|
|
|
بقلم/ عبده محمد الجندي - < لابديل يخرج الوطن من أزمته المركبة سوى المضي قدماً في استكمال الحوار السياسي الذي يجري في فندق موفنبيك برعاية المندوب الأممي جمال بن عمر الذي قطع شوطاً لا يستهان به في تحقيق الوفاق والاتفاق بداية من الاتفاق على بقاء مجلس النواب واستحداث مجلس الشعب الانتقالي وصولاً إلى المجلس الوطني الذي يستوعب الغرفتين التشريعيتين إلى الاتفاق على إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من الأحزاب والتنظيمات السياسية، وقطع شوطاً لا يستهان به في الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسة كمقدمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.. إلى غير ذلك من القضايا المدرجة في جدول أعمال المتحاورين ومن ضمنها إعادة تشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالاشراف على تطبيق مخرجات الحوار وفي مقدمتها مسودة الدستور الجديد..
أقول ذلك واقصد به ان بعض الأحزاب التي اظهرت بعض التحفظات وقاطعت جزئياً وكلياً عملية الحوار لسبب أو لآخر مطالبة بالعودة الفورية إلى طاولة الحوار طبقاً لما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة وإلاّ اعتبرت انها تتعمد عرقلة التسوية السياسية بصورة تتنافى مع ما وقعت عليه والتزمت به لأن الحوار يحتاج إلى الصبر واظهار الاستعداد المطلوب لتقديم التنازلات على قاعدة الاحترام المتبادل لحق جميع المكونات السياسية في الشراكة المتكافئة في السلطة.
غاية الجميع من استكمال ما تبقى من المهام السياسية والاقتصادية وصولاً إلى الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال ما يتم تحديده من فترة زمنية جديدة..
أقول ذلك واقصد به ان صبر الشعب اليمني قد أوشك على النفاد ووصل إلى مرحلة محفوفة بالكثير من التحديات والصعوبات الأمنية والاقتصادية والإرهابية إلى درجة قد تؤدي إلى خلق فجوة كبيرة في جدار الثقة بين أبناء الشعب اليمني وكافة مكوناته السياسية المتحاورة على نحو يجعل التعاون عملية شبه مستحيلة طالما باتت الثقة منعدمة وكان الود مفقوداً.. وذلك ما لا تستطيع جماهير الشعب اليمني تحمله جراء الوطأة الثقيلة للاحمال المرهقة لأن الذين يعرقلون الحوار اصبحوا معروفين حسب ما صدر عنهم من التصريحات والمواقف وذلك ما جعل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يشن هجوماً لاذعاً على التجمع اليمني للإصلاح متهماً إياه بعرقلة الحوار ومحاولة جر اليمن إلى الحرب الطائفية والمذهبية المدعومة من جهات دولية رغم ما اظهره من حرص على استعادة الإصلاح إلى طاولة الحوار باعتباره حزباً فاعلاً في منظومة التعددية السياسية والحزبية لا يمكن تجاهله لأنه يعلم أن التجمع اليمني للإصلاح هو الحزب الأول الذي يؤثر سلباً وايجاباً على بقية احزاب اللقاء المشترك بالاضافة إلى حزب الرشاد السلفي الذي لا يعد من أحزاب المشترك بحكم طبيعة العلاقات الثنائية التي تربط بينه وبين التجمع اليمني للإصلاح ذات القواسم السنية المشتركة..
وفي هذا الاطار نستطيع القول إنه ليس من مصلحة بعض أحزاب اللقاء المشترك وحزب الرشاد اللجوء إلى مثل هذه المواقف المثيرة للجدل، لأن الوطن اليمني الموحد لم يعد يستطيع تقبل مثل هذه المبررات الواهية التي تتعمد تطويل الحوار والانحراف عن مساره الصحيح للحيلولة دون الانتقال من الجانب النظري إلى الجانب العملي الذي يعيد السلطة للشعب ويلامس ما يعانيه من المشاكل والتحديات الأمنية والاقتصادية ويشعره ان العمل السياسي قد اثمر الكثير من الحلول الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية التي تسهم في الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.
إن من مصلحة جميع الأحزاب والمكونات السياسية العودة إلى طاولة الحوار في عاصمة الدولة وعدم افتعال المبررات الأمنية لنقل الحوار إلى خارج العاصمة لأن أنصار الله يتحملون مسئولية تأمين الحوار والمشاركين فيه، أما في حالة نقله إلى مكان آخر داخل أو خارج الجمهورية اليمنية فإن ذلك لن يضيف لهم قوة أفضل لاسيما وان المتحاورين من أنصار الله ومن بقية المكونات يمتلكون من الشجاعة الأدبية ما يمكنهم من مواصلة حوارهم دون شعور بهذا النوع من المخاوف المفتعلة لهدف في نفس يعقوب.
اعود فأقول إن نقل الحوار إلى خارج العاصمة لن يضيف شيئاً جديداً لأحزاب اللقاء المشترك ولا لغيرهم من المكونات السياسية باستثناء ما قد يحصلون عليه من بدل السفر المادي من رئيس الجمهورية..
إلا أن المؤكد أن وجهة نظرهم السياسية والحوارية قد تظل ثابتة تحكمها الحدود الدنيا والحدود العليا، حسب ما لديهم من التوجهات الحزبية غير القابلة للانتقاص بدرجة يجعلها غير معقولة وغير مقبولة من قياداتهم الحزبية صاحبة القول الفصل في تحديد المعقول وغير المعقول من التنازلات السياسية.
أما إذا اعتقد البعض ان تأثير رئيس الجمهورية على الحوار بعد الاستقالة سوف يشبه ما كان له من تأثير قبل الاستقالة فذلك ما لايمكن احتماله قياساً بما حدث من المتغيرات التي قلبت موازين القوة رأساً على عقب.. طالما أن الوفاق هو المرجعية الحوارية الوحيدة لجميع الاطراف والمكونات السياسية المشاركة لان أي مكون لا يستطيع ان يكون سيد الموقف مهما كانت قدرته على التكتيك والمناورة السياسية في ظل الشفافية ومنهج الموضوعية سوف يفرض نفسه على قدر كبير من الاحتكام للحد الأدنى من المصداقية والمسئولية وكل طرف لديه من الخبرة والقدرة على تقييم ذاته وتقييم غيره على قاعدة الوفاق والشراكة المتكافئة لأن الحوار السياسي لا يمكن ان يكون بالطبيعة والنتيجة إلاّ انعكاساً موضوعياً لما تمثله المكونات السياسية من الاحجام والأوزان الفعلية.
ومعنى ذلك ان أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام اللذين كانا محكومين باعتبارات مثالية ناتجة عن احساس بالضعف أو ناتجة عن تعامل بحسن نية قد اصبحا في وضع أفضل يعطيهما قدرة أكبر على التفاوض من مواقف وخلفيات متكافئة وعادلة مضافاً إليها خبرات الأمس ودروسه المحفورة في الذاكرة بعيداً عن التأثيرات السلبية المستمدة من السلطة أو تلك المستمدة من الدعم الاقليمي والدولي.
أقول ذلك واقصد به ان التكافؤ في الحوار سوف يتوقف عند قدر من الحلول المتكافئة لا يمكن فيها لبعض احزاب المشترك ان تكرر انتصاراتها السابقة التي حققتها بالذكاء أو بالتكتيك أو بالشطارة والقدرة على المناورة المستفيدة من انحياز رئيس الجمهورية الذي لم يعد يمتلك اليوم من قوة الشرعية ما كان يمتلكه بالأمس من السلطات المطلقة المستندة إلى الدعم الخارجي، وذلك ما ركز عليه السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الذي تعمد فيه التقليل من المؤثرات الخارجية إلى درجة جعلت العامل الداخلي هو الأساس أو الأصل، والعامل الخارجي هو الفرع والمسير للحوار، ومعنى ذلك ان التكافؤ في الفرص تحتمه المصلحة الوطنية القائمة على الاقناع والاقتناع بالديمقراطية..
فأنصار الله ومعهم عدد من الأحزاب والمكونات السياسية المتحاورة في هذه الجولة الحوارية لا يحملون حجم قوتهم ولا يقبلون بحلول ناقصة لا تعترف بما يمثلونه من الثقل الشعبي الناتج عن سيطرتهم على معظم محافظات الجمهورية بما فيها العاصمة السياسية للدولة لاسيما وان المؤتمر الشعبي العام قد اصبح يمتلك قراره الحزبي والسياسي المستقل، ولم يعد بمقدور رئيس الجمهورية التحكم في قراره إلى درجة تجبره على القبول بالفتات الأقرب إلى التمثيل الصوري منه إلى التمثيل الحقيقي الذي نصت عليه المبادرة الخليجية التي وضعوا المسمار الأخير في نعشها عندما اخرجوا المؤتمر من الحكومة إلى المعارضة.. هذه المتغيرات سوف تجعل أحزاب المشترك مجبرة على الاحتكام لمبدأ العدالة في التمثيل لأنها موقعة على المبادرة وما اعقبها من توقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي استند إلى مخرجات الحوار ولم يستند إلى المبادرة..
أقول ذلك وأقصد به انه لابديل امام هذه الأحزاب سوى القبول بالمتغيرات التي قلبت المعادلة رأساً على عقب وجعلت كل طرف يعترف ويحاور على ما لديه من الحجم والوزن وليس من الذكاء والقدرة على ممارسة التكتيك والمناورة والشطارة المنفرة للآخر والمثيرة للخلافات.
ومعنى ذلك ان على التجمع اليمني للإصلاح ان يغير قناعاته ويطور اساليبه الحوارية على قاعدة قدر معقول من التكافؤ المحقق للعدالة المستمدة من الاحجام والأوزان وليس من الاعداد الصورية لأن اختلاف الظروف ناتجة عن اختلال حجم المشاركة بصورة اخضعت الاغلبية للاقلية كما حدث في حكومة الكفاءات التي ولدت ميتة بصورة اثرت سلباً على قداسة وقوة وشرعية رئيس الجمهورية وجعلته في وضع أسوأ من الأوضاع السابقة رغم انفراده بالسيطرة شبه الكلية على رئيس وأعضاء الحكومة لأن الباطل تحول إلى ظلم، والظلم تحول إلى حركة رفض ومقاومة للاستضعاف حولته من رئيس جمهورية يمتلك سلطات مطلقة إلى رئيس يخضع للاقامة الجبرية بصورة جردته من هيبته التي اهلته للاجماع بعد ان ظهر واضحاً من قرارات التعيين لحكومة الكفاءات انه اساء استخدام ما حصل عليه من الثقة..
حيث اصبح متهماً بأنه جزء لا يتجزأ من بعض أحزاب اللقاء المشترك لا يصلح لأن يكون رئيساً توافقياً بشرعية صورية وانتخابات احادية اقرب إلى التمثيلية منها إلى الانتخابات التنافسية متعددة المرشحين وما رافقها من التجاوزات المسكوت عنها من قبل المكونات السياسية التي تنافست على تعبئة الصناديق في غياب الكتلة الشعبية الناخبة المدركة لغياب المنافسة إلى درجة جعلتها تعفي نفسها من الحضور الهزلي الذي لا يمتلك سوى خيار النجاح الوحيد والحتمي.
وهذا العيب لا يمكن التغلب عليه مهما كان مدعوماً من الناحية الاقليمية غير القادرة على إعادة الثقة، ومن ايجابيات هذه العملية الحوارية المتكافئة انها جعلت بعض الأحزاب تقتنع سلفاً بأن حصتها في مجلس الرئاسة سيكون منعدماً نظراً لما قبلها من كتل حزبية كبيرة وجديرة بتقاسم الاعضاء المحدودين في مجلس الرئاسة فراحت لذلك تنتهج اساليب رفض ما كان ليحدث لو أنها وجدت بصيص أمل في الحصول على مكانة في مجلس الرئاسة الذي لا يتسع إلاّ للمكونات الكبيرة: 1- المؤتمر وحلفاؤه، 2- المشترك وشركاؤه، 3- أنصار الله وحلفاؤهم، 4- الحراك الجنوبي بفصائله المتعددة.. بواقع واحد لكل مكون من هذه المكونات السياسية الكبيرة فراحت بعض الأحزاب التي حصلت على أكثر من استحقاقها تنتهج سياسات الرفض المسبق للمشاركة في الحوار ما لم تحقق لها مطالب تعجيزية في إعادة الأوضاع إلى ما قبل 21 سبتمبر 2014م.
هذه الأحزاب تعرف انها تتمترس خلف شروط تعجيزية غير قابلة للتطبيق لكنها تبرر لما لديها من قواعد وقيادات حالمة انها ترفض هذا النوع من الحوار الذي تظهر فيه «عيوب البغلة» لكنها لا تسلم بالمقولة: رحم الله حزباً عرف قدر نفسه.. ولعل من عوامل نجاح العملية السياسية ان تتعامل كل الأحزاب مع ما لديها من وجود سابق ولاحق بالتسوية، أما ان تستبدل حجمها المتواضع بحجم كبير فذلك لا يتفق مع التقييم الصادق والأمين لنفسها ولغيرها فلا تجد مخرجاً للحفاظ على المكانة التي احتلتها بدون استحقاق ولو من الناحية الشكلية أي من خلال اللجوء إلى المقاطعة وهذه عادة جديدة ولدت من إعصار الفترة الانتقالية لم تكن معتادة في مرحلة الاحتكام للصناديق الانتخابية، وهي نفسها عادة سيئة ناتجة عن تقديرات خاطئة تصل حد الالتفاف والمجاملات الظالمة التي لا تسمي الأمور بما هي عليه من المسميات المستمدة من الاحجام والأوزان السياسية والجماهيرية المنصفة لذلك تحولت إلى سلبية تعمل للحيلولة دون التحول العظيم من الشرعية الوفاقية والاتفاقية للشراكة في الدولة إلى الشرعية الدستورية المعبرة عن الإرادة الحرة للهيئة الناخبة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|