طه العامري - تخوض كُـلٌّ من السعودية والإمارات سباقاً محموماً لفرض نفوذهما على اليمن وإن لم تقاسم هذا النفوذ بطرق مريبة ومثيرة في ظل تراخي المكونات الوطنية اليمنية المنهمكة بدورها في سباق ترتيب أوضاعها الذاتية، وليس هناك سوى (الحراك المهري) يواصل رسالته الوطنية رافضاً كل هذه المحاولات التنافسية سواءً بين دول الجوار أو بين المكونات المحلية التي تتجاهل تنافس أشقاء الجوار وتخوض معاركها فيما بينها، تاركةً سيادة واستقلال الوطن وكرامة مواطنيه عُرضةً لاستباحة الآخرين وخاصةً الإمارات، التي في أحدث التقارير الاستخبارية الدولية تؤكد أنها استعانت بمرتزقة من إحدى الشركات الأمريكية وكلفتها بمهمة
العمل في اليمن سواءً المرابِطة في بعض الجزر التي وضعت الإمارات اليد عليها وشيّدت عليها مرافق ومهابط للطائرات، أو لتصفية بعض الرموز اليمنية الرافضة التدخل الإماراتي السافر في الشئون اليمنية..
(الحراك المهري) بقيادة الشيخ علي سالم الحريزي، استطاع الصمود لسنوات وتمكَّن من فضح مخططات أشقاء الجوار وكشف نواياهم وخاصةً بعد أن أثبت أن هذه التدخلات التي قاموا بها وخاصةً السعودية والإمارات لم تأتِ لوجه الله أو لتهدئة الوضع اليمني وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، بل جاءت هذه التدخلات لفرض السيطرة وتأمين مصالح أطراف دول الجوار التي تعمل بالوكالة لمصالح محاور النفوذ الإقليمية والدولية..
في هذا المعترَك تبرز (سلطنة عُمان) قيادةً وحكومةً وشعباً بدور أخوي صادق ورغبة في مساعدة الشعب اليمني والتخفيف من معاناته، ولأنها تفعل ما تفعل من أجل اليمن الأرض والإنسان، وتحرص على استقرار تخومها الجغرافي بحكم القرب وعلى خلفية قناعتها الثابتة أن استقرار جوارها فِعلٌ يخدم استقرارها، بعكس
رؤية بعض أشقاء الجوار الذين يؤمنون بأن استقرارهم مرهون بعدم استقرار اليمن، لذلك يحاول البعض (شيطنة الحراك المهري، وشيطنة دور السلطنة)، ويغضون أبصارهم عما يجري في الجزر اليمنية على يد الإمارات وأتباعها من (سقطرى) إلى جزيرتي (ميون وعبدالكوري)، وما تحاول الشقيقة الكبرى فرضه من معادلات جغرافية وسياسية، ليأتي الدور (التركي) الذي بدأت ملامحه تتشكل في حضرموت، وهو دور برز بعد سقوط نظام (دمشق) وما جرى قبله في لبنان، الأمر الذي جعل الصراع الجيوسياسي على الوطن العربي يأخذ أبعاداً خطيرة، الغائب فيها الفعل العربي المعبّر عن الأمن القومي العربي الذي نسفته انتهازية النظم العربية وضربت ببنوده عرض الحائط..!
يبقى (الحراك المهري) بكل ما يحمل من رؤى وأهداف، وما يعبّر من خلال دوره عن مواقف وطنية أصيلة، مواقف وإنْ كانت محصورة في النطاق المهري غير أنها تعكس الحاجة الوطنية الكلية لتبنّيها والأخذ بها، إنْ كان فعلاً هناك بقايا من الحريصين على المصلحة الوطنية وعلى أمن واستقرار اليمن..
إن ما تمارسه الإمارات باليمن شيء مرعب ومخيف وكفيل بتدمير الهوية وتمزيق نسيجها الجغرافي بعد أن استباحت كل المحرمات في ظل صمت رسمي لـ"لشرعية" وانشطار ولاءاتها وولاءات مكوناتها بين أبو ظبي والرياض، وأخيراً (تركيا) وربما تبرز ولاءات أخرى في مكوناتها لعواصم أخرى عربية وإسلامية ودولية، من يدري، بعد أن أصبحت سياسة الاستقواء بالخارج ديدن وهوية فعاليات الداخل.
|