمانة مسبقة لإسرائيل بأن تبقى سلطة الحكم الذاتي ثم الدولة المرجوٌة فيما بعد مرتبطة بإسرائيل مع استبعاد أي ارتباط محتمل لها بعمقها الجيوبوليتيكي القومي والإسلامي .

فهل هناك أي تفسير آخر لإلغاء المادة (14) من الميثاق القومي للمنظمة والتي يقابلها المادة (15) من الميثاق الوطني والتي تنصٌ : (إن تحرير فلسطين من ناحية عربية هو واجب قومي تقع مسؤوليته كاملة على الأمة العربية بأسرها حكومات وشعوبا وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني) ! أوالمادة (7) التي تنص على "تنشئة الفرد الفلسطيني تنشئة عربية ثورية" أو المادة (10) التي تنصٌ على "تحقيق التلاحم النضالي الوطني بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني وبينها وبين الجماهير العربية" ! وما هذا إلا غيض من فيض بنود أخرى حُذفت منها مقاطع وعُدٌلت وجميعها تشير إلى انتماء الشعب الفلسطيني إلى أمته العربية , وعن دور هذه الأمة في التحرير , وعن إيمان هذا الشعب بالوحدة العربية وأن أرضه جزء من الوطن العربي , وأن مصيره مرتبطاً بمصيرها . لماذا أُلغيت أو عُدٌلت هذه المواد ولا علاقة لها لا بالإعتراف بإسرائيل ولا بنبذ العنف ولا باعتماد المفاوضات سبيلا لحل الصراع ؟
ويتجسٌد صراع الروح والعقل الفلسطيني بين الإنتماء الوطني وبين الإنتماء القومي في نصٌ دستوري لاحق يتعارض مع تعديل الميثاق . فقد حرص "القانون الأساسي" للسلطة الفلسطينية على تكرار عبارة "الشعب العربي الفلسطيني" ، وقرر في مقدمته "الأسس الثابتة التي تمثل الوجدان الجماعي لشعبنا ، بمكوناته الروحية ، وعقيدته الوطنية ، وانتمائه القومي" ، لينصٌ في المادة (1) من الباب الأول على أن "فلسطين جزء من الوطن العربي الكبير والشعب العربي الفلسطيني جزء من الأمة العربية والوحدة العربية هدف يعمل الشعب الفلسطيني من أجل تحقيقه" ؟!
كاتب لبناني
[email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
تحوُّلات كبرى تصنعها اليمن لصالح القضية الفلسطينية
يحيى علي نوري

عبدالباري طاهر.. رجل أحدثَ فارقاً في حياتنا
منال الشيباني

الوحدة اليمنية مكسب تاريخي عظيم
محمد سالم با رماده

مرحلة التصعيد الرابعة رَدٌّ على العدو الصهيوني الأمريكي
عبدالله صالح الحاج

مرحلة التصعيد الرابعة.. نُصْرَةً لغَزَّة
أحمد الزبيري

اليوم العالمي للعُمال.. تذكير بالتنمية والسلام
* عبدالسلام الدباء

التعايش أو الصدام ولا خيار ثالث
المستشار المحامي/ محمد علي الشاوش

عيد العمال.. حقيقة وفكرة في طريق الأجيال
المستشار/ جمال عبدالرحمن الحضرمي

هل تنجح الضغوط في تغيير السياسة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية؟
د. طه حسين الهمداني

"إسرائيل" فوق القانون الدولي.. لماذا ؟!
طه العامري

صباحات لا تُنسى
شوقي شاهر

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)