أحمد مهدي سالم -
اللحظة النوفمبرية - السابعة والأربعون.. الممزوجة بأصداءٍ من الفتن والفتونْ..
المعجونةُ بالأمنيات السابحات اللواتي لهونْ..
في مساءات أحزان الثكالى اللائي غفون..
يسترجعن عبق التاريخ،
ويستذكرن ما عليهن من ديون..
كلها تثير في النفوس أحاسيس شتى
تربكُ الحائر والثائر والفائر..
وتكادُ تصيبه بمسٍّ من الجنونْ..
مشاعر متناقضةٌ..
عواطفُ متباغضةٌ
قليلٌ منها.. بهيجٌ .. حنون،
وكثيرٌ قاتمٌ أسودٌ اللون.
♢ ♢ ♢
كفاح شرسْ..
انقضَّ وافترسْ..
وهزَّ جذورَ الانجلوسكسون،
وغرّب بشمسهم التي لا تغيبْ..
وأوقف العبث والعنجهية والمجون..
انتضت له سيوفٌ مواضٍ
تحطمُ الترس والخوذة،
وتجزُّ القرون.
بدأ تحررٌ، وغبطةٌ .. عمتْ كل البوادي،
وشمخ العلمُ محلقاً في سماء بلادي..
يرفرف .. يزمجرُ.. ويتحدى الأعادي..
جموعٌ لا تخافْ
لأنّها عانت الكفافْ
فأضحتْ تحنّ إلى القطافْ؛
وقد ودّعتْ أليمَ الشجونْ.
نفس عميق
وقلبٌ رقيق؛
ويدخل شهيقْ
يُعدِلُ المزاج.. في هدأةِ السكون..
وسرعان ما شبَّ شقاقْ،
وأخذ كلُّ.. الآخر بالخناقْ،
واحترب الرفاقْ..
بعد سنوات الجبال،
وقبلات العناقْ..
الأحقادُ كانت.. في حالة كمونْ..
ثم أشرقتْ فضاءاتُ بناءْ..
بعد كدٍّ وجدٍّ وعناءْ،
واصطبارٌ على بعض التصرفات الرعناء..
أذرعٌ شمّرتْ للسفر النبيل
تحتضن شمس هذا الكون
وأشرعةٌ فُتحتْ للرحيل..
إلى مدنِ الأحلامِ، وأضواءِ النيون،
لكن.. على حين غرّه..
زادت أصوات الفرّهْ
وجدنا أنفسنا في غياهب السجونْ
ضحية الفكر الانحرافي الملعونْ.
قهرتنا لحظات الشك والخيانهْ،
وافتقادُ النزاهةِ والأمانهْ،
وكثرةُ الشروخ.. في بروج الصيانة؛
فصرنا طعاماً.. لأشداق المنون.
♢ ♢ ♢
نعمنا بأملٍ وفرحٍ قصيرْ..
ومتعنا بأمنٍ جناحه كسير
كان وطني أسيراً،
وما هو.. بالأسير..
هاجمنا غولُ التسلط الانعرادي الخطير؛
فحطمنا كل المنشآت والحصون..
هكذا.. كلما مرّت سنون..
♢ ♢ ♢
وأطلّ هلال مايو في فجر جديد
مزهواً بشتلاتِ الورد والغدِ السعيدْ
ورغبات استعادة ماضينا المجيد..
فرقص القلب،
واشرأبت العيونْ
تناغمت المتضادات، وكانت لا تلتقي..
ضمّها حضنٌ دافئٌ، وهواءٌ باردٌ نقي،
وانصهرت القدرات.. في دروب التقدم والرقي؛
لكنّ الأعداء مايزالون .. يتربصون.
أغاظهم.. أنْ نتوقف عن الحروبْ،
ونزرع الأشجار والأزهار..
في كل الدروب،
وإلى المستقبل الوضاء..
قد بدأنا الوثوبْ
أعداءٌ كـ«مومسٍ» لا تتوبْ،
أو كماءٍ لا يروبْ..
شرعوا.. في هز الوطن المصونْ..
بسيلٍ من الشعاراتِ والمبادراتِ،
وتجييشِ المظاهرات والتعطيلاتِ،
وأساليبٍ تقزيمِ المنجزاتِ،
وتمويلِ الاحتجاجات والتقطعاتِ،
وإفسادِ الذمم، وشراءِ الولاءات..
اختراقاتٌ وقابلياتٌ .. لأن تخونْ..
تحت غطاءٍ قويّ بارع النفاذْ..
يغرسُ الكراهية.. بقوةِ الفولاذْ،
وضعاف النفوس وجدوا فيه الملاذْ..
بأكذوباتِ التحرر، وحركاتِ الإنقاذْ..
وكان للفعل الاجرامي.. قوة إنفاذْ..
برافعةِ المشروع التجزيئي الملعونْ
♢ ♢ ♢
تصارعنا، تهاترنا، تفرقنا،
ومؤتمراتٌ تشرّعُ.. تمزُّقنا،
ونتباعدْ، وكلُّ واحدْ.. على أخيه واجدْ
وإمّعاتٌ تتشهّى أن تحكمنا
حالةٌ جدُّ تقلقنا..
نكون أو لا نكون!
تغيّر، الآن، واقعنا..
واهتزتْ آراؤنا ومواقعنا..
تشرذمنا وتصادمتْ..
حتى قواقعنا..
غير أنّ الوطن يبقى..
شاهقاً معنا..
نحلِّقُ نبحرُ فيهْ،
ونصدُّ مَنْ يؤذيهْ،
وبرموشِ العينِ.. نحميهْ،
وبخلايا الروح.. نفديِهْ،
وكلُّ شيءٍ.. من أجله يهون
خسئتَ سفالةً وسفاهةً وقبحاً
يا وكيلهم الحصري..
عن بني صهيونْ..
يا ليت بني قومي.. يعون!
ليتهم.. يستوعبون ويعلمون..
أنهم لهاويةٍ سحيقةٍ..
يُستدرجون..
من حيث لا يدركون!
آخر الكلام:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظن أن الليث يبتسم
(المتنبي)