«الميثاق» - ماجد عبدالحميد -

أظهر تقرير اممي حديث أن غالبية الأسر اليمنية تأثرت بالأحداث التي تعرضت لها اليمن في العام 2011م بشكل أو بآخر، مشيراً إلى ان مانسبته 67% من الأسر تأثرت بشكل كبير نتيجة تعطيل النزاعات لكافة السبل المعيشية من خلال ارتفاع مستويات غياب الأمن والحواجز والتقطعات وارتفاع أسعار المواد الإنتاجية وغلق الأسواق..وكشف التقرير ان الاسر الافضل حالاً في المجتمع لم تكن محصنة من الضغوط خلال احداث 2011م..
وقال: إنه وبسبب النزاعات التي شهدتها اليمن في 2011م أصبحت علاقات الأسر داخل والمجتمع متوترة ما أدى إلى تفكك رأس المال واعتماد استراتيجيات مواجهة سلبية من خلال التوتر على مستوى المجتمعات بسبب انتشار الأفكار السلبية والإيديولوجية المختلفة في جميع المناطق وكذا انتشار الأسلحة والانقسامات في المجتمع وجنوح الشباب إلى الجماعات المسلحة..
وبينت نتائج تقريرالتقييم المتعدد الأبعاد لسبل المعيشة في المناطق المتأثرة بالنزاع في اليمن الذي أجراه برنامجا الأمم المتحدة الإنمائي والغذاء العالمي ومنظمات دولية اخرى بالتعاون مع (5) وزارات يمنية - ان الأصول العامة والخاصة تضررت بشدة خلال الأزمة في المدن التي شهدت اضطرابات ناجمة عن تدهور الأوضاع الأمنية وقطع الطرقات وانعدام مشتقات النفط وانقطاع الكهرباء والخدمات الأساسية..
وأوضح ان البطالة ارتفعت في القطاع الخاص إلى أكثر من 90% نتيجة ترك الكثير من العمال لأعمالهم بسبب تدهور الأوضاع..
ولفتت الدراسة - التي أُجريت في ديسمبر 2013م وشملت في مرحلتها الاولى محافظات أبين، وعمران، وحجة، وتعز - حصلت الميثاق على نسخة منها - إلى ان الصراع على الاراضي والمياه شكل حوالي 75- 80% من الصراع في اليمن..
ووفقاً لدراسة الامم المتحدة التي تركزت حول شكل وتأثير النزاع ونقاط الضعف وأنشطة سبل المعيشة والأصول وغيرها.. فإن المحافظات الاربع المستهدفة تشكل نحو 25% من مجموع سكان البلاد وتضم تركيبتها السكانية ما يقرب من 50% من النساء ويعيش حوالي 80% من سكانها في المناطق الريفية..
وفيما بينت الدراسة ان تأثير الفقر طال مايقرب من ثلث سكان اليمن في العام 2006م ، أكدت ان ذلك المعدل ارتفع إلى أكثر من نصف السكان في اليمن بمعدل 54.4% في عام 2011م..موضحة أن الفقر ازداد في المناطق الريفية إلى 59% في 2011م من مستوى 47.6% ما قبل أزمة 2011م..
واعتبر التقرير ان محافظة عمران تعد الأعلى في معدلات الفقر بنسبة 63.9% تليها حجة 47.5%، ثم محافظة أبين بنسبة 45.6% ، وتعز 37.8%، متوقعاً أن تصل معدلات الفقر إلى مانسبته 90% في بعض مناطق تلك المحافظات..
وأكد التقرير: أن تعذر الوصول إلى الموارد الإنتاجية وضياع الماشية وتدمير وتلف معدات الإنتاج والبسط على الأراضي والمزارع أثر على سبل المعيشة في حين أسهمت عوامل أخرى مثل العمل والتعليم والمياه والأراضي بشكل كبير في تصاعد الصراعات.. مشيراً إلى أن الشباب الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التعليم كانوا أكثر عرضة للتجنيد مع المجاميع المسلحة..
وفي الوقت الذي اعتبرت الدراسة ان قطاع البناء والتشييد يعد واحداً من أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل في اليمن للشباب، فقد عانى القطاع من خسائر فادحة خلال الأزمة بفعل تعليق معظم أعمال البناء التي يمولها المستثمرون الأجانب والحكومة، فيما نضبت الاستثمارات الخاصة فجأة وفقد الآلاف من العمال غير الرسميين وظائفهم وتوقفت مبيعات العقارات فعلياً خلال الأزمة، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الناتج عن اعمال التخريب المستمرة لخطوط نقل الطاقة..
وبخصوص القطاع التعليمي في اليمن فقد اكدت الدراسة تعطل خدمات التعليم على نحو خطير نتيجة الصراعات المسلحة التي شهدتها البلاد عام 2011م وقادت إلى احتلال المسلحين للمدارس وتضرر أجزاء من البنية التحتية التعليمية.. وقالت: إن أزمة 2011م أدت إلى ارتفاع معدلات الغياب بين الطلاب والمعلمين والموظفين الإداريين التربويين..
وفيما يتعلق باستراتيجيات التأقلم والتكيف التي انتهجتها الأسر المتضررة أشارت نتائج التقييم إلى أن الأسر استخدمت استراتيجيات شتى للاستفادة القصوى من مواردها المحدودة وللنجاة من الآثار السلبية للنزاع غير أن العديد من استراتيجيات التأقلم كان لها أثر سلبي وتشمل خفض الاستهلاك سواءً في جودة الغذاء أو عدد الوجبات وبيع بعض الأصول الأسرية المهمة ومنع أطفالها من الذهاب إلى المدرسة لغرض العمل وإعالة الأسرة والاستمرار في أنشطة سبل المعيشة حتى في البيئة الخطرة التي لا تتضح فيها أماكن الألغام الأرضية أو يكونون فيها عرضة لإطلاق الرصاص من المسلحين، ناهيك عن الانضمام للجماعات المسلحة وتجار المخدرات والمهربين..
الدراسة اوصت بضرورة القيام بإجراءات عاجلة لدعم المجموعات الاشد هشاشة التي أُجبرت على اتخاذ استراتيجيات تأقلم ضارة ومؤذية وتضم النازحين والأسر التي لا عائل لها سواءً الاسر التي أحد افرادها مصاب بإعاقة أو مشاكل في الصحة العقلية بسبب النزاع والأطفال والنساء الذين يعيشون في المديريات المحاصرة.
وطالبت بسرعة تبني منظومة من السياسات يتم فرضها وإيصالها للمجتمعات بكل وضوح وشفافية.. وقالت: إن مسألة تمكين سكان اليمن في الاطار المؤسسي والسياسات سيمكنهم من الحصول على سبل عيش كافية وآمنة ومستديمة..
ويؤكد القائمون على المرحلة الاولى من الدراسة لـ«الميثاق»: ان تنفيذ المرحلة الثانية والتي ستستهدف قرابة خمس محافظات يمنية جديدة ستكون خلال الاشهر القادمة من العام الجاري 2014م.. سيتم خلالها تحليل موجز للهيكل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي اليمني على ضوء المسوحات المتوافرة حول تأثير الازمة على العمالة الماهرة وغير الماهرة والوضع المعيشي للأسر والمجتمع في المناطق المستهدفة.