موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


السياسي الأعلى: اليمن يتموضع بقوة في المنطقة - الاحتلال يغلق مدارس للأونروا في القدس - صنعاء تطالب بلجنة تحقيق دولية - اليمن يستهدف "رامون" و"ترومان" - 213 صحفياً استشهدوا في غزة منذ 7 أكتوبر - 57 شهيداً وجريحاً في صنعاء وعمران - ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة - صنعاء تعلن صرف نصف راتب - إعلان صرف معاشات مايو في صنعاء - صنعاء: العدوان الصهيوني لن يمر دون عقاب -
مقالات
الميثاق نت -

الخميس, 22-فبراير-2024
حسن عبدالوارث* -
لا تستطيع حين يحضر اسم الأستاذ عمر الجاوي إلاَّ وتتواتر قُبالتك مفردات جَمَّة، أبرزها: الوحدة اليمنية، اتحاد الأدباء، مجلة الحكمة، حزب التجمع، حصار صنعاء، وأسماء مثل: د. عبدالرحمن عبدالله، حامد جامع، القرشي عبدالرحيم، حسن الحريبي، أحمد كلز، عبدالله العالم وآخرين..

ولا تستطيع حين تستذكر شريط ذكرياتك مع الأستاذ عمر، إلاَّ وتستحضر ومضات من مواقفه ووقفاته التي قُدّر لك أن تعرفها عن كَثَب في مجرى علاقتك به، وقد تطاولت علاقتي به منذ أول لقاء في مطلع العام 1984م.. وكان العم سعيد الجناحي هو خيط الوصل يومها..

باتت الذاكرة اليوم متضعضعة، وشيء من دخان الزهايمر يتسلل إلى خياشيم الذاكرة، غير أن ثمة عديداً من المشاهد تستقر في قاع المحبة بعد أكثر من ربع قرن من الرحيل الأليم..

مازلت أتذكر الكثير من الرجال والنسوة والشبان الذين حلَّ فيهم ضيم أو اضطهاد من شخص "مسؤول" أو جهة نافذة، أو إجراء غير سويّ، حين كانوا يتقاطرون على نحوٍ شبه يومي إلى مكتبه في اتحاد الأدباء - على شاطىء جولدمور - أو مقر حزب التجمع - بعد تأسيسه لاحقاً - في حي الخساف، أو يستوقفونه في مكانٍ ما تواجد فيه، أو حتى في قارعة الطريق..

وكان هؤلاء قد انسدّت الأبواب قُبالتهم، فلم يجدوا مُنجداً لهم إلا ابن الجاوي، أو هكذا كانوا يعتقدون أو يأملون، فهو - في نظرهم - الرجل الشجاع الأمين الوحيد القادر على حَمْل شكواهم، أو مظلوميتهم إلى جبابرة الدولة، وعناترة السلطة، أو يخترق الجدران الفولاذية ليعود لهم بمفقود في غياهِب سجون "البوليييس"، كما كان يحلو لابن الجاوي نطقها، في إشارة للمخابرات وليس الشرطة.. أو تجده يتمكن من إنصاف أو إنقاذ عاثر حظ سقط في قبضة الأجهزة أو الجلاوزة..

ولم يكن الأستاذ عمر شمشون جبار زمانه ولا جراندايزر يمانه، إنما كان صاحب كلمة حق، إذْ تخرج من لسانه كالسوط اللاهب على ظهور حُكّام وعُكفة الشطرين حينها، فترتعد فرائصهم من تلك الكلمة، أكانت مكتوبة أو منطوقة أو منكوتة.. وكم هي المواقف التي كانت له في هذا المضمار مع علي ناصر وعلي صالح وعلي سالم، وكل العلاعل والعلاَّت في ذاك الزمن وذاك اليمن..

ومازلت أستذكر حكايات عدة مما أفرزته مأساة 13 يناير 1986م، وكيف كان الأستاذ عمر حينها بمثابة الناطق الرسمي أو الممثل الشرعي لمئات الأُسَر التي فقدت عائلها، إما قتيلاً أو سجيناً أو هارباً من البلاد، أو مطروداً من عمله.. حتى إنني رأيته يوماً يبكي خلسةً خلف مكتبه في اتحاد الأدباء، في الحجرة التي جعل منها سكناً إثر أن ترك شقته لشقيقاته التي كُنّ كل من تبقَّى له وأجمل ما تبقَّى له.. كان يبكي متأثراً مما آل اليه مصير بعض ضحايا مأساة يناير إياها، لاسيما تلك المرة التي جاءت فيها تلك المرأة المُشرشَفة تشكو إليه بمرارة شديدة كيف تحاول بعض الضباع السوداء - التي كانت ذات يوم بعيد ذئاباً حمراء - تُقايضها على فَرجها في مقابل إطلاق سراح زوجها المخفي في غياهب أحد المعتقلات!!

وغير مَرَّة وجدتُه يَشْتُم مسؤولاً نافذاً في وجهه أو في الهاتف، أو يطرد بعضهم من مكتبه، لمعرفته الأكيدة أنه تعمَّد إذلال مواطن مقهور أو مغلوب على أمره، أو أساء إلى أرملة شهيد أو ابنة فقيد أو زوجة أو أُم معتقل أو هارب من البطش.. كم كان صنديداً أمام كل رعديد، وجسوراً قُبالة كل حقير، لا يخشى أحداً إلى الحدّ الذي دفع بالصديق الأديب الراحل ميفع عبدالرحمن إلى تنبيهه ذات يوم: "هذا يا عمر قَدُه جنان مش شجاعة".. فما كان من الأستاذ إلا أن يرد عليه: "والله ماناش أكثر مجنانة منك ومن صاحبك هذا اللي جنبك" في إشارة إليَّ.. فاختتمها الرائع حامد جامع بضحكة مُجلجلة لها أول وليس لها آخر..

ومازالت تتردد في جنبات قاعة المسرح الوطني بمدينة التواهي تلك الواقعة التي حدثت ساعة أدى الفنان أحمد السنيدار أغنية من كلمات الشاعر محمود علي الحاج، ينفث فيها لوعته وشوقه لمدينته عدن وزوجته المقيمة فيها، التي لم تتمكن من مغادرتها إلى صنعاء، حيث يقيم محمود بعد أن رفض وزميله فضل النقيب، العودة إثْر مهمة رسمية لاتحاد الأدباء، وهي قصة من تداعيات زمن التشطير، معروفة للإنس والجن، عبر الأغنية بمرموزها: مشتاق لك يا نجم فوق شمسان..

ساعتها انبرى ابن الجاوي من بين الحاضرين، وأطلق صرخة موجهة إلى القيادة الحاكمة، ممثلة بالرئيس علي ناصر محمد، الذي كان لحظتها قاعداً في الصف الأول للقاعة، قائلاً بلغة الآمر الغاضب: "أرسلوا له حُرمته.. عيب"، وقد كان ما كان: تم تسفير زوجة ابن الحاج إليه في صنعاء..

وحين كان الأستاذ عمر يتعرض لمؤامرة أو محاولة اغتيال، وكان يخرج منها سالماً أو مُرصَّعاً ببعض الجراح، فإذا به يهتف ساخراً: "قولوا لهولاء الهُبْل أنا حفيد عمر بن علي"، وهو وليّ مشهور في قرية الوهط مسقط رأسه.. ثم ما يلبث أن يتحسس غليونه، الذي يُضاهي شهرة غليون تشرشل، فيروح يشعله بهدوء ورويَّة، نافثاً دخانه كمن ينفث غضبه مما يحدث حواليه من مؤامرات، وتسيُّد أنصاف الرجال، ومظالم وقهر أهل المبادئ والقيم.


* مقالي في موقع : "بلقيس"
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
بقلم/ صادق بن أمين أبو راس- رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
قرار متسرّع وغير مدروس!!
راسل عُمَر

لنرفع القُبعات للقضاء المصري
زعفران المهنا

ثرثرة وجع..
لمياء الإرياني

22 مايو يتجدد بصمود الوحدة
أ.د أحمد مطهر عقبات*

يسألونك عن المشهد ..!!!
د. عبدالوهاب الروحاني

واشنطن واليمن حرب بلا ملامح
الدكتور / علي أحمد الديلمي*

أميركا في لحظة الحقيقة.. الحاملات ليست مدناً خارقة
لقمان عبدالله

ما وراء التشدد الأمريكي في اليمن.. عن المبادرة الصينية.. فتّش
مريم السبلاني

اليمن وطننا الواحد الكبير.. ولن نرضى بتمزيقه
عبدالسلام الدباء*

العنف في المدارس وآثاره الكارثية
د. محمد علي بركات

لحظة تُترَك للصمت فقط
يحيى الحمادي

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2025 لـ(الميثاق نت)