|
|
|
حوار/ منصور الغدرة- توفيق الشرعبي - علياء فيصل الشعبي لـ«الميثاق»:دماء والدي فجرت باب الصراعات في اليمن
شاء القدر ألاّ تعيش في كنف والدها كأي فتاة.. كما أن الواقع لم يدع لها حالها فصارعت التناقضات والبحث عن إجابات لأسئلة هل والدها خائن كما يقول الشارع أم هو بطل وطني وفقاً لدموع الأسرة؟!
تحدت كل شيء وحملت القضية بمسئولية بحثاً عن رفات والدها الذي يمثل الدينمو والعقل المدبر لثورة 14 أكتوبر- كما قال لها رئيس الجمهورية.. ورغم مرور 44 عاماً إلى الثلاثاء الماضي من مولدها في الـ28 مايو 1969م.. لاتزال علياء فيصل عبداللطيف الشعبي تتجرجر وراء بصيص الأمل دون كلل أو ملل لمعرفة مصير رفات والدها الذي تمت تصفيته في معتقل فتح محافظة عدن وهو يشغر منصب نائب رئيس الجمهورية في الشطر الجنوبي آنذاك..
علياء لا تريد من العدالة سوى «رفات» تضعها في قبره تؤمه روحها وروح أبنائها وأحفادها بالدعاء للشهيد البطل فيصل الشعبي.. أما تاريخه العظيم الذي حاول القتلة تشويهه فقد رد اعتباره حب الشرفاء والابطال والمخلصين من أبناء الوطن الموحد ليظل سيرة عطرة تثبت القلوب على الحرية والكرامة وحب الأوطان..
وفي هذه المساحة من صحيفة «الميثاق» قالت عليا جزءاً مما يستحق القراءة:.. فالى نص الحوار:-
- .. أأنتِ علياء..؟!
- نعم اني علياء فيصل عبداللطيف الشعبي.
- ما الذي عرفتيه عن تاريخ والدك ؟
- عرفت عنه في الشارع انه خائن وفي البيت بطل وطني.
- ما هذا الكلام- أحقاً انتِ علياء بنت المناضل فيصل عبداللطيف الشعبي .. اقول لك ما ذا عرفت او سمعت عنه من احاديث..؟!
- سمعت انه خائن..
- ماذا تقولين..؟!
هذا الواقع الحاصل والذي عشته واعيشه منذ44 سنة، حيث انني وعيت على ذكرى اسمها ذكرى 22 يونيو 1969م الخطوة التصحيحية، وكان ذلك اليوم اجازة رسمية يحتفلون بمقتل والدي، حيث جلسوا في الجنوب 20سنة- للأسف- يحتفلون بمقتله..اذ اقروا يوم22 يونيو من كل عام عطلة رسمية، بمناسبة ماذا..؟! بمناسبة يوم مقتل والدي، وكنت في 21 يونيو من كل عام اسمع في الطابور المدرسي انه في هذا اليوم حاول قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي ان يرتموا في احضان الامبريالية والمستعمر البريطاني. في الوقت الذي تم قتله لأنه كان ثائراً ومن ابرز قادة ثورة 14 اكتوبر 1963م، ويمكن انه الدينمو المحرك للثورة ضد الاحتلال الانجليزي لجنوب اليمن، وهو من فاوض المستعمر في جنيف على الاستقلال الناجز الذي تحقق في الـ30 من نوفمبر1967م، ورحيل اخر جندي للمحتل من بلادنا.
وفيصل عبداللطيف مؤسس ومسئول فرع حركة القومين العرب باليمن
- عندما كنت تسمعين وانتِ طالبة لمن يحتفلون بمقتل والدك.. الم يؤثر هذا في نفسيتك؟
- منذ ان كان عمري عشر سنوات وأنا اسمع هذا الكلام.. الاحتفال بيوم القضاء على الخونة.. كيف لم يؤثر عليُ، لكن كانت اعصابي قوية بما فيه الكفاية لتتحمل مثل هذا الكلام الذي أحدث لدى انفصام في الشخصية، فكنت اخرج الى الشارع واسمع كلام ان والدي خائن وأعود الى البيت اسمع عنه كلاماً انه بطل وثائر. في الوقت الذي كنت اسمع خلال مراحل حياتي أن القتلة استغلوا المرحلة وقتلوا واعدموا اشخاصاً كثيرين في محاكمات صورية، فقط لأنهم من انصار فيصل عبداللطيف، وليس لجرم ارتكبوه، كإعدام علي عبدالعليم.
وهذا الامر جرى في حادثة مقتل مجموعة طائرة الدبلوماسيين التي تم تفجيرها في الجو وعلى متنها أكثر من 22 من الوزراء والدبلوماسيين والادباء والقيادات السياسية والعسكرية، حدث لهم هذا لأنهم من- انصار فيصل عبداللطيف الشعبي، بالإضافة الى عمليات الاغتيالات والاختطافات والترهيب لنا ونحن اطفال واعمامي في المعتقل- عمي قحطان الشعبي وعمي عبدالقوي في السجن.
ورث فيصل
- كم انتم ابناء فيصل الشعبي ؟
- نحن اولاد فيصل عبد الطيف الشعبي ثلاثة- اثنين ذكور وبنت- علاء الكبير عندما قتل ابي كان عمره اربع سنوات، والان يعمل موظفا في اول سلم الدرجة الوظيفية بالمنطقة الحرة في عدن، يمكن درجته كاتب. اما شقيقي الاصغر(عائد) كان يومها لا يزال في بطن امي.. وحاليا يعمل أيضا في اول سلم الدرجة الوظيفية في مصافي عدن.. وأنا علياء كان عمري 22 يوما فقط عند اعتقال والدي وإيداعه السجن وعشرة اشهر يوم استشهاده.
زوروا..!!
- أشرت الى أن قحطان الشعبي عمك فهل هو أخ لفيصل عبداللطيف؟
- قحطان الشعبي عمي زوج عمتي شقيقة والدي، لكنهم زوروا التاريخ حينها بأنه شقيق والدي- وضللوا الرأي العام وقالوا ان الرئيس قحطان الشعبي وفيصل وعبدالقوي الشعبي اشقاء، وانه حكم الرئيس قحطان عائلي.
- هل كانوا يسمحون لأسرهم بزيارتهم في المعتقل؟
- نعم.. وكانوا يسمحون بالزيارة ليس رأفة بهم ولا حبا لأسرهم، وإنما فقط لكي نرى- من وجهة نظر النظام حينها- مصير الخونة وكيف هي نهايتهم.. وعمي عبدالقوي ظل في المعتقل عشر سنين.. وعندما كنت ازور عمي قحطان في السجن كان يسمعني كلاماً غير الكلام الذي اسمعه في الشارع والمدرسة عن والدي.
امام هذه الاهوال أتسألني ان كنت لم اتأثر نفسيا- الحمدلله- عادني أعيش على قيد الحياة الى اليوم واقف امامك الان هنا في مؤتمر الحوار، في قاعة فريق عمل العدالة الانتقالية التي احاول من خلالها انصاف والدي فيصل عبداللطيف الشعبي وكل رفاقه والانتصار لتاريخهم النضالي الناصع وليس المشوه بالقرار السياسي.
زنزانة الموت
- ما هي قصة تفاصيل استشهاد والدك ؟
- والدي قتل في زنزانته في سجن فتح بعدن، ارهب سجون ومعتقلات السياسيين في الجنوب، وكان عمي عبدالقوي وعمي قحطان موجودين في المعتقل نفسه.. لكن كل واحد منهم مسجون في زنزانة انفرادية..
عمي قحطان قال لي ولابنه نجيب يا بنتي هذه الثورة التي قمنا بها، وهذا الانتصار في تحرير الوطن من الاستعمار البريطاني- 99% منه كان من صنع والدك فيصل عبداللطيف الشعبي، والواحد بالمائة الباقي اشتركنا فيه جميعا ابناء الشعب اليمني ومعنا ايضا فيصل عبداللطيف.
وأما بالنسبة لقصة تصفية او مقتل والدي سمعناها من شهود ومن مقربين وأصدقاء لوالدي منهم كانوا في المعتقل ومنهم مسئولين، بالإضافة الى ان هناك دراسة قام بها الاخ عبدالكريم الخيواني وشملت ظروف اعتقال وقتل والدي وآخرين- حيث قابل عددا من الشهود ممن كانوا معتقلين في زنازين مجاورة لزنزانة والدي وشاهدوا التعذيب الذي تعرض له والدي اثناء فترة الاعتقال الى ان فارق الحياة من جراء ذلك، وبعد ذلك قاموا باطلاق الرصاص على رأسه.. وعندما استعرضت الدراسة هنا من قبل فريق العدالة الانتقالية عملت مشكلة- داخل الفريق- أي ان مقتل فيصل عبداللطيف عمل مشكلة كبيرة داخل قاعة مؤتمر الحوار.
لعنة فيصل
- مقتل والدك ماذا يمثل لليمن؟
- الصراعات السياسية في اليمن- شمالا وجنوباً- تبدأ بمقتل فيصل عبداللطيف الشعبي، فاذا ما اردنا ان نتكلم عن الجمهورية اليمنية فان الصراعات في اليمن بدأت من يوم مقتل فيصل عبداللطيف.
- هل ان الصراعات التي تلاحقت في الجنوب كانت لظلم مقتل والدك ؟
- طبعاً دم والدي لعنة تلاحق اليمنيين الى اليوم، وإذا لم ينتصرون لدم فيصل عبداللطيف ستستمر لعنة دمه تطاردهم.. فكل القيادات التي اشتركت وتواطأت في مقتله، وكذلك من سكت كأنه شارك في القتل.
- هناك دعوة للتصالح والتسامح تمت في الجنوب.. هل شملتكم ؟
- دعوني لحضور مليونية 13 يناير للتصالح والتسامح التي جرت في عدن، فرفضت تلبية الدعوة وقلت لهم انني لست معنية فيها- 13 يناير- لان التصالح والتسامح كانت فقط لجماعة 13 يناير1986م.
- ما اليوم الذي يعنيك إذاً؟
- اني معنية ما بعد يوم 28 مارس 1970م - يوم مقتل أبي- حيث قتل هذا اليوم وتم الإعلان عن مقتله يوم 1 إبريل لامتصاص غضب الناس وإيهامهم أن مقتله مجرد كذبة إبريل وليس حقيقة، الذي صادف يوم عيد الاضحى المبارك- وأما ما قبل هذا اليوم وكذا ما بعد احداث 13يناير86م، لست معنية بها.
- هل تعملين الان على تصحيح النظرة تجاه والدك وإعادة الاعتبار لتاريخه..؟
- الان الوضع تغير ولا نستطيع أن نتجاوز المراحل التاريخية للفترة الماضية.. ففي عام2011م رفعت في ساحة التغيير بجامعة صنعاء لأول مرة صورة فيصل عبداللطيف الشعبي عقل الاستقلال ودينمو ثورة أكتوبر منذ مقتله في 28 مارس1970م.. شعرت حينها ان وقع خطواتي بدأ للتو في اعادة الاعتبار لوالدي ومحو ما لحق بتاريخه النضالي الناصع.
- ألم تسمعي في يوم ما مسئول حكومي يروي لك ولو سراً التاريخ النضالي الحقيقي لأبيك..؟
- النائب السياسي الذي كان يعمل في المدرسة التي كنت ادرس فيها بعدن، كان يتكلم في الطابور المدرسي عن والدي ويقول عنه خائن، وبعد انتهاء الطابور كان يأتي اليً في الفصل ويقول لي «ما عليش» يا علياء هي الوظيفة التي اجبرتني على قول هذا..
صالح وفيصل
- .. ولم يذكر حتى في عهد الوحدة اليمنية ؟
- اذكر ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح ذكره في خطاب القاه في ميدان الحبيشي بمدينة عدن تقريباً عام 98-99م، وقال: ان ابطال ثورة 14 اكتوبر منهم الرئيس قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي، وتم اعطاءهم درجات جديدة تقديرا لتاريخهم النضالي.
لكن ابي لم يكرم رسميا منذ استقلال جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني عام1967 الى اليوم سوى تكريم واحد فقط من مركز الدراسات اليمني الذي يترأسه الدكتور عبدالعزيز المقالح.
وراتب ابي في عهد الوحدة تحول من مجلس الوزراء الى الضمان الاجتماعي ومضت سنوات ونحن نحاول اعادته الى مجلس الوزراء ولم نستطع اعادته باعتبار ان آخر منصب تولاه فيصل عبداللطيف قبل مقتله هو منصب نائب رئيس الجمهورية، حيث قام الرئيس قحطان بزيارة رسمية للصين في شهر مايو 69م فأصدر قرار جمهوري لوالدي بتولي منصب نائب رئيس الجمهورية والقيام بعمله إلى جانب عمله كرئيس وزراء، غير انهم حتى الان يتعاملون معنا بطريقة وبأسلوب تعطيك احياءات بعدم الاعتراف له بهذا المنصب وهذا شيء غريب.
لا يليق بتاريخ ومكانة فيصل عبداللطيف ان يظل راتبه حتى الان في الضمان الاجتماعي، وليس في مجلس الوزراء كما كان في الجنوب.. وهذا عيب في حقنا كيمنيين ان نتعامل مع رمز من رموزنا النضالية بهذا الاجحاف.
لا راتب لوالدكم إلاَّ..!!
بل والأفظع من ذلك ان المسئولين في الضمان كانوا اوقفوا راتب والدي، على اعتبار ان فيصل عبداللطيف كان موظفا في الدولة انتهى.. وعندما ذهبنا اليهم للمراجعة عنه رفضوا صرفه، وقالوا لنا احضروا وثيقة شهادة وفاة له.. لكن من اين نأتي لهم بشهادة الوفاة ونحن لم نستلم جثمان والدي ولا نعرف مكان دفنه حتى اللحظة.. وطلبوا منا ايضاً احضار قرار تعيينه نائبا لرئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..
نحن ابناء وأسرة فيصل عبداللطيف الى اليوم لم نلق لفتة من أي نظام حكم اليمن، لا من نظام من حكموا اليمن بعد الوحدة ولا من نظام الحزب الاشتراكي اليمني اثناء حكمه للجنوب، رغم انني الان موجودة هنا في مؤتمر الحوار الوطني من حصة الحزب الاشتراكي كوني مستقلة لاعتبارات سياسية، وهذا يحسب للحزب بقيادة امينه العام الدكتور ياسين سعيد نعمان انه تنازل لي بمقعد للمستقلين من حصة الاشتراكي.
والرئيس السابق علي عبدالله صالح قد يكون لفت او كرم وأعاد الاعتبار للرئيس قحطان الشعبي، لكنه لم ينظر الى فيصل عبداللطيف بالمرة.
- لكنه ذكره في خطاباته غير مرة ؟
- فمسألة ذكر الاسم هذا لا يعتبر رد اعتبار او تكريم، لأنهم كانوا يذكرون حتى الامام احمد والاستعمار.
الشهيد عنتر
- .. وكيف كان الأمر بالنسبة للمسئولين في الجنوب قبل الوحدة هكذا؟
- الشهيد علي عنتر- الله يرحمه- كان هو الوحيد الذي يعطف علينا ويتصل بنا من اجل ان يقابلنا- حيث كان يقول «جيبوا لي عيال فيصل».. وكنا نذهب الى مكتبه ونلتقي به، وفي احد اللقاءات قال لنا تذكروني بالرفيق فيصل، وكان عندما ينظر الينا يتأمل فينا وتذرف عيناه بالدموع، وعند مجيء ذكر ابي يتنهد ويجهش بالبكاء.. طبعا الذي اعرفه أن علي عنتر كان صديق قوي لوالدي الى درجة ان ابي عندما جاؤوا رجال امن الدولة لأخذه من مكان اقامته الجبرية، رفض ان يفتح لهم الباب والذهاب معهم، وقال لهم لن اسلم نفسي إلا لعلي عنتر نتيجة العلاقة الوطيدة بينهما ولثقته بـ»عنتر»، لكنهم -للأسف- رفضوا الاستجابة لطلبه وكسروا الباب واقتادوه بالقوة.. لان الشهيد علي عنتر كان صاحب مبدأ ورجل وطني ولا يحب ظلم احد.
وعد القمش..!
- الى اين وصلت في بحثك عن رفاته..؟
- التقيت الاسبوع الماضي رئيس جهاز الامن السياسي، اللواء غالب مطهر القمش بحضور نائبه علي منصور رشيد، وفتحت معهما ملف- فيصل عبداللطف- بأننا لم نتسلم شهادة وفاته ولا رفاته.. وهذا شيء مقلق لنا، لان والدتي تقول إن اناساً كانوا يأتون اليها من وقت لآخر بعد مقتل والدي ويتحدثون معها مستخدمين الاسلوب الامني، ويقولون لها: رأينا فيصل فوق الجبل، ومرة اخرى ياتي آخرون يقولون لها «شوفنا» فيصل بشعب، رأيناه في صنعاء، شاهدنا فيصل في لندن.. الخ.
- ألا يزال القتلة او بعضهم على قيد الحياة....؟!
- واحد من القتلة لا يزال عايش على قيد الحياة.. واتمنى ان تكشف الملفات والكيفية التي تم بها تصفية والدي، كما اتمنى ان يطهروا انفسهم، ولا اعتقد ان الذي قتل والدي لم يحلم به في نومه، او انه لم يندم او يؤنب ضميره، لان والدي لم يكن دموياً ولم يظلم احداً وأنقذ معظم من قتلوه وخططوا لقتله- انقذهم غير مرة من القتل ومن الموت.
أتمنى مقابلة القاتل
- الم تكاشفي احدهم ذات يوم بجرمه..؟
- لا.. أبدا لم اتكلم مع أي شخص له علاقة او صلة بمقتل والدي.. ولكن اتمنى ان اقابل القاتل وأساله لماذا قتلته، وهل نظر وأمعن النظر في عيون ووجه فيصل عبداللطيف اثناء إطلاق الرصاص عليه.
- أستاذة علياء ما الأنشطة التي تمارسينها؟
- اعمل ناشطة حقوقية، وأتبوأ موقع رئيسة منظمة الفيصل لمقاومة الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري، حيث انهيت دراستي الثانوية في عدن وكنت اريد ان اثبت ذاتي فانتقلت عام1988م- قبل الوحدة- من عدن الى صنعاء وحصلت على منحة دراسية في المانيا لكن والدتي رفضت ان تتركني اسافر، وجاءت للعيش معي هنا في صنعاء واكملت الدراسة الجامعية وتخرجت تخصص علم نفس من جامعة صنعاء، والان اعيش في صنعاء مع زوجي وابنائي، بينما إخواني الاثنين يقيمون في مدينة عدن، حيث اعمالهم هناك..
أني ضحية
- هل لواقعة مقتل والدك علاقة في التحاقك بالنشاط الحقوقي ؟
- طبعاً للظروف والقصة التي قتل فيها والدي وإخفاء رفاته هو من جذبني الى الالتحاق بالنشاط الحقوقي، لانني اريد مواصلة البحث والوصول الى الحقيقة.. وأكون غير صادقة معك ان قلت لك ليس لمقتل ابي علاقة بعملي الحقوقي..
اني ضحية، لقد عانيت كثيرا من فقدان والدي منذ ان كنت طفلة، وبالنسبة للمسجونين والمخفين قسرا يمكن انني احس بهم اكثر من الاخرين، ليس من باب المدح ولكن معاناتي جعلتني الاقرب لهم.
- هل تسعين الى تحقيق اهداف كان والدك يطمح في تحقيقها ؟
- اتمنى ان ارى في هذه الوجوه الواقفة امامي فيصل عبداللطيف الشعبي، لكن للأسف لم القَ الى الان بين هؤلاء السياسيين واحد يمكن ان يكون بديل لفيصل او بداخله هم وطن.
- يعني كان وحدويا ؟
- والدي كان كله وحدويا، وهو من وحد الجنوب من مشيخات وسلطنات وامارات، وكتاباته والوثائق التي اقرها اثناء عمله النضالي والحكومي، يؤكد فيها ان الوحدة اليمنية يجب ان تكون اولا وحدة اقتصادية قبل ان تكون وحدة اندماجية سياسية.. حيث كان يفترض ان نبدأ بالوحدة تدريجيا حتى نصل في النهاية الى الوحدة الاندماجية التي فشلت اليوم، ولو كنا عملنا بخطة فيصل عبداللطيف في الوحدة الشعبية والاقتصادية والثقافية وتبادل الخبرات بين الشطرين لكنا وصلنا الى وحدة اندماجية ناجحة في اليمن.
نحن نعتبر ان الوحدة اليمنية - للأسف- نفعت فقط افراد واضرت باليمن وبالشعب وبالأرض التي تقاسمها النافذون والمتسلطون. نحن الان- للأسف- لابد ان نرجع بهذه الوحدة خطوة الى الوراء، بحيث نحاول اقرار نظام الفيدرالية من شطرين، وهي عودة خطوة الى الوراء.. بعد هذه الفيدرالية الشعب هو الذي يقرر الوحدة التي يريدها.
فيدرالية الأقاليم
- .. لكن الجميع يطروح فيدرالية اقاليم وليس شطرية بما في ذلك الحزب الاشتراكي ؟
- هذا رائي، فالشارع الجنوبي يطالب باستعادة الدولة الجنوبية، والدولة لم تكن فيدرالية اقاليم عند قيام وحدة الـ22مايو90م، وإنما كانت جمهوريتين موجودتين في شطري اليمن شماله وجنوبه. اما نظام فيدرالية الاقاليم معناه العودة باليمن الى فترة ما قبل الاستقلال.
- لو كان فيصل عبداللطيف لا يزال عائشا.. هل سيكون موجودا في قاعة الحوار ؟
- لو كان والدي عائشا لما كان هذا الحوار الجاري الان موجودا اساسا.. لأننا لن نصل الى هذه المرحلة من الخلاف والاختلاف، بل لكان عمل على تطبيق خطته التدريجية للوصول الى الوحدة اليمنية الاندماجية ونجح في ذلك.
المتحاورون
- كيف تقيمين الحوار الجاري ؟.
- اتمني من المتحاورين ان ينظروا الى الشارع والى الشعب ولا ينظرون الى صور بعضهم داخل قاعة الحوار، وخيارتنا نحن المتحاورين، فالشعب ينظر الى هذا الحوار بأمل كبير..نحن لدينا قضية كبيرة جدا.. وهي قضية الاخفاء القسري.
- هل تعتقدين ان رئيس جهاز الأمن السياسي سيفي بوعده ويدلك على مكان رفاة والدك..؟
- رئيس جهاز الامن السياسي، وعد وقال سأتعاون معكم في الكشف عن رفاة والدكم وبعض رفاقه وكثير من الضحايا الذين سقطوا في الصراعات السياسية.
- هل ترين ان العدالة ستنتصر لوالدك ؟
- كل املي وحلمي ان يسلموني رفاة والدي، وفيصل عبداللطيف من الصعب تجاوزه، لذلك تاريخه النضالي والسياسي ينصفه، حتى وان حاولوا طمس وسرقة تاريخه، بعد ان صادروا وسرقوا قبل وبعد قتله كل الوثائق الخاصة به.. وقالت والدتي انه كان يقول لها انا لم اورث او اترك لـ(علاء وعلياء) شيء الا تاريخ.
وبعد مقتله قطعوا علينا راتبه خمس سنوات، وبعد عام1982م التفت لنا الرئيس علي ناصر محمد، حيث كان راتب والدي يزيد عن مائة شلن بقليل فسواه ماليا براتب نائب رئيس جمهورية وتعامل معنا في الراتب الشهري فقط، كأبناء نائب رئيس جمهورية دون أي امتيازات اخرى.. ولم نحصل على بيت.. كان والدي يسكن في منزل خاص بسكن نائب رئيس الجمهورية وبعد إيداعه المعتقل اقتحموه وصادروا بعض محتوياته ورموا ببعضها الآخر الى الشارع.
عفاريت فيصل
- .. ومن الذي تكفل برعايتكم بعد ذلك ؟
- عمي عبدالقوي كان في المعتقل وبعد عشر سنوات من مقتل والدي تزوجت والدتي والدي الثاني عبدالعزيز الشعبي، الذي ضحى بحياته من أجلنا واعتبره ابا لنا عوضنا به الله بدلا عن والدي فيصل، كونه قبل ان يغامر بحياته مع ثلاثة ايتام «مش» أي ايتام وإنما ثلاثة»عفاريت».. تزوجت والدتي لكي ترعانا وتحمي نفسها من مضايقة الامن الذي لم يخلي لها حالها، كونها زوجة فيصل عبداللطيف وليس شخصاً اخر، وهذا هو واقعنا.. وهو للأسف واقع مؤلم ومؤسف.
- متى ستطمأن علياء فيصل عبداللطيف ؟
- عندما القى رفاة والدي، وهذا هو حلمي الذي سعيت له منذ كان عمري خمس سنين حينما مرت جنازة وقالوا سيذهبون لدفنها في المقبرة وقررت ساعتها اللاحق بهم الى المقبرة للمشاهدة كيف سيقبرون تلك الجنازة.. وقلت لماذا لا يكون لوالدي قبر معروف ازوره وأدعو له، ويعرف احفاده (اولادي)- فيصل، اماني مهند، عائشة- قبر جدهم فيصل عبداللطيف الشعبي.. وهذا رد اعتبار له.
- ما الكلمة الاخيرة يودين قولها ؟
- اتمنى من فريق العدالة المنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل ان يتحدثوا بروح العدالة لكي يخرجوا بمحددات لقانون ينصف الضحايا، لأننا تعبنا.. أنا امس- الثلاثاء 28مايو/ ايار- اكملت السنة الرابعة والأربعين من عمري وأنا اتجرجر وراء العدالة المفقودة وابحث عن رفاة والدي.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|