محمد شرف الدين -
قضايا المغتربين اليمنيين التي تثار بين الحين والآخر تكشف حقيقة مأساة الشعب اليمني، وبشاعة التفكير الطاغوتي لدى احزاب وشخصيات او اشخاص في هذا الوطن يعدون هم السبب الاول في معاناة أبناء الشعب اليمني واستمرار تشرده في أرجاء الأرض بحثاً عن فتات العيش .. فيما هؤلاء يعتقدون مثل الائمة ان اليمن وثرواتها وخيراتها هي ملك لهم ولأولادهم فقط .. من جديد تثار قضية المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية الشقيقة وغيرها ، بطريقة فيها من الاستخفاف بوعي الشعب مايبعث على التقزز ..خصوصا عندما يخرج الفاسدون والمتنفذون يتباكون وهم سبب المشكلة التي يعاني منها شعبنا بعد ان تمادوا في سلب حقوقهم وضاقت الارض بما رحبت وانطلقوا هائمين في ارض الله بحثا أولاً عن حياة خالية من الظلم والقهر والإستعباد ومن ثم عن لقمة العيش .. لا أدافع هنا عن الانتهاكات التي يتعرض لها أهلنا المغتربون.. لكن ان ينبري سارقو لقمة عيش المواطن اليمني ويتباكوا بدموع التماسيح اليوم ليس حبا فيهم فهم أول من شردوهم وإنما من أجل تحقيق اغراض في انفسهم باسم حقوق المغتربين ..وهذه قمة المهزلة .. مخجل ان يتم التعامل مع قضية حوالي خمسة ملايين يمني مغترب بعشوائية وبأسلوب لا يعكس أية مسئولية وطنية .. او يقوم على سياسات استراتيجية لوقف معاناة شعب مشرد في أصقاع الارض ..أو بالاصح فقد صار هناك جيلان لم يعد يربطهما بالوطن الأم إلا ذكريات حزينة خصوصاً أولئك الذين لم يولدوا في اليمن، فقد كل شيء يربطهما به عدا معاناة الانتماء والخوف من العودة الى وطن تسيطر عليه التماسيح.. ان الذين يراهنون على حل قضية المغتربين اليمنيين من قبل الخارج يعكسون حالة افلاس واضح ..او انهم يصرون على عدم اجراء اصلاحات حقيقية في البلاد ، ويتعمدون مواصلة سياسة تعذيب وتشريد وتجويع الشعب اليمني .. فليس من المعقول ان ترتفع اصوات هؤلاء ضد الجيران، فيما نجدهم لايرفعون اصواتهم ولا يتحدثون عمن يشرد أولئك الآلاف من ابناء الشعب اليمني .. ليس هذا فحسب، بل نجدهم يتحدثون عن نهب حقوق المغتربين .. في الوقت الذي نجد الذين هاجروا من اليمن اتخذوا هذا القرار بعد ان تعرضوا لأكبر عملية نهب في أرضهم .. والاسوأ من ذلك ان المغتربين الذين فتح الله عليهم وما اكثرهم عادوا الى اليمن وحلموا بإقامة مشاريع استثمارية ..ورغم ذلك يتعرضون لعمليات ابتزاز فظيعة داخل وطنهم من قبل مسئولين ونافذين في البلاد وهناك الآلاف من القضايا في محاكم موظفة مع هؤلاء النهابة .. علينا ان نعترف ان حل قضية المغتربين لا يمكن ان تكون إلا بإرساء نظام سياسي عادل يجسد حقيقة الشراكة في السلطة والثروة والمواطنة المتساوية ..بمعنى انهاء سياسة ممارسة الظلم ونهب حقوق وقوت الشعب من قبل أشخاص يعتبرون جوهر المشكلة ليس للمغتربين وانما لأبناء الشعب اليمني قاطبة .. ومن يعتقد ان «بواس ركب» الاشقاء والاصدقاء سيحل المشكلة فهو واهم .. لان هذا الاسلوب يبقى اسلوب الذين يريدون نهب المزيد من خيرات الشعب من خلال اللهث وراء مثل هذه الحلول المؤقتة سيما واننا لا نجد ان لدى الجهات المختصة رؤية استراتيجية او انهم يمارسون سياسات وينفذون خططاً تهدف لمعالجة هذه المشكلة وغيرها على المدى القريب او البعيد .. والمضحك المبكي ان نجد العالم قلقاً من تدهور الاوضاع الانسانية في البلاد ونسمع يومياً تحذيرات من كارثة ستحل باليمن حيث ان نصف السكان أي ما يربو على عشرة ملايين يمني يواجهون مجاعة حقيقية.. ولم نسمع تباكي هؤلاء حتى وهم يدركون يقيناً رغم هذه الظروف الصعبة ان وزراء نافذين في الحكومة ينهبون المال العام نهاراً جهاراً وبالقوة ، كما يمنحون المناقصات لأقاربهم ويحصرون بيع النفط على اشخاص ويستأثرون بالوظيفة العامة ويوزعونها على المقربين منهم في اطار نفس الشلة .. وقد بلغت بهم البجاحة مؤخراً الى تحويل مؤتمر الحوار الى مؤتمر شبه أسري .. اليمنيون أحرار ولا يمكن ان يقبلوا بالظلم الا عندما يجدون ظلم الآخرين ارحم من بشاعة ووحشية ظلم ذوي القربى .. ألا ترون انه يتم ترحيل المغتربين من دول الجوار فتجبرهم الظروف إلى تكرار المأساة والعودة مرة أخرى للبحث عن لقمة العيش التي حرموا منها داخل وطنهم. صراحةً.. نحن من نلحق المتاعب بأهلنا المغتربين اكثر من الآخرين .. والذين يتحدثون عن ظلم الكفيل .. عليهم ان يسألوا انفسهم لماذا يفر ابناء اليمن المتعلمون وغيرهم من بلادهم الى الهجرة .. أليس بشاعة الظلم والفساد وغياب العدالة الاجتماعية وسيادة قانون الغاب؟