عباس غالب -
منذ فترة طويلة اعتمدت المملكة العربية السعودية سياسة الإحلال في الوظائف وذلك بالنظر إلى تشبع أسواقها المحلية بالمشروعات الخدمية والإنتاجية، فضلاً عن الاتجاه لسعودة الوظائف.. وبالتالي اقتصار استقدام العمالة على تلك المدربة والمؤهلة.
لقد استفادت العمالة اليمنية - دون شك - خلال الفترة الماضية من سياسة "غض الطرف" التي اعتمدتها المملكة تجاه العمالة اليمنية تقديراً لخصوصية العلاقات الثنائية من جهة، وبالنظر إلى الاتفاقات والمعاهدات الحدودية التي وقعّت بين البلدين وراعت في محتواها منح هذه العمالة خاصية استثنائية للعمل في السوق السعودية من جهة أخرى.
ومع الأسف الشديد، فإن الحكومات اليمنية المتعاقبة وصولاً إلى حكومة الوفاق لم تلتقط الإشارات المتكررة للأشقاء في المملكة ذات الصلة بتشبع السوق بالعمالة، حيث كان المتوقع من هذه الحكومات الموقرة أن تولي العمالة اليمنية كثير الاهتمام بالتدريب والتأهيل، كما هو حال العمالة الآسيوية -على سبيل المثال -وهو ما أثر بالنتيجة على وضعية العمالة اليمنية التي وجدت نفسها فجأة خارج دائرة احتياجات السوق الخليجية، فضلاً عن أعباء حجمها الكبير وتحديداً تلك العمالة التي تفد إلى المملكة بأساليب غير قانونية.
وحسناً أن يبادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتقديم مكرمة، يتاح- بموجبها - فرصة إضافية لتمديد إقامة العمالة اليمنية المتواجدة بصورة غير قانونية لتسوية وترتيب أوضاعها حتى آواخر العام الهجري الجاري 1434هـ.. وهو ما يعطي فرصة لهذه العمالة بأن تكيّف أوضاعها للحصول على مستحقاتها لدى الغير وتصفية أعمالها بما لا يرتب عليها أو على الآخرين أية أضرار مالية أو قانونية .
.. وإلى أن تنتهي هذه المهلة (حوالي أربعة أشهر )، فإن أمام حكومة الوفاق الوطني مسؤولية كبيرة لإعداد البرامج التأهيلية للعمالة المحلية حتى يصار إلى إعادة تفويجها مستقبلاً، وذلك في إطار اتفاقيات حكومية ثنائية أو بين مؤسسات القطاع الخاص في البلدين وبحيث يمكن التوافق عليها مسبقاً وبصورة قانونية تتجاوز سلبيات نظام (الكفيل) الذي كان - ولا يزال - متبعاً ويلحق أفدح الضرر باليمنيين الذين يلجأون إلى هذا الخيار المُر سعياً وراء كسب لقمة العيش .. وهو ما يعرضهم كثيراً للاستلاب والمعاناة وضياع الحقوق .
بصراحة أقول .. إن كلمات الثناء والتقدير والإطناب في خطاب المديح والمجاملة المتبادلة بين المسئولين في البلدين الجارين عطفاً على هذه السياقات، لا تكفي - وحدها - لصياغة علاقات ندية ومتكافئة في إطار المنافع المتبادلة بين البلدين والشعبين الشقيقين والجارين أو في تعزيز خاصية علاقات التعاون المشترك وفي مقدمتها استيعاب العمالة اليمنية، ما لم يكن هناك إطار قانوني ينظم تواجد هذه العمالة ويضمن حقوقها ويصون كرامتها .. والمعني -هنا بدرجة أساس- حكومتنا الموقرة .. وليس الأشقاء في المملكة. هذا إذا لم نقل إن المسؤولية مشتركة وعلى قاعدة الإخاء والجوار ومن منطلق القاعدة الفقهية .. لا ضرر ولا ضرار .