|
|
|
عبده محمد الجندي - أوقفوا هذه الحرب المجنونة على اليمن
مؤيدو العدوان لم يعودوا مقبولين لحكم البلاد
القبلية اليمنية تقدس الاستقلال والسيادة والكرامة وترفض الاستعمار والاستبداد
التهديد بدك صنعاء حجراً حجراً فوق رؤوس ساكنيها يكشف عن ثقافة متوحشة لقوى العدوان
بعد التنازلات التي قدمها ممثلو المؤتمر الشعبي العام وممثلو أنصار الله في حوارهم مع مندوب الأمين العام للأمم المتحدة السيد اسماعيل ولد الشيخ أحمد والتي بلورها في النقاط السبع لم يعد لديهم ما يقدمونه من التنازلات التي قوبلت باللامبالاة من الرئيس هادي وحكومته ومن يقف الى جانبهم من الأحزاب والتنظيمات السياسية الذين يؤيدون العدوان ويشاركونه في الحرب ولا يهمهم ما يتعرض له الشعب اليمني من القتل والدمار والخراب، وما يعانونه من الحصار الشامل الذي يندرج في نطاقه الغذاء والدواء والنفط والغاز والكهرباء والماء والكساء والمواصلات والاتصالات ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها من الضروريات الحياتية والكمالية، لم يعد من حق هؤلاء الذين حملوا السلاح لدعم العدوان والمشاركة بقتل اخوانهم وتدمير مكتسباتهم الخدمية والانتاجية وبُناهم التحتية مدنية كانت أو عسكرية أن يزعموا أنهم يمنيون بعد أن تجردوا عن كل المشاعر والقيم والمثل الوطنية واليمنية والعربية والاسلامية والانسانية..
أقول ذلك وأقصد به أن من لا أخلاق لهم ولا مبادئ لم يعودوا مؤهلين لحكم هذا الشعب الصابر والصامد بوجه التحديات وقد فرض عليه العدوان حياة أسوأ من الموت.
أعود فأقول إن من تحول الى كتلة من الكراهية والحقد ضد شعبه ووطنه، رافضاً بقسوة شديدة الحلول السلمية، مستسلماً لما يتقاضاه من المال والسلاح ولما لديه من الاطماع السياسية، متجاهلاً ما ينتظره من مصير بائس يعكس العواقب الكارثية الوخيمة بحق مَن هم على شاكلته من الذين مارسوا العمالة والخيانة ضد شعوبهم وأوطانهم واقتادوا المعتدين الى غرف نومهم، غير آبهين بما يلحق بهم من الخزي والعار وما ينطوي عليه من المذلة والمهانة بصورة تجردهم من قدسية وشرف الانتماء لشعبهم ووطنهم.
هذه المكونات السياسية غير الديمقراطية- قيادة وحكومة وأحزاباً ليست جديرة بالعودة الى الحكم والانفراد به بقوة الغزو الخارجي وبقوة ما تحصل عليه من المال والسلاح مقابل تقديم المشروعية لأولئك الذين ينفذون ما لديهم من الأجند تحت مبرر الانتصار للشرعية اليمنية المتآكلة.. لأنهم يدركون سلفاً أن الشعب لن يقبل بعودتهم مهما كلفه ذلك من ثمن المقاومة للعدوان والحصار.
قد يكون بمقدورهم أن يعودوا الى عاصمة الدولة بقوة الجيوش الأجنبية وما تمتلكه من أسلحة متطورة إلاّ أنهم لن يستطيعوا الاستمرار بهذه العقليات المرتهنة للدول التي تحاول فرض استعمارها لليمن بقوة الحديد والنار لأنها تظل قوى أجنبية محتلة لشعب غير شعبها ولأرض غير أرضها مثلها في ذلك مثل المستعمرات القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة التي تورطت في حروب خاسرة أجبرتها على الاعتراف بحق المستعمرات في الاستقلال وتقرير المصير وآخرها تلك الشعوب التي وضعت تحت الانتداب والوصاية طبقاً لما نصت عليه اتفاقية »سايكس بيكو« بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها بما فيها دول التحالف العربي المتورطة في هذه الحرب العدوانية القذرة على الشعب اليمني.
أقول ذلك وأقصد به أن القيادات اليمنية التي تستقوي على شعبها ووطنها بهذا النوع من التحالفات الدولية تكون قد حكمت على نفسها بالكراهية من قبل جماهير الشعب اليمني صاحبة المصلحة الحقيقية في الاستقلال وتقرير المصير اذا لم تنتهِ بقوة السلاح فسوف تنتهي بالمظاهرات والاعتصامات والانتخابات الديمقراطية.. واذا لم تنته بالاساليب والوسائل العسكرية فسوف تنتهي بالاساليب والوسائل السلمية، ولن يكون بمقدور القيادات التي شاركت في موتمر الرياض أن توفر لها ما هي بحاجة اليه من مقومات البقاء لأنها أصبحت متهمة بتغليب الولاءات الخارجية على الولاءات الداخلية مهما توافرت لها من القدرات السياسية والدعائية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية المغلفة بالانتماءات الاسلامية والمذهبية.
وعلى الذين يراهنون على القبيلة اليمنية بأنها سوف تتحول الى جسر تعبر عليه القوى الاجنبية الى عاصمة الدولة أن يراجعوا حساباتهم ومعتقداتهم الخاطئة قبل أن يجدوا أنفسهم في مستنقعات آسنة يصعب مقاومتها والخروج منها بسهولة، لأن الشعب اليمني من الشعوب العربية المستقرة يتكون في بنيته الاجتماعية من الأسرة الى العشيرة الى القبيلة الى الشعب من ابنية راسخة وضاربة جذورها في اعماق التاريخ وغير قابلة للاهتزاز بضربات عسكرية ومالية مدعومة من الخارج..
لأن الأسرة كانت هي القاعدة التي ولدت منها العشيرة والقبيلة كتطور وطني يتكون من مجموعة عشائر والشعب اليمني في بنيته الأسرية والعشائرية والقبلية شديد الاعتزاز بنفسه وبما له من مقومات وطنية وثقافية واجتماعية وسياسية تجعل الدولة الوطنية مستندة الى إرث ضخم من المقومات المادية والثقافية غير القابلة للهدم لصالح التبعية الاستعمارية لهذه الدولة العربية أو تلك الدولة الأجنبية مهما كانت قوتها العسكرية والاقتصادية ومغرياتها المعيشية الطارئة والعارضة.
ومعنى ذلك أن للقبيلة اليمنية ثقافة تاريخية تتكون من سلسلة من العادات والتقاليد التي تقدس الاستقلال والسيادة والكرامة وتمجد المروءة والشهامة والشجاعة والعدالة والكرم وما يترتب عليها من القيم الثقافية والاخلاقية الرافضة للاستعمار والاستبداد والاستغلال مهما كانت مغرياتها المادية.. الموت عند القبيلة اليمنية أهون من الاستكانة والاستسلام للغرب أياً كانت مبرراتهم السياسية والدعائية، لا بل وحتى العربية والاسلامية، لأن الشعب اليمني الذي يؤمن بالوحدة العربية والاسلامية بالاساليب الحوارية والسلمية لا يقبل الاستعمار والاستبداد والاستغلال بقوة السلاح وجبروته مهما كانت المخرجات التبريرية الواهية لهذا النوع من الهيمنة الأجنبية المدججة بالقوة الجوية والبرية والبحرية التي تفرض عليه الحصار الشامل من الغذاء والدواء والماء ومن المشتقات النفطية والغازية ومن الكهرباء بوحشية تفتقد أبسط القيم الانسانية.
وعلى الذين يعتقدون أن أبناء قبائل مأرب والجوفف الأبية سوف يتحولون الى أدوات لنصرة القوة الخارجية أن يراجعوا حساباتهم ومعلوماتهم الخاطئة حتى يتضح لهم أن هناك علاقة جدلية قوية بين قيم الأصالة وقيم المعاصرة تجعل قدسية العاصمة السياسية للدولة لا تقل أهمية عن قدسية قبائلهم وسوف يكتشفون قبل أن يتورطوا في مغامرات عسكرية مدفوعة الثمن أنهم سوف يصطدمون بجدار القبيلة الضارب جذوره في اعماق التاريخ والجغرافيا اليمنية مثلهم في ذلك مثل بقية القبائل الأخرى في جميع المحافظات اليمنية الشديدة الافتخار بما لدى الشعب اليمني من الاقدمية والقداسة العروبية والاسلامية، التي جعلت منهم أرق قلوباً وألين أفئدة وأصحاب نفوس عامرة بالإيمان والحكمة، يعشقون الحرية كعشقهم للاستقلال ويعشقون الديمقراطية كعشقهم للعدالة والمساواة ويعتبرون العدوان على بلادهم عاراً يتصدون له بكل ما لديهم من القوة المادية والمعنوية..
وهم بما لديهم من المواهب والملكات النظرية أصحاب ذكاء يعصمهم من الاستهبال والاستغفال السياسي، تجعل الولاء للعشيرة والقبيلة مقدماً على الولاء للأحزاب والتنظيمات السياسية، وتجعل الولاء للشعب والوطن والولاء للدولة الوطنية اليمنية مقدماً على غيره من الولاءات الخارجية حتى ولو كانت للدول والشعوب العربية والاسلامية لان الولاء للأسرة مقدم على الولاء للعشيرة، والولاء للعشيرة مقدم على الولاء للقبيلة، والولاء للقبيلة مقدم على الولاء للشعب اليمني على ما بينهما من التكامل والتكافل لأن الولاء للعشيرة يكمل الولاء للأسرة ولا يلغيها، والولاء للقبيلة يكمل الولاء للعشيرة ولا يلغيها، والولاء للشعب اليمني يكمل الولاء لما قبله من القبائل والعشائر والأسر ولا يليغه ممثلاً بالولاء للدولة الوطنية والولاء للدولة والشعب اليمني يتقدم على الولاء للأمة العربية والاسلامية ولا يلغيهما لأن التطور من الأسرة الى العشيرة الى القبيلة الى الشعب الى الأمة بمثابة بناء يرتفع حجراً فوق حجر، وكل حجر من أحجار البناء يحتج الى الحجر التي تحتها الى قاعدة يرتكز عليها وتعطي بذلك الجدار الاجتماعي ما هو بحاجة اليه من المتانة والصلابة والقوة التي تمنحه الديمومة في صيرورته الجهادية في جميع معاركه مع اعدائه الذين تسول لهم أنفسهم بساطة الاعتداء مقابل ما يحصلون عليه من المال والسلاح حتى يتبين لهم الحق أن الحرية والاستقلال والكرامة والعرض مقدسات دونها الموت نظراً لما لها من علاقة مرتبطة بالشرف والنبل والطهارة الوطنية.
أيتها القبائل اليمنية الأصيلة، يا أحفاد المعينيين والسبئيين والحميريين والأوسانيين والحضارمة.. كونوا كما عرفكم العالم القديم والوسيط والحديث والمعاصر أصحاب مروءة وكرم وشجاعة في الوقوف الى جانب ابناء القوات المسلحة واللجان الشعبية الذين قدموا أرواحهم رخيصة في معارك الدفاع عن الاستقلال وثبتوا في وجه الغزاة الذين يزعمون أن الاماراتي يساوي عشرة يمنيين، والذين يطالبون سكان العاصمة بخيارين لا ثالث لهما إما الاستسلام وما ينطوي عليه من الذل والمهانة.. وإما هدم عاصمتهم حجراً حجراً على رؤوس سكانها، وما يترتب عليه من الإبادة الجماعية والدمار الشامل بصورة مخالفة لكل النواميس السماوية والقوانين الوضعية.
يا لهذا المنطق العنصري الجبان ويا لهذا الغرور الذي لا يضع للإنسان أية قيمة من القيم الحقوقية، الذي يكشف في التاريخ المعاصر عن ثقافة متوحشة تستخدم أرقى ما وصلت اليه الآلة العسكرية من قدرة على القتل والدمار.
نعم يا أبناء اليمن يا من عُرفت بلدكم عبر التاريخ أنها مقبرة للغزاة، أنتم اليوم على موعد مع المعركة الفاصلة، إما أن تحافظوا فيها على مكانتكم التاريخية الرفيعة، وإما أن تسقطوا كل الحسابات، فيصبح أبناؤكم وأحفادكم مضرباً للأمثال والسخرية.. متهمين بأننا فرطنا بما نمتلكه من الحرية والاستقلال وتحولنا الى مستعمرة بحفنة من المال المدنس والأسلحة التي عفى عليها الزمن والذخيرة الفاسدة، ووقفنا بلا إرادة نقاتل جيشنا واللجان الداعمة له لنصرة القوة الغازية على شعبهم ووطنهم على نحو يغضب الله في السماء ويغضب الآباء والأجداد في مقابرهم ومدافنهم..؟
الأمهات والآباء يناشدونكم ومعهم اخوتكم واخواتكم وفي المقدمة الثكالى اللائي فقدن أبناءهن وفلذات أكبادهن وتلك الأرامل اللائي فقدن أزواجهن واحتسبنهم شهداء عند ربهم يرزقون وكلهن آمال وتطلعات أنكم سوف تثأرون لهن وستعيدون الابتسامة لهن من جديد.
لا أعتقد أن أموال وسلاح الدنيا بأسرها تساوي ثمن أولئك الذين فقدوا حياتهم ولا هي كافية لتعويض أولئك الجرحى من المعاقين والمشوهين الذين يعيشون حياة أسوأ من الموت.. مهما كانت التعويضات ومهما كانت الوعود المعسولة التي تظهر فجأة وتنتهي فجأة..؟
لاحظوا كيف تقوم المملكة العربية السعودية وبحضور القيادات اليمنية المحسوبين علينا بتكريم الشهداء وبمعالجة الجرحى من أبناء الدول الخليجية، وكيف يتم التعامل مع الشهداء من أبناء الجمهورية اليمنية لا بل من أبناء دول تحالف العدوان الذين أحيلوا على المستشفيات السودانية رغم أنهم من العملاء والخونة الذين باعوا وطنهم وشعبهم بثمن بخس ريالات معدودة..
ومعنى ذلك أن ما يقال عن إعادة البناء وعن التعويضات ما هو الا نوع من المغالطة من باب ذر الرماد على العيون للتخفيف من حدة الآلام والمعاناة عند أولئك الذين فقدوا أبناءهم وبناتهم واخوانهم واخواتهم ومساكنهم وسياراتهم وأعمالهم في المنشآت والمصانع المدمرة.
على أن ما يبعث على الحزن والأسف أن يقف التجمع اليمني للإصلاح »الاخوان المسلمون« بمواقف مبررة وداعمة ومشاركة مع العدوان ويزعمون أن الذين يسقطون جراء الضربات الجوية والصاروخية هم من الحوثيين وأتباع صالح العسكريين المدافعين عن البلاد وليسوا من المدنيين الذين لا ناقة لهم في الحرب ولا جمل، رغم أن غالبيتهم من الأطفال ومن النساء ومن الشيوخ والعجزة الذين لا حول لهم ولا قوة ولا سبب ولا ذنب.
لا أعرف أين وكيف يبرّئ هؤلاء ساحتهم أمام الله ثم أمام شعبهم، ولا أعرف ما هي وسيلة الإقناع والاقتناع لدعم ما يقوم به هذا العدوان من إبادة جماعية ومن دمار شامل للأرض والشعب اليمني وللدولة اليمنية بكل مكتسباتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية وما هو نصيبهم من هذا القتل ومن الدمار والدمار ومن الخراب؟
أسئلة صعبة تحتاج من المؤيدين للعدوان والمشاركين له إلى إجابات واضحة مهما بدت محرجة ومخزية؟
وإذا كان المندوب الأممي السيد اسماعيل ولد الشيخ قد أحرز تقدماً يستحق عليه الشكر والتقدير فإن الأمل في مجلس الأمن الدولي أن يتخذ خطوات جادة للضغط على أولئك الذين اعتادوا إفشال كل ما يتوصل اليه من أفكار تمثل الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح لتغليب الحل السياسي على غيره من الحلول العسكرية عن طريق الايقاف الفوري للعدوان ورفع الحصار بعد أن بلغت القلوب الحناجر ونضح الإناء بما فيه جراء ما يقوم به العدوان ومن معهم من أعمال تتمثل في سلسلة من جرائم الإبادة الجماعية والدمار الشامل التي طالبت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية بالتحقيق فيها والتي لا ينتج عنها سوى الكراهية المطلقة للرئيس وحكومته المسؤولة عما وصلت اليه اليمن من أوضاع يشيب من هولها الوِلْدَان.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|