كتب./ فائز بن عمرو -
تعيش محافظة عدن لحظات حرجة تشبه الى حد كبير الساعات الأولى لمذابح 13 يناير 1986م.. ومجدداً يسعى الفار هادي للانتقام من ابناء عدن والتي فر منها حافي القدمين في 86م بإشعال نيران فتنة يجري الاستعداد لها ليل نهار.. عدن اصبحت مهددة بالانفجار في أي لحظة فهناك انتشار مكثف للمسلحين في معظم شوارعها واحيائها وهناك توافد للآلاف من المسلحين من الضالع وأبين، والأخطر من ذلك أنه لا توجد مبادرة لوقف هذه التداعيات في ظل استمرار الفار هادي في إدارة ما تُسمى بالمحافظات المحررة بسياسة الانتقام واصطناع الازمات وإقامة التحالفات مع التنظيمات الإرهابية وميليشيات الاجرام، فليس مهماً ان تحترق عدن، او تسقط المكلا بيد القاعدة، او تدمر صنعاء تحت قصف العدوان وجرائمه، المهم ان يبقى الفار هادي رئيساً ولو بالدم والقتل والإرهاب وجعل اليمن مستعمرة خليجية تدار بالوصاية والاستعمار وبضخ المليارات من الريالات لأرباب العمالة والخيانة.

وفي هذا السياق تتسابق نيران المؤامرات والمواجهات العسكرية بين متصدري أعمال القتل والإرهاب على اليمن وفي المقدمة الامارات والسعودية بعد اشهر من محاولة انقاذ تحالفهم البائس، إلا ان قرارات الفاشل هادي الاخيرة قضت على أذرع الامارات عسكرياً وإدارياً، وأنهت أحلام معركة احتلال الحديدة بين دولتي العدوان، حيث تقوم تلك الجبهة على قوات الامارات ومرتزقتها من مقاتلي شلال وهيثم قاسم وعلى مرتزقة الضالع وميليشيات هاني بن بريك السلفية التي تقاتل في جبهات تعز، بينما تنطلق ميليشيات السعودية من انصار القاعدة في جبهة ميدي لتطويق محافظة الحديدة.
وفي هذا الاتجاه اصدر الفار هادي قراراً قضى بإعفاء هاني بن بريك من منصبه كوزير دولة في حكومة الفنادق وإحالته للتحقيق، كما اصدر قراراً آخر قضى بتعيين عبدالعزيز عبدالحميد المفلحي محافظاً لمحافظة عدن، وأصدر قراراً أيضاً بتعيين عيدروس الزبيدي سفيراً بوزارة الخارجية.. وعللت المواقع الاخبارية التابعة لجلال هادي عزل عيدروس الزبيدي بأنه يأتي رداً على قيام قوات اماراتية بقيادة ضابط اماراتي باعتراض ابو مهران القباطي قائد اللواء الرابع حماية رئاسية في مطار عدن وإجباره على العودة للسعودية، بينما لم تفسر تلك المواقع السبب في عزل الوزير السلفي الموالي للإمارات هاني بن بريك.
هذا وقد عزت مصادر مطلعة السبب بإقالة الوزير السلفي هاني بن بريك الى كونه استهدف السعودية في اكثر من منشور له بصفحته على تويتر، بينما ذكرت مواقع اصلاحية أن السبب وراء اقالة هاني بن بريك كون الميليشيات السلفية في تعز بقيادة ابو العباس، قائد كتائب ابو العباس الذي عينه الفار هادي عقيداً في محاولة لكسبه وضمه لتحالف هادي- علي محسن، إلا ان ميليشياته رفضت الاستجابة لأوامر الخائن علي محسن وحزب الاصلاح وظلت تحارب مرتزقة الاصلاح في تعز وتفسد مخططاته للاستيلاء على المدينة والسيطرة على الاموال السعودية- القطرية.
هذا وتسود محافظة عدن حشود مسلحة وفوضى واضطرابات، حيث قالت مصادر محلية ان طيراناً حربياً تابعة للقوات الغازية ليواصل التحليق في أجواء محافظة عدن وخاصة في المنطقة الشرقية من المحافظة، ويوسع تحليقه باتجاه المناطق الساحلية التابعة لمحافظة أبين، شرق منفذ العلم، كما افادت معلومات بأن ما تسمى بقوات الحماية الرئاسية ومسلحين سلفيين انسحبوا الخميس من محيط مطار عدن، بعد ساعات من انتشارهم في محيط المطار وإغلاق الشوارع المؤدية إليه، وحسب المعلومات فإن قوات الحماية الرئاسية والمسلحين السلفيين انسحبوا عقب مغادرة القباطي على متن طائرة عسكرية من مطار عدن إلى الرياض، بعد أكثر من 6 ساعات على احتجازه من قبل القوات الاماراتية في المطار، وأفاد مصدر محلي ان قوات عسكرية ومسلحين كثفوا من انتشارهم في محيط مقر التحالف السعودي المحتل بمديرية البريقة، وأكد أن عناصر مسلحة من الفصيل السلفي انتشرت غرب محافظة عدن قرب جولة كالتكس، منذ مغرب الخميس، وأن هؤلاء المسلحين يقومون بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات والركاب الذين يستقلونها.
وفي ذات السياق قال مسافرون: ان ميليشيات مسلحة أو ما تُسمى بالمقاومة الجنوبية اغلقت -الجمعة- الطريق الواصلة بين الضالع ومناطق الشمال، كما أغلقت الطريق عند منفذ نقطة سناح في الاطراف الشمالية للضالع، وأضافوا: ان السيارات المارة على جانبي الطريق مُنعت من المرور..
وبهذا الخصوص دعا الشيخ عباس صنيج الشاعري رئيس المجلس الاعلى لما تُسمى بالجالية الجنوبية في السعودية والخليج الى سرعة تحرك وزحف -من وصفهم- شعب الجنوب نحو العاصمة عدن وذلك للوقوف الى جانب قيادات وإبطال الضالع والمقاومة الجنوبية- اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن والشيخ هاني بن بريك اللذين أقالهما وأكد صنيج في بيان عاجل له عبر الدائرة الاعلامية العليا: ان الزحف الى عدن يجب ان يكون مترافقاً مع استعداد قتالي وأمني لكافة ابناء الجنوب استعداداً لاحتمالات كبيرة سيتم إعلانها لاحقاً من عدن.
وفي ذات الاتجاه احتشد الآلاف من مواطني محافظة عدن -الجمعة- في مسيرة جماهيرية للتنديد بقرارات الفار هادي الاخيرة، ورددت المسيرة الجماهيرية شعارات «يا دنبوع صح النوم لا شرعية بعد اليوم» ورفعت الحشود شعارات ترفض قرار الاطاحة بالمحافظ عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك، ووصفوا قرارات هادي بأنها جاءت تحت تأثير جماعة الاخوان المسلمين وأن المستفيد منها الجنرال علي محسن .
وفي سياق مختلف روجت قناة الجزيرة الاخوانية أن تعيين المفلحي جاء بعد فشل المحافظ السابق عيدروس الزبيدي في الحفاظ على الملف العسكري والأمني والاقتصادي في المحافظة، وزعمت أن المفلحي محافظ يملك خبرة اقتصادية وسينهض بعدن على كافة المجالات، وقد قال المفلحي في أول تصريح له: ان ادارته ستسعى جاهدة لأجل انتشال مدينة عدن من وضعها المزري وأضاف المفلحي: ان ادارته ستسعى بكل قوة لأجل تحريك عجلة الحياة في عدن وإصلاح قطاعات الكهرباء والمياه وتوفير المرتبات ومكافحة الفساد.
وفي سياق متصل وصف المراقبون السياسيون قرارات الإقالة التي أصدرها هادي بأنها قرارات سياسية صدرت في لحظة انفعالية رداً على منع ضابط ابو مهران القباطي الموالي لهادي وانتصاره لحزب الاصلاح وعلي محسن الاحمر اللذان ينتمي اليهما ألوية الحماية الرئاسية، وكذلك بررت وكالة الانباء سبأ التابعة لجلال هادي اقالة الزبيدي بحجة الفشل في تنمية محافظة عدن، بالرغم من ان حكومة هادي تقبع في المعاشيق وفشلت في كل الملفات الامنية والعسكرية والسياسية ولم يتخذ هادي أي قرار بعزل او محاسبة أي فاسد وكل التحقيقات التي امر بها ظلت حبراً على ورق، كما ان المفلحي يخضع بشكل كامل لحزب الاصلاح ويدير شركات علي محسن النفطية والاستثمارية، وهذا ما سيفجر عدن بصراعات عسكرية وسياسية ويشعل اطماع الجنرال العجوز وزبانية -النفط والفساد- بالسيطرة على مصافي عدن وشركة نفط عدن التي يسعى احمد العيسي التابع لهادي والمقرب من علي محسن الى السيطرة عليها، لولا تصدي المحافظ السابق الزبيدي بمنعه ومقاومته ورفض قرارات الخائن هادي التي تمكن العيسي من الانشطة الاقتصادية في عدن.
هذا وأرجع كثير من المحللين العرب واليمنيين المتابعين للشأن اليمني قرارات هادي الاخيرة الى الصراع السعودي الاماراتي في اليمن وفي الجنوب خاصة، فقد استهدفت القرارات ادوات الامارات في عدن التي شملت الجناح السياسي المتمثل في عيدروس الزبيدي والجانب العسكري المتمثل في الوزير السلفي هاني بن بريك، وكذلك مكنت حزب الاصلاح وميليشيات هادي من الملف الامني والعسكري والسياسي والإداري بالمحافظة، وهذا ما سيفجر صراعات عسكرية وسياسية ومناطقية بين مقاتلي محافظة أبين الموالين لهادي وبين مقاتلي الضالع الموالين للزبيدي، وسيسهم في اعادة الصراع والتناحر والحرب الاهلية على غرار ما تعرضه له عدن من حرب دامية في 13 يناير 1986 بين الزمرة والطغمة وكان الفار هادي أحد سفاحي تلك المعركة والتي خسر فيها وهرب حافي القدمين الى العاصمة صنعاء.. كما يهدف الفار من قراراته الى خلق صراع بين ابناء الضالع ويافع بإصراره على تعيين المفلحي الذي ينتمى ليافع.
وفي ذات الاتجاه قال المغرد السعودي " مجتهد ": ان الامير محمد سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي في وضع حرج جداً مع ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد زايد، وأوضح «مجتهد» أن قرارات هادي تأتي في وقت تشهد العلاقات بين السعودية والإمارات اصعب مراحلها، حيث يصر الأمير فهد بن تركي قائد القوات البرية على توزيع قوات سعودية على معسكرات جيش ما أسماه (الشرعية) في اليمن حمايةً لها من قصف إماراتي.. وحسب مجتهد فإن قوات قال انها "شمالية" ومتمركزة في الجنوب رفضت ضغوطاً إماراتية بمغادرة حضرموت ومناطق ساحلية لتفريغ المنطقة تماماً لقوات النخبة الحضرمية التابعة للإمارات، وأوضح مجتهد في حسابه على موقع تويتر، أن "ابن زايد" هدد بقصف تلك القوات جواً بحجة أنه يقصف تجمعات لتنظيم القاعدة.. من جانبه قال وزير الشؤون الخارجية لدولة الامارات قرقوش: ان مشكلة الشرعية هي تغليب المصلحة الشخصية والأسرية والحزبية على مصلحة الوطن، واضاف في تغريدة على توتير: تعليقي على ما أراه ـ المشكلة الحقيقية هي في تغليب المصلحة الشخصية والأسرية والحزبية على مصلحة الوطن، وهو في مفصل حرج في معركته المصيرية.
وفي سياق آخر تتابعت الاعتراضات على قرارات الفار هادي وإصراره على تدمير الجنوب ليحافظ على سلطته وخدمة حزب الاصلاح وإرضاء السعودية، حيث تساءل محمد نصيب العوذلي مدير عام لودر السابق: هل بإمكان هادي إقالة محافظ مأرب سلطان العرادة، ورئيس هيئة الاركان محمد علي المقدشي، ام ان شرعيته فقط على عدن؟.. أما المحلل السياسي د/ حسين لقور فقال: ان الاصطفاف السياسي اليمني الذي يديره حزب الاخوان والجنرال يقف خلف قرار اقالة اللواء عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن، واضاف: لم يجد هادي إلا بن بريك ليحقق معه، أما الناطق الرسمي في السلطة المحلية بعدن نزار هيثم: ان الشرعية الإخوانية أعلنت وفاتها.. وفي هذا الاتجاه قال القيادي في الحراك الجنوبي فادي باعوم: إن كل تلك القرارات التي صدرت مقدمة لفتنة لا تبقي و لا تذر، واضاف باعوم: الصراع هو بين السعودية والإمارات، والجنوبيون لا ناقة لهم فيها ولا جمل.