استطلاع / رانيا البحري -
تمثل منظمات المجتمع المدني حلقة وصل بين المجتمع والجهات المختصة.. ومعظم هذه المنظمات تم انشاؤها بغرض تقديم الخدمات الإنسانية في سياق المجتمعات المحلية والإسهام الفاعل في تجاوز كل الاشكالات التي قد تواجه الحالات المستهدفة كالفقراء والنازحين والمعسرين..
كثير من المنظمات المدنية فاعلة ولها دور ونشاط ملموس وتعمل على تنفيذ مهامها ومسئولياتها بكل الصدق والمسئولية..؛ فيما هناك منظمات أخرى تم إنشاؤها ومنحت تراخيص مزاولة العمل دون أن يكون لها أي فعل أو نشاط هنا او هناك..
في هذا الاستطلاع الذي اجريناه مع عدد من مسئولات بعض المنظمات المدنية.. طرحنا عليهن سؤالا من شقين :
ما الدور الذي يجب ان تقوم به منظمات المجتمع المدني تجاه المجتمع في ظل الكارثة الانسانية التي يعيشها اليمنيون؟
وما مدى صحة ما يردده البعض من أن غالبية منظمات المجتمع المدني غرضها ربحي وليس انسانياً..؟
تفاوتت ردود من قمن باستطلاع آرائهن في أكثر من اتجاه.. وهنا المحصلة :
تحدثت إلينا بداية الاستاذة بشرى الورقا مسئولة منظمة المرأة للتنمية والتطوير بصنعاء والتي قالت :
دور المنظمات المدنية مهم جدا وخاصة في الوقت الراهن الذي يشهد فيه الوطن عدوانا غاشما وحصارا جائرا تسبب بكارثة إنسانية حقيقية على اليمنيين جميعا..
منظمات المجتمع المدني يشكل وجودها خدمة إنسانية لأبناء المجتمعات المحلية وعاملاً مساعداً لمؤسسات الدولة المختلفة في تقديم الخدمات على اختلافها.. ولهذا فإن من غير الممكن الاستغناء عن هذا الدور الفاعل والكبير الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني على الساحة الوطنية..
وتضيف الأستاذة بشرى قائلة : المنظمات المدنية هي الأقرب مجتمعياً إلى الناس.. وتعمل على تلمس احتياجاتهم بكافة مجالات الحياة وكل ذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة..
كما ان للنزول الميداني الذي تقوم به معظم إن لم نقل كل المنظمات المدنية اثراً طيباً في معرفة الأسر الفقيرة والنازحين والمعسرين والعمل على تلبية احتياجاتها الإنسانية أكانت غذائية أو صحية أو تعليمية..
ومن هذا المنطلق اكرر القول إن دور المنظمات مهم ولا يمكن الاستغناء عنه.. وينبغي على الجهات المختصة أن تذلل كافة الصعوبات التي تواجه بعض المؤسسات والمنظمات المدنية وخاصة فيما يتعلق بالإجراءات القانونية ومضاعفة الدعم المقدم اليها بالنظر إلى نشاطاتها التي تقدمها وفعالياتها التي تنفذها..
كلام غير صحيح
وحول ما يردده البعض من ان غالبية منظمات المجتمع المدني غرضها ربحي وليس انسانيا تقول الاستاذة بشرى :
هذا كلام غير صحيح وهدفه الإساءة للدور العظيم الذي تقدمه مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في إطار المجتمعات المحلية..
وهنا يجب أن يعلم الجميع ان دور المنظمات كان وما يزال فاعلا جدا ولا يمكن التشكيك فيه..
وأضافت: لقد قدمت الكثير من منظمات المجتمع المدني على سبيل المثال
الدعم والمساندة للأسر النازحة بالدعم النفسي وجمع التبرعات النقدية والعينية وتقديم المساعدات الطارئة كما عملت على تنفيذ عدد من المطابخ الخيرية لصالح الأسر النازحة وأسر الفقراء والمعسرين.. فكيف يكون هدفها ربحيا وهي قد جندت نفسها لخدمة المجتمع..
بعض المنظمات هدفها ربحي
الاستاذة رجاء الكحلاني مسئولة منظمة الأمن والسلم الاجتماعي بصنعاء كان لها مداخلة في سياق هذا الموضوع.. فقالت :
إذا تحدثنا عن السياسة العامة لدور المنظمات فهي تحل محل السلطات التأمينية لاستقرار البلاد، وعلى نشر ودعم ثقافة السلام وإيقاف الحروب وأيضا تجنيب الشعوب أي كوارث أو اضطهادات واخطار تواجه المواطنين جراء تلك الحروب..
والمنظمات لابد أن تقدم كل الخدمات والوسائل لتجنيب المواطن أي قهر واستغلال وعنف يمارس عليه أثناء الحروب وعدم استقرار البلاد..
وفيما يتعلق بالشق الآخر من السؤال.. تقول الاستاذة رجاء :
هناك بعض المنظمات التي أنشئت بهدف الحصول على الدعم فقط وتعمل من خلال منظمتها على استثمار وزيادة الربح، وآخر اهتماماتها هو الجانب الإنساني وقد تكون أغلبها تبحث عن الاستفادة إلا انها تؤدي بعض الأدوار التي يحتاجها الوضع الإنساني في النكبات والحروب والأزمات ولكنها أيضا تعمل وتحصر دورها في ظل المساعدات الإنسانية فقط او عقد ندوات وورش عمل القصد منها جني مبالغ مالية من المانح..، والقلة القليلة فقط تبحث عن حلول ومعالجات لكل قضايا المواطنين فى ظل هذه الظروف الإنسانية الصعبة..، حتى فكرة إحلال السلام تتم المتاجرة بها لمن يدفع أكثر لأنها انشئت أو أسست لأغراض وأبعاد سياسية..
تخفيف المعاناة
فيما قالت الاستاذة بشرى الهيلمة مسئولة منظمة ايريس للتنمية :
دور المنظمات لاسيما في هذه الأيام يصب في تخفيف المعاناة عن كاهل الكثير من النازحين والأسر المحتاجة بسبب الحرب التي دمرت الارض وقتلت الانسان، إضافة إلى السعي للعمل التعاوني الانساني وتذليل الصعوبات التي يعاني منها المتضررون جراء النزاعات والحروب التي دفعتهم لترك بيوتهم ومناطقهم..
كما يصب دور المنظمات في خدمة وتسهيل جميع احتياجات الناس في كل الجوانب الصحية والتعليمية والغذائية، وفي اعطائهم ابسط حقوقهم في العيش بأمان وسلام، وبما يؤدي إلى اكتفائهم معيشيا، ومسح الحزن والأسى عن عيون ووجوه أسر المفقودين..
لذلك يجب التأكيد على أن دور منظمات المجتمع المدني مهم ولا غنى عنه في كافة المجالات الحيوية.. في عمليه الاغاثة والاستجابة والتنمية الشاملة..
استجابة إنسانية
وتحدثت الأستاذة بشرى الحيمي مسئولة منظمة مبادرة بشائر العطاء بالقول :
منظمات المجتمع المدني يجب أن تحتوي شرائح المجتمع في شتى المجالات بكل ما تحمله كلمة احتواء من معنى..، وهذا ما تمثله بعض منظمات المجتمع المدني الدولية.. لذا اتمنى من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية على حدٍ سواء أن تسعى لمساندة أهالي المناطق المتضررة كاستجابة إنسانية وكخطوة أولى، ومن ثم العمل على تمكين أهالي المناطق المتضررة..
وتضيف الاستاذة بشرى : وينبغي هنا عدم تناسي المدن والمناطق التي لجأ إليها أهالي المناطق المتضررة (النازحون) وان لايكون التركيز على شريحة معينة فقط، فهناك أسر متعففة ومتضررة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد..، ولكي ينجح هذا العمل الإنساني المهم يجب عدم اغفال شريحة الشباب فهم خير سند ومعين.. شباب معطاء لبلده بكل الحب والبذل..
وحول ما يردده البعض من ان غالبية منظمات المجتمع المدني غرضها ربحي وليس انسانيا تقول الاستاذة بشرى الحيمي :
ليس لدي أدنى معرفة حول هذه النقطة ، ومعرفة ذلك يحتاج لشخص يعمل مع هذه المنظمة أو تلك ليتعرف على طبيعة عملها أكان ربحيا أم إنسانيا..
لكن إن كانت هناك منظمات تعمل من أجل الربح على حساب المستهدفين فلن يربحوا ابدا وستبوء مشاريعهم واعمالهم بالفشل لا محالة.. ونحيي كل منظمات المجتمع المدني الصادقة في تنفيذ برامجها واعمالها الإنسانية وتسعى جاهذة لمساعدة المتضررين والمحتاجين حيثما كانوا..
التعاون باسم الإنسانية
وكان للأستاذة أسماء الجعدي مسئولة مبادرة »أنا موجود« مداخلة ورأي في سياق استطلاعنا حيث قالت :
للمنظمات المدنية دور كبير في تقديم الخدمات الإنسانية والمشاركة في التوعية بمجمل القضايا محل الاستهداف..
ويتعاظم هذا الدور بالتكاتف والتنسيق فيما بينها لكي يكون العمل الإنساني اكثر تنظيما..، والتعاون بعيدا عن أي مسميات.. واقصد هنا التعاون باسم الانسانية..
وفي ردها على الشق الآخر من السؤال قالت الأستاذة اسماء :
هناك جزء من المنظمات فعلاً غرضها ربحي وقد تعرفت على الكثير منها وحاولت التشبيك والتعاون مع بعض المنظمات لكي نقدم عملا ممتازا فاكتشفت أن هناك منظمات فعلا هدفها الربح ومنظمات هدفها الشهرة والتصوير ووو.. لكن لا نريد تعميم هذه المقولة على الجميع لأن هناك مبادرات وليس فقط منظمات تعمل عملاً انسانياً بحتاً وبدون أي أجور أو تقاضي أي مبالغ كبدل مواصلات وحتى بدون أي ربح بل يأتي المتطوع ويقدم كل ما يستطيع لمساعدة غيره..
دور لا يمكن إغفاله
واختتمنا هذا الاستطلاع بمداخلة من الاستاذة مريم الحبشي مسئولة منظمة »ازرع خيراً« والتي بدأتها بالحديث قائلة :
دور المنظمات المدنية لا يمكن إغفاله على الإطلاق.. وقد بدأ نشاطها في البروز بشكل أكبر خلال السنوات الأربع الماضية..وتعاظم دورها فيما تقدمه من اعمال انسانية تجاه النازحين والفقراء والمحتاجين.. وفي مختلف مناطق الجمهورية..
نعم.. لقد كان للعدوان على اليمن آثاره المدمرة على طبيعة الحياة المعيشية.. وتأثرت الآلاف من الأسر معيشيا ودفعتها الحرب الدائرة إلى النزوح بعيدا عن مناطقها وبيوتها.. وهنا جاء دور المنظمات المدنية بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة للقيام بعملها الإنساني المناط بها وإيلاء تلك الأسر اهتماما خاصا من خلال تقديم المعونات الغذائية وتسهيل التحاق ابنائها بالتعليم وتوفير الخدمات الصحية بشكل أو بآخر.. هنا تجلى الدور الكبير لمنظمات المجتمع المدني وهو الدور الذي لا يمكن الاستغناء عنه مطلقا..
البعض القليل وليس الكل
وحول من يقول ويردد ان الكثير من منظمات المجتمع المدني غرضها ربحي تقول الاستاذة مريم الحبشي :
غالبية المنظمات المدنية العاملة في الميدان هدفها إنساني وليس ربحياً على الإطلاق ومن يقول ذلك لا يدرك ولا يعي طبيعة المهام التي تنفذها وتقوم بها تلك المنظمات ميدانيا..
قد تكون هناك منظمات هدفها الجانب المادي ولكنها قليلة ولا يتعدى عددها اصابع اليد الواحدة..، ومن الظلم والإجحاف أن نسقط هذا القول على كل المنظمات المدنية..
وتضيف الاستاذة مريم : كثير من المنظمات المدنية المحلية أو المؤسسات الخيرية جهودها ملموسة في الميدان وتعمل بكل اخلاص ولكن ينقصها الجانب الإعلامي..
ومع ذلك أقول يكفي هذه المنظمات اخلاصها ووفاؤها لأهدافها ومبادئها وقيمها الحية التي تقوم بترجمتها على الواقع بالقول والفعل في آن..
| 
المنظمات المدنية.. دور إنساني أم ربحي؟!
