|
|
تحقيق/فاروق ثابت - لاتزال أصداء وتداعيات التقليعة العجيبة التي ابتدعها تكتل أحزاب اللقاء المشترك، بالذهاب بعيداً عن انتاج ديمقراطية حزبية فاعلة وتسمية مرشحيه من قياداته الحزبية، الى استعارة شخصية مستقلة -قيل لأنها »نزيهة« -من خارج أحزاب المشترك الخمسة- لاتزال تنشط في قراءة هذا الانقلاب النظري والمنهجي في أدبيات وأداءات الأحزاب والعمل السياسي المبتدع.. كما تساهم الأوساط السياسية والأكاديمية والاعلامية في تشريح الظاهرة «المشتركية» الطارئة، ومحاولة استخلاص المقدمات الضاغطة والمتراكمة التي أزاحت الأحزاب الى خارج أطرها وكياناتها، والنتائج المتوقعة عن مثل هذه الخطوة على أداء ومستقبل ومصداقية الأحزاب ودورها الوطني والسياسي في ميدان التجربة الديمقراطية وإمكانية أن تتحول هذه الأحزاب الى الهامش عازفةً عن المتن والمضمون الحقيقي للتغيُّر، والتغيير من »الفشل« و»الهروب« و»الانفصام«، وحتى »الافلاس« و»الشيخوخة المبكرة«، و»الهزيمة المسبقة«، تفاوتت الآراء التي استطلعتها »الميثاق« ضمن ملف »العقم السياسي« للأحزاب ولكنها مجتمعة تقدم خلاصة نظرية تحليلية لها وجاهتها. الدكتور عبدالواسع الحميري - الاستاذ بجامعة صنعاء ورئيس منتدى الناقد العربي يقول : - اعتقد ان من بين الأسباب التي تقف وراء اختيار المشترك لمرشحه الرئاسي من خارج أحزابه ان هذه الاحزاب تعي انها ستخسر الرهان في هذه الانتخابات، ولكنها مع ذلك لاتريد ان تخسر سمعتها وان تضحي بماء وجهها (فلا تريد ان تظهر - داخلياً وخارجياً- بحجمها الحقيقي الذي قد يكون دون المتوقع).. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه الاحزاب تعي ان الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية يعد مغامرة غير معروفة النتائج وهي لاتريد ان تضحي بأحد قاداتها في مغامرة مجهولة، او لنقل انها لاتريد ان تحرق بعض اوراق قوتها في منازلة غير متكافئة هذه المرة أملاً في ان تلعبها في جولات قادمة، أي بعد ان تكون الساحة قد خلت من منافسة الاخ الرئيس. - يضاف الى ذلك انها تعي ان للمنافسة الانتخابية تبعات وهي او أي منها لا يريد ان يتحمل تبعات تلك المنافسة. - فضلاً عن ان هذه الاحزاب لاتزال مختلفة فيما بينها، ولم تتمكن من الاتفاق فيما يبدو على شخصية حزبية تنتمي الى أي من الاحزاب المؤتلفة.. فنحن نعلم ان تلك الاحزاب المؤتلفة لاتزال مختلفة فكرياً وايديولوجياً وتعاني من عدم الثقة فيما بينها، لذلك فقد آثرت ترك خلافاتها جانباً واختيار شخصية مستقلة. هذا على أني اعتقد ان هذه الاحزاب قد شعرت بأن الاخ الرئيس قد بات يمثل - منذ خروج حشود الجماهير الى ميدان السبعين في يونيو الماضي - مرشح الجماهير اليمنية، أو لنقل مرشح الاجماع الوطني (وليس فقط حزب المؤتمر) فارادت ان تنافس مرشح الجماهير بمرشح جماهيري غير منتمٍ حزبياً لأي من تلك الاحزاب المؤتلفة، وهنا تكون هذه الاحزاب قد عبرت بصورة واعية او لا واعية عن افلاس الحزبية- بصيغتها الحالية - في اليمن وان الشعب اليمني قد بات ينحاز للشخصيات العامة غير المؤطرة حزبياً أكثر من انحيازه للشخصيات الحزبية المبرمجة او المغلقة التي باتت تؤثر العمل لمصالح احزابها على حساب مصالح الجماهير العريضة.. فأنا اعتقد ان هذا الاختيار قد جاء استجابة غير واعية لموقف الجماهير الرافض منطق التحزب بالصيغة التي تمارسها تلك الاحزاب نفسها ظناً منها انها بهذا الاختيار ستتمكن من حصد اكبر قدر ممكن من اصوات الناخبين الذين يرفضون ذلك المنطق العقيم. أزمة ثقة أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور قائد محمد عقلان يقول: كثيرة هي الآراء والتحليلات التي سِيقت بشأن مرشح أحزاب اللقاء المشترك للانتخابات الرئاسية المقبلة الذي أتى من خارج أطرها الحزبية، فهناك من يرى أن ذلك يعكس افتقار هذه الأحزاب لكوادر مؤهلة لخوض هذه المعركة وغيره من الآراء الأخرى، لكني اعتقد أن ذلك ليس صحيحاً ولم يصب كبد الحقيقة والتي أرى أن هذه الأحزاب على الرغم من تكتلها إلاّ أنها على ما يبدو تعيش أزمة ثقة متبادلة، فضلاً عن استشعارها المسبق للهزيمة في هذه الانتخابات، ومن أجل الخروج من التناقضات، وترحيلها بعيداً، ثم اللجوء الى شخصية من خارج الأطر الحزبية القيادية للقاء المشترك.. وأعتقد أن مثل هذه الحسابات قصيرة النظر وذات مردودات سلبية على مستقبل هذه التجربة من المعارضة السياسية، كونها بذلك قد أظهرت هشاشة مثل هذا التحالف وغموضه، وبالتالي زعزعت ثقة الجماهير التي أصغت كثيراً لبيانات وتصريحات هذا اللقاء ووعوده، والتي تكشف لها بالنتيجة أنها أمام طلقة طائشة وربما مخيبة للآمال في جدية مثل هذا التحالف في تطبيق ما يدعيه ويقوله.. بل إن الضجة الاعلامية وكيل الانتقادات التي وجهتها هذه القوى للمؤتمر الشعبي العام إزاء تمسكه بالرئيس علي عبدالله صالح مرشحاً للانتخابات الرئاسية القادمة نزولاً عند رغبة الجماهير، اتضح للكل أنها لا معنى لها مطلقاً، فاذا كان المؤتمر لم يجد سوى الرئيس علي عبدالله صالح فقط لا غيره، فأطراف اللقاء المشترك لم يجدوا من بينهم أحداً بالمرة. شيخوخة مبكرة من جانبها الدكتورة ابتهاج الكمال -الاستاذة بجامعة صنعاء- تقرأ تجربة المشترك عموماً.. وتؤكد أن أحزاب اللقاء المشترك قامت وتأسست في ظل ظروف استثنائية ولم تتم على أسس ديمقراطية واضحة وثابتة، قامت دون مراعاة هل توجد قواسم مشتركة بين تلك الأحزاب؟ فقد ولدت ولادة قيصيرية استدعتها ظروف معينة، فكانت ولادة ضعيفة لطفل ضعيف، وهي بذلك بحاجة الى اعادة هيكلتها، إلاّ أن اختيار اللقاء المشترك لمرشح من خارجه أدخل هذا الطفل الضعيف الى شيخوخة مبكرة بالرغم من أن ديمقراطيتنا مازالت فتية وبالرغم من وجود أحزاب في اللقاء المشترك لها أيديولوجيات وأدبيات، إلاّ أنها أتت بالنقيض، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا وصلت هذه الأحزاب الى هذا الحجم من التضاؤل ومحدودية الفاعلية، إن لم نقل انعدامها؟! وينبغي أن تجيب الأحزاب على هذا السؤال مع العلم أن الهدف من هذا ليس الهجوم عليها بل بالعكس نحن نريد أحزاباً ديمقراطية يسودها التنظيم والفاعلية السياسية.. نحن لا نريد الغموض ولا نتجاهل هذه الأحزاب بل نريد كما نطالب دائماً في المؤتمر الشعبي العام أن تكون رديفاً للسلطة ونتمنى تطويرها بشكل جذري.. نريدها أن تكون أحزاباً حقيقية تعمل لصالح الوطن ورفعته. إن ما بدر من أحزاب »المشترك« أثبت أنها أحزاب على ورق ولم يعد فيها قادة بالرغم من وجود كثير من القياديين الذين نحترمهم، ولم يعد لها وزن بالرغم من أن لديها مقرات وصحفاً حزبية، فإنها تبدو الآن بلا مطالب وكأنه تحقق لها كل ما أرادت..!! شكل غريب على الديمقراطية الدكتور فارس السقاف - رئيس الهيئة العامة للكتاب - يؤكد: - انه وفي الأوضاع الطبيعية عادة ما تختار الاحزاب مرشحها للانتخابات الرئاسية بانتخابات داخلية تجرى داخل كل حزب وغالباً مايكون رئيس الحزب هو المرشح.. هذا ما نراه في بريطانيا وغيرها من دول الديمقراطيات المعروفة بترشيح رئيس الحزب كما هو الحال مع توني بلير الى دولة اسرائيل مثلاً ينتخب في هذه الاحزاب رؤساؤها او ان تجري انتخابات داخلية تصعد شخصاً من داخل الحزب لترشحه باسمها، أما ان يتم اختيار شخص من خارج الحزب فهذا شكل غير معتاد عليه في الديمقراطيات وغريب، ولاشك ان ما يتعلق بأحزاب اللقاء المشترك فهي معنية باختيار من تريد لكن ربما يدل هذا على غياب الديمقراطية داخل هذه الاحزاب وعدم اتفاقها على مرشح من احد هذه الاحزاب. واحزاب المشترك ربما احتاطت بنفسها من تراجع المرشح او انسحابه او غيابه او أي شيء من هذا القبيل.. بعض هذه الاحزاب تقدم بعض اعضائها للترشح للرئاسة فظهرت من بين اسماء المرشحين اعضاء من حزب الاصلاح في الوقت الذي اعلن فيه الحزب الاشتراكي رفضه التام لأي عضو من حزبه يقدم نفسه للترشح وانهم سيمنعون ذلك بأية طريقة كانت، بينما حزب الاصلاح اتخذ قرار السماح.. وعلى كل حال فهذا توصيف لواقع الاحزاب.. فالمهم ان احزاب اللقاء المشترك اختارت شخصاً ليكون مرشحها ومهما يكن ووصفته بأوصاف رفيعة وكأنها لم تجد من بين اعضائها وقياداتها من يتسم بهذه الاوصاف..!، والآن التحدث ماثل أمام الجميع وسنرى النتائج، فالديمقراطية تحتمل كل شيء وللاحزاب الحرية في اتخاذ قراراتها وهي المسئولة عن اتخاذ هذا القرار ونتائجه. ويجب ان نعمل لتجاوز هذه المحطة بالنقد والحوار والمراجعة لخدمة التجربة الديمقراطية النموذجية والعمل على انجاحها. انفصام وهروب الزميل نبيل الصوفي الكاتب ورئيس موقع »نيوز يمن« من جانبه يؤكد: - ان اللقاء المشترك ليس حزباً سياسياً بل هو تجمع مفتوح لا يلغي شخصية الاحزاب ويمكن القول ان جميع الاحزاب هربت من مشاكلها التنظيمية الداخلية الى مرشح مستقل، ويمكن القول ايضاً انها - الاحزاب- كانت بحاجة لشخص يقدم رسائل ايجابية واعتقد ان هذه الاحزاب ربما لاتمتلك شخصاً سيقدم كما لدى »بن شملان«.. فالاحزاب السياسية في اليمن غير جاهزة للعمل السياسي وهي تعيش انفصاماً بين ادائها السياسي وادائها التنظيمي.. ويضيف الصوفي انه ربمــــــا هنـــــاك تجربة سياسية جميلة للاحزاب ولكنها محصورة في القيادات بينما العمل التنظيمي والقواعد التنظيمية بعيدة عن العمل السياسي وهذا برأيي يعود ربما الى ان التجربة الحزبية في اليمن حتى الآن غير متجذرة.. فالاحزاب السياسية الموجودة كانت أحزاب »العمل السري« وحصل انها خرجت على السطح وقُــننت وحتى الآن لم تكتمل دورة التغيير فيها لسببين اولهما سبب ذاتي »قصوري«، وثانيهما سبب موضوعي يتعلق بالخصومة المستمرة مع الدولة. اذا عدنا للموضوع الرئىسي وهو موضوع المرشح اعتقد ان الاحزاب السياسية لاتمتلك وجهاً مقبولاً يمكن الاشتراك في قبوله.. يعنــــــــــــي ربما ان للاحزاب شخصــــيات قوية لكن كل شخص منها يمثل حزبه فقط ولايمثل اجماعاً فكان الحل الخروج الى المستقلين. ربما كان بالامكان ان تتفق قيادات المشترك على مرشح من احد احزابها ولكن سيكون العمل له غير مأمون في صفوف الاحزاب الاخــــــــــــــرى لان مســـــــــــألة الترشيح ليست بالأمر التنظيمي وانما هي خيارات وقناعات وبالتالي اعتقد ان الاحزاب كانت لاتستطيع ان تؤمّن لهذا المرشح حماس قواعدها. نقد المناكفة!! ويــــــرى نبيل الصوفي انه من حق الافراد والشخصيات الحزبية الترشح والمنافسة طالما ارادوا ذلك كرغبـــــة شخصية.. لافتاً الى ترشح احمد المجيدي من الحزب الاشتراكي وايوب طاهر وفتحي العزب من حزب الاصلاح كمستقلين.. وتلك مسألة ايجابية وليس من حق أي حزب اجبار أي عضو فيه ان يسلك سلوكــــاً يخالف قناعته. ويقول : لا أتفق مع قيادة الحزب الاشتراكي مثلاً في التلويح باتخاذ قرار عقابي بحق المجيدي، ومع ان هذا شأن يخصها إلاّ انه يفترض بالاحزاب ان تشجع الافراد على خيـــــاراتهم، فكما ان هناك خياراً سياسياً لحزب تعمل له الغالبية، لايمنع ان يتمتع الافراد بحقهم في الترشح بأسمائهم كمستقلين. ويذكّر نبيل الصوفي بترشح يحيى منصور ابو اصبع في انتخابات 97م رغم قرار الحزب بالمقاطعة وكيف ان الحزب ادرك سريعاً ان ابو اصبــــع لايستـــــحق التجميد بل التحية.. وعاد الى المكتب السيــاسي للحزب الاشتراكي. ويعود الصوفي الى ما قالته الاحزاب عن ترشيحها شخصاً »نزيهاً«.. قائلاً ان هذه هي »المشكلة«.. ويعتقد انها »مناكفة سياسية لا أتفق مع أحزاب المشترك فيها« فهناك ايضاً في الاحزاب شخصيات نزيهة، لكنها ربما لاتمــــــلك خبرة ورؤيــــة كـــــــالتي لدى المرشــــــــــح المستقل.. ويرى ان اغلب، ان لم نقل كـــــــــل قيادات المشــــــترك او بعض احزابه لا تملك رؤية او خبرة مشابهة (...) وبالمقارنة يقول الصوفي ان الحزب الاشتراكي لديه تجربة مختلفة تظل »أغنى بكثير من تجربة كل قيـــــــادات حزب الاصلاح«! |
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|