فائز سالم بن عمرو -
سريعا ما تتبخر الآمال وتسرق الأحلام ، ويكرر التاريخ وأحداثه المؤسفة التي لا يتعلم احد منها ، « الثورة تصنعها الشعوب ويقودها الأبطال ويجني ثمرتها الجبناء « ، هذه الثنائية الوطنية تتكرر في كل الثورات ، وفي كل الأزمنة والأمكنة ، فكثيرا ما يدوس النفعيون على تضحيات الشعوب ليتربعوا على السلطة ويتناسوا دماء الشهداء ، وكم تعالت صيحات الشعوب والمستضعفين بالحرية والكرامة لتنصيب أنظمة وزعامات دكتاتورية يسومونهم القهر والذل باسم الحرية والديمقراطية . قضية الجنوب ومطالب أبنائها بالعدالة والحرية والعيش بكرامة ورفض الظلم آمن بها الشعب والمواطن ، وتبناها أشخاص وقيادات وأفراد منطلقين بإيمانهم لوطنهم وحقوق أمتهم وشعوبهم دون انتظار الجزاء والمناصب ومغريات السلطة ، هؤلاء الذين ضحوا بدمائهم ودموعهم وأموالهم لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة ، وحينما اعترف الداخل والخارج بالقضية الجنوبية ، وضرورة حلها وإعادة الحقوق لأهلها ، وايجاد صيغة جديدة وعادلة لميثاق عيش قابل للحياة في إطار اليمن الواحد بدولته المدنية الحديثة ذات المؤسسات الشرعية التي يحتكم فيها المواطن للنظام والقانون ، ولا يفقد ادميته وكرامته في ظل دولة الشيخ أو تحت تهديد الرشاش والمدفع ، فحينئذٍ تهاطل (المناضلون ) والمزايدون والمتاجرون بقضية الجنوب ، وكلا يزايد ويطلق الشعارات والعبارات والتهديدات وكل ذلك من اجل ان يهيمنوا على ابناء الجنوب الذين يعرفون انهم قيادات زائفة تعرض وطنها وقضاياه لسوق النخاسة الإقليمي وبثمن بخس . صار الوطن وأبناؤه وقضاياهم فريسة لكل مشترٍ ومزايد وخائن ، وارتبط كثير من مدعيي النضال والحرية والكرامة بسماسرة الوطن وتجار الأوطان ، وأصبحت العمالة والارتباط بالخارج وأجهزته وجمعياته وسفاراته مفخرة ومزية يرفعها كل خائن وسارق لآمال الشعب ، ويتغنى بها في كل محفل خارجي وداخلي .. فهل ستبنى الأوطان ، وتنال حريتها وكرامتها وتقدمها بالتآمر ، والسقوط في فخ العمالة والاستقواء بالأجنبي وبأموال المشاريع المشبوهة والمسمومة .؟ إذا عدت للمشاريع والأفكار والحلول المعروضة في الساحة اليمنية للخروج بالوطن من أزمته والتي يحاول الجميع بالحوار والتوافق على وطن يتسع للجميع ويستوعبهم ، ولا يقصي أحداً من أبناءه، نرى أطروحات ومشاريع لا تنتمي للواقع اليمني ، وتسعى لتفتيت الوطن وتمزيقه ، واستبدال قيادات وهمية سابقة بقيادات تجاوزها الزمن والتاريخ . استجابة الحراك الجنوبي لقيادات وزعامات وهمية أعطيت لها هالة اعلامية زائفة لتتخلى عن طموحات الشعب والوطن وتعود لتاريخها وتبعيتها للداخل والخارج يظهر ضعفا تنظيميا ووطنيا في مسار القضية الجنوبية ويوضح بان هذه القيادات تستجر الماضي ، وتسعى مجددا لتأجيج الصراع بين أبناء الوطن لتفرض نفسها كابوساً ثقيلاً على صدور الشعب والوطن ..وما يؤسف له هو ان نجد البعض يهتف لقيادات أورثت الوطن والشعب الآلام والعنف والاقتتال ، وتعاملت معه بمبدأ السادة والعبيد . لا قيمة للأوطان وقضاياها الحقة ولمطالبها العادلة والمشروعة إذا لم يكن صوت الشعب وحقوقه فوق القيادات والرموز والأشخاص . سترفع الشعوب المتطلعة للحرية والكرامة والعدالة تلك القيادات إذا سارت مع مطالب ابناء شعبها وأخلصت في قضايا وطنها ، وتخلت من اجل الوطن عن منافعها الذاتية وتطلعاتها الماضوية ، وعملوا لخدمة شعبهم وحل قضاياه .. فهاهنا ستشرق شمس الحرية وتتحقق الكرامة والعدالة الاجتماعية ، وتستعيد اليمن تاريخها المجيد وواقعها السعيد الذي أضعناه لزمن طويل ، وتمسكنا بأشخاص ، وتركنا حب الوطن والإخلاص له والتضحية من اجله .
[email protected]