إبراهيم الحجاجي - تظل الوحدة اليمنية المباركة أكبر منجز تاريخي للشعب اليمني، وتبقى عنوان ديمومة الاصطفاف الوطني والشعبي وقوته وسيادته وذاتية قراره، وملهم لنهضته وتطوره وحضوره المهيب بين الشعوب والأمم، والعامل الجوهري للأمن القومي والمعيشي والسلم المجتمعي والسلام الذي ينشده الجميع.
تأتي الذكرى الـ 32 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ظل ظروف معقدة وصعبة تمر بها اليمن، نتيجة العدوان الغاشم وحصاره الجائر من قبل تحالف العدوان بقيادة النظامين السعودي والاماراتي منذ اكثر من سبع سنوات، وإن كانت الوحدة اليمنية من أهم أهداف هذا العدوان الذي يمضي كما يبدو بتوجيهات دول كبرى لها مصالح ومشاريع استراتيجية من هذا العدوان، ومحاولة تمزيق الوحدة أبرز الاهداف التي تخدم تلك المصالح، وما ظهر جلياً منذ بدء العدوان لدليل ناصع لآثار هذا العدوان على الوحدة جغرافياً وعلى مستوى النسيج الاجتماعي.
لكن كما يقال "رب ضارة نافعة" فما عاشه الشعب اليمني شمالاً وجنوباً من أقصاه الى أقصاه على مدى سبع سنين من الدمار والخراب والحصار والمعاناة، أصبح يعي ويدرك جيداً معنى الوحدة وخيراتها وبركاتها على مستويات المعيشة والأمن والاستقرار والتنمية والتعليم والصحة وقوة النسيج الاجتماعي، وأصبح أكثر وعياً وإدراكاً بمآرب ومخططات العدوان ضد الوحدة والشعب اليمني بشكل عام، بعد أن عاش تجربة مريرة ورأى كل أوراق التآمر والمخاطر بارزة المفردات بين يديه، وهو ما لا يدع مجالاً للشك ببقاء الوحدة اليمنية راسخة كرسوخ جبال وشوامخ اليمن، لأن مصيرها بيد هذا الشعب الوحدوي العظيم الذي عاش هذه التجارب بكل تفاصيلها.
ولأن المادة احتفالية بمناسبة الذكرى الـ 32 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، يجب أن نستعرض كرؤوس اقلام مختصرة عن دور المؤتمر الشعبي العام في تحقيق هذا المنجز الوطني التاريخي العظيم، إذ أن الدليل الجوهري في الدليل النظري لحزب المؤتمر (الميثاق الوطني) ينص مضموناً وصراحة على ضرورة وأهمية الوحدة اليمنية، وجعلها منطلقاً لتطبيقها على أرض الواقع حتى تحققت في 22 مايو 1990، بعد عدد من مراحل وخطوات تمهيدية وتحضيرية، حتى تحققت في توقيت وظرف اقليمي ودولي معقد، أهمها انهيار منظومة عالمية المتمثلة بالاتحاد السوفييتي ودخول القوات الغربية الى المنطقة العربية لأول مرة في التاريخ على مستوى اسلحة العصر المتطورة بغرض غزو العراق، ورغم محاولات أعداء الوحدة من الخارج لإعاقتها أو وأدها وهي في المهد، إلا أن المبدأ الذي يحمله المؤتمر الشعبي العام كنهج وطني ذي مسؤولية تاريخية والى جانبه قوى وطنية مخلصة، مكنه من تجاوز والتغلب على كل المخاطر والتحديات، حتى رسخ الوحدة ونال الشعب اليمني الكثير من خيراتها على كافة المستويات والمجالات.
المؤتمر وُجد بصيغة يمنية بحتة وبروح قومية عربية واسلامية، أي نهج وحدوي، ثقافة وسلوكاً، قولاً وعملاً، وهو ما قدمه للوحدة وتاريخه لا يتجمل ولا يبالغ عبر مختلف المراحل والتحديات والمخاطر والمؤامرات التي رافقت وتخللت تلك المراحل، منذ تأسيسه حتى اللحظة.
الروح الوحدوية النابعة من المؤتمر الشعبي العام والساكنة في وجدان قياداته وقواعده العريضة التي تمثل الغالبية الوحدوية والسواد الاعظم من الشعب، تجعله مواكباً للأحداث وحاضراً بقوة في المناسبات الوطنية وفي مقدمتها إحياء ذكرى إعادة تحقيق الوحدة كل عام، حيث كان آخرها التوجيهات الصريحة لرئيس المؤتمر الشعبي العام المناضل الوطني الوحدوي الشيخ صادق بن أمين ابو راس بالاستعداد للاحتفال بالذكرى الـ 32 لإعادة تحقيق الوحدة التي حلت علينا يوم الأحد 22 مايو 2022، كيف لا والشيخ صادق ابو راس أحد بُناة الوحدة ومؤسسيها وصانعيها.
ستظل الوحدة راسخة رسوخ جبال اليمن، وحاضرة في وجدان كل الشعب اليمني من أقصاه الى أقصاه، لأنها الملاذ الذي لا سواه لجمع شمل اليمنيين وتقدمهم وتنمية وطنهم، أياً كانت المؤامرات والمخاطر والتحديات، إلا أن الشعب اليمني سيتجاوزها بإذن الله كقرار شعبي حتمي وأبدي.
|