موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


مجيديع يعزي الدكتور قاسم الداودي بوفاة والدته - حصيلة شهداء غزة ترتفع إلى 47518 - العثور على مقابر جماعية في مخيم جباليا - المبادرات التنموية البديل الذي كشف عورة الدولة - صنعاء تحذّر من سياسة العقاب الجماعي - إعلام العدو: 42 مليار دولار تكلفة الحرب على غزة - صنعاء: افتتاح معرض "من أرض البن إلى أرض الزيتون" - كسرت هيمنة الشركات الامريكية .. "ديبسيك" الصينية تهز الاسواق - مشافي غزة تستقبل 48 شهيدًا في 48 ساعة - الخارجية تُدين محاولات امريكا تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 12-فبراير-2024
إبراهيم ناصر الجرفي -
إن من السُنن الإلهية في هذه الحياة سُنة التداول، قال الله تعالى : ((وتلك الأيام نداولها بين الناس))، وهذه الآية الكريمة قد لخصت في مضمونها الكثير من دلالات التاريخ والحياة البشرية، وأكدت بشكل قاطع على حتمية التداول بين الناس ، وذلك كجزء من متطلبات إبتلائهم وامتحانهم في هذه الحياة ، وهم يتعرضون لجميع ظروف ومتغيرات ومتقلبات الحياة ، اختبار مواقفهم وأعمالهم وردود أفعالهم ، في الصحة والمرض ، وفي الفقر والغِنى ، وفي الشدة والرخاء ، وفي السلطة والمعارضة ، في القصور وفي السجون ، في القوة وفي الضعف ،، وهكذا.. وهذه السُنة الإلهية تنطبق على الفرد والأسرة والمجتمع والدول وكذلك الأمم ، فما يسري في هذا المجال على الفرد ، يسري أيضاً على الأسرة والمجتمع والدول والأمم ، فكم سرد لنا التاريخ من أخبار أفراد وأسر ومجتمعات وأمم ، تبدَّلت أحوالهم ، وتغيرت ظروفهم ، من السلبية إلى الإيجابية ، أو من الإيجابية إلى السلبية ، وسرد لنا التاريخ ردود أفعالهم في الحالتين ، وتلك القصص الكثيرة الواردة في القرآن الكريم ، والتي تتحدث عن أحوال الأفراد والمجتمعات والأمم السابقة ، الهدف منها العظة والعبرة والاستفادة ، وجميعها تؤكد على حتمية تداول أحوال الحياة بين الناس ، كما أنها جميعاً تدعو الناس إلى الصبر في حال المكاره والشدة ، وإلى الشكر وحفظ النعمة في حال السرَّاء والرخاء..

وللأسف الشديد رغم كل ذلك ، ورغم أن التاريخ البشري يؤكد على هذه السُنة الإلهية ، ويؤكد على حتمية التداول ، في فصوله وصفحاته ، فمن كانوا يوماً في السلطة ، أصبحوا يوماً آخر خارج السلطة ، والعكس ، ومن كان فقيراً يوماً ، أصبح غنياً يوماً آخر ، والعكس ، ومن كان مربضاً يوماً ، أصبح مُعَافى يوماً آخر والعكس ، وهكذا ، إلا أن الكثير من الناس لم يعتبروا ويتعظوا من ذلك ، ويظنون أن ما بهم من نعمة أو سلطة أو صحة ، هو نتاج ذكائهم وعبقريتهم وحُسْن طالعهم ، فيبطروا ويتكبروا ويتجبروا ويبطشوا ويظلموا ويتغطرسوا ، والجزء الآخر يظنون أن ما بهم من شدة أو نكبة أو مرض هو نتاج فشلهم وعجزهم وسوء طالعهم ، فيصاب الكثير منهم باليأس والاكتئاب والاحباط والضعف والانهزام ، وهكذا ردود أفعال غير منطقية ، تؤكد أن أصحابها لم يدركوا ولم يؤمنوا بسنة التداول ، ولم يستفيدوا ويعتبروا ويتعظوا من القصص التاريخية..

وكم هو مغفل من يظن أن حاله الذي هو عليه اليوم سوف يدوم ويستمر ، فدوام الحال من المحال ، فإذا كان هو نفسه قد تبدَّلت به الأحوال من حال إلى حال ، خلال مرحلة قصيرة في حياته ، فكم من أناس كانوا بالأمس القريب فقراء وأصبحوا اليوم أغنياء والعكس ، وكم من أناس كانوا بالأمس القريب أصحاء وأقوياء وأصبحوا اليوم أمراض وضعفاء ، وكم من أناس كانوا بالأمس القريب خارج السلطة وأصبحوا اليوم هم السلطة ، فدورة التداول لن تتوقف يوماً ، وتبدُّل الأحوال من حال إلى حال مستمرة ، وكل ذلك التبدل والتغيير هو في حقيقة الأمر نتاج سُنة التداول الإلهية الحتمية ، وليس نتاج ذكاء أو غباء ، ولا نتاج قوة أو ضعف ، ولا نتاج حُسْن حظ أو سوء حظ ، كما يظن بعض مَنْ لم يستوعبوا سُنة التداول الإلهية..
ولو يقرأ الإنسان أحوال حياته وأحوال حياة غيره في محيطه الأسري والمجتمعي ، سوف يلاحظ سُنة التداول وهي تجري أمام عينه وبصره ، والإنسان العاقل هو مَنْ يستفيد من كل ذلك ، ويتعامل مع سُنة التداول بأفضل الوسائل ، فكم سيكون رائعاً عندما يتعامل بالصبر والاحتساب لله مع أحوال الشدة إذا ما ألمت به ، وكم هو عظيم عندما يتعامل بالشكر والتواضع مع أحوال الرخاء إذا ما ضحكت له الدنيا ، وكم هو مؤلم أن يتعامل الإنسان باليأس والقنوط إذا ما دارت عليه الأحوال من الرخاء إلى الشدة ، وكم هو فظيع عندما يتعامل الإنسان بالبطر والتكبر والغرور والبطش والظلم ، إذا ما دارت له الأحوال من الشدة إلى الرخاء ، ومن الضعف إلى القوة..

وكذلك الحال هو بالنسبة للأسر ، والمجتمعات ، والجماعات ، والدول ، والأمم ، فأحوالها متغيرة ومتبدلة ، من ضعف إلى قوة ، ومن قوة إلى ضعف ، فكم رأينا من دول وأمم كانت يوماً في المقدمة ، وأصبحت اليوم في المؤخرة ، وكانت يوماً ما قوية وأصبحت اليوم ضعيفة وهكذا ، وكم رأينا من أحزاب وجماعات كانوا يوماً ما خارج السلطة ، وأصبحوا اليوم في رأس هرم السلطة ، وللأسف البعض ينسى سُنة التداول ، ويظن من عند نفسه أن حتمية التداول سوف تصل إليه وتتوقف ، وسوف تتركه على حالٍ واحد ، لذلك لا يتردد عن ممارسة السلوكيات السلبية تجاه الآخرين ، متناسياً أنها لو دامت لغيره ما وصلت إليه ، وهذا هو الغباء والغرور بعينه ، فحتمية التداول لن تتوقف ، ولن تترك أحداً على حاله ، لأنها سنة إلهية تجري على الجميع ، ولا يمكن أبداً تغيير أو تحويل سٌنة الله تعالى ، والحكمة والذكاء تتطلب الاستعداد النفسي والمعنوي لحتمية التغيير والتبديل والتعامل الإيجابي معها في كل الظروف والأحوال..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
بقلم/ صادق بن أمين أبو راس- رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الجائفي والتعليم .. أشرف المعارك الوطنية (2-2)
د.عبدالوهاب الروحاني

حكايات وتحديات ذوو الاحتياجات الخاصة: شركاء في بناء المجتمع
د. منى المحاقري*

أنبوب مجهول لنهب خيرات الوطن
فتحي بن لزرق

بين أصوليتين..!
د.عبدالرحمن الصعفاني

خطة ترامب لتفريغ غزة: تهجير قسري أم حل للأزمة؟
عبدالله صالح الحاج

اليمن وحتمية عودة الوعي..
طه العامري

ملاحظات حول مقال الروحاني الموسوم (جار الله عمر) (2-2)
أحمد مسعد القردعي

سلامات صديق العمر.. يحيى دويد
د. طه حسين الهمداني

تَمَخَّض الجبل فولد نصف راتب مشوه!!
مطهر تقي

لأول مرة
عبدالرحمن بجاش

والدعوة عامة
علي أحمد مثنى

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2025 لـ(الميثاق نت)