سمير النمر -
< ندرك جميعاً كما يدرك اليسار والقوى التقدمية في اليمن بمختلف مسمياتها أن حركة الاخوان المسلمين في اليمن جزء لا يتجزأ من التنظيم العالمي للاخوان سواء من حيث الاهداف أو الأساليب أو طريقة التعاطي مع كل من يختلف معهم في الرؤى والأفكار سواء قبل وصولهم الى السلطة أو بعد وصولهم، ولاشك أن تاريخ الاخوان قديماً وحديثاً يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الحركة عبارة عن جماعة وصولية تسعى لتحقيق أهدافها وغاياتها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة متخذة من الدين وسيلة لتغطية قبح المشروع الظلامي والانتهازي الذي تحمله ومتدثرة بشعارات الدولة المدنية لمخادعة بعض المغفلين الذين انساقوا وراءها وتنكروا للمعرفة والشعارات التي كانوا يتشدقون بها وأثبتوا أنهم أكثر وصولية وانتهازية من الاخوان، وهؤلاء الذين انساقوا وراء الاخوان للأسف الشديد هم رموز اليسار ونخبه الثقافية والفكرية في اليمن.
وبالرغم من ذلك لابد أن نشير الى أن الاختلاف بين اخوان اليمن واخوان مصر ليس في الاهداف والرؤى وإنما في الواقع اليمني والواقع المصري واستفادة اخوان اليمن من الواقع اكثر من اخوان مصر رغم وصول اخوان مصر الى قمة هرم السلطة بعد ركوبهم موجة الثورة وفوزهم برئاسة الجمهورية ولكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً ولم يستطيعوا تحقيق ما يريدونه بسبب وجود مؤسسات قوية في مصر مثل الجيش والامن والقضاء الذي لم يستطع الاخوان اختراقه، وفي اليمن استطاع الاخوان اختراق الأمن والجيش والقضاء وتدمير مؤسسات الدولة والحصول على صفقات كبيرة .. كل هذا حصل في اليمن والرئيس ليس اخوانياً والحكومة ليست كلها معهم ومع هذا لم تتحرك مختلف القوى لإيقاف هذا العبث الذي يحدث في اليمن من قبل الاخوان وبعض المرتزقة الذين استخدمهم الاخوان لتحقيق مطامحهم الشخصية.. أما في مصر، فالأمر اختلف كلياً حيث لم تمر سنة واحدة على حكم الاخوان حتى انتفض الشعب المصري بمختلف قواه السياسية والاجتماعية والشبابية في ثورة عارمة عجلت نهاية وسقوط حكم الاخوان في 30 يونيو المنصرم .. هذا قد يقودنا الى البحث عن الاسباب التي عجلت بسقوط الاخوان في مصر واستمرارهم في اليمن، ومن أهم هذه الاسباب أن القوى الليبرالية واليسارية والقومية والتقدمية في مصر لم تكن أداة بيد الاخوان يستخدمونهم كيفما يشاءون ويمررون من خلالهم مشاريعهم الظلامية والتدميرية رغم خروجهم معاً في ثورة يناير ولكنهم أقصد القوى التقدمية بمصر أعلنوا مجابهتهم لمشروع الاخوان الذي ظهر في سياساتهم ضد مصر وشعب مصر فانتصروا لمصر وظلوا مخلصين لمبادئهم وقيمهم ولهذا سقط الاخوان في مصر.. أما اليمن فحدث العكس فكانت القوى التقدمية واليسارية المحسوبة على اليسار عبارة عن سلم ومطية يتم من خلالها تمرير سياسة الاخوان ومشاريعهم الظلامية، ولذلك فقد وفر التحالف المشبوه وزواج الفرند بين بعض نخب اليسار والاخوان غطاءً مناسباً لتمرير مشاريع الاخوان التدميرية تحت هذا التحالف بالرغم من معرفة اليسار ومعايشته للتجربة المريرة مع الاخوان طيلة العقود الماضية.. ومع ذلك للأسف مازالت بعض نخب اليسار ساردة في غيها ولم نشهد لها أي موقف إيجابي ينتصر لتاريخ اليسار الذي تضاءل دوره في اليمن ولم يعد الا مجرد ظاهرة صوتية تجيد التنظير الفارغ وتحسين مشاريع القبح الاخوانية وتزيينها أمام بعض المغفلين.. ومن هنا وبعد ما حدث في مصر في 30 يونيو هل سيفيق يسار اليمن ونخبه من التيه والنفق المظلم الذي أدخلهم الاخوان فيه ويعلنون فك ارتباطهم بالاخوان وينتصرون لبعض مبادئهم وللوطن.. أم أن العصمة مازالت في يد الاخوان؟