موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


ارتفاع حصيلة الشهداء فى غزة إلى 34596 - حادث مروع يقتل ويصيب 31 شخصاً في عمران - ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 34568 - غزة.. ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 90% - نائب رئيس المؤتمر يعزي القاضي شرف القليصي - في يوم عيدهم.. أوضاع صعبة يعيشها عمال اليمن - الاحتلال يحول مدارس غزة إلى قواعد عسكرية - هل تحوَّلت بلادنا إلى سوق مفتوحة للمبيدات الفتاكة؟! - معدلات إصابة اليمنيين بالسرطان في ارتفاع مُخيف !! - تحوَّلت من ظاهرة إلى مهنة.. "التسوُّل" آفة اجتماعية خطيرة تُقلِقُ المجتمع -
مقالات
الأربعاء, 23-يوليو-2008
الميثاق نت -   د. طارق المنصوب -
على العكس مما قد يعتقده كثير منا، لا يعد العنف سمة لصيقة بثقافة أو بحضارة دون غيرها، كما أنه ليس سلوكاً مرتبطاً بمجتمع دون غيره أو بشعب معين دون سواه، مما اعتاد العامة والخاصة في مجتمعنا على تداوله أو التمثيل به في جلساتهم وأحاديثهم الخاصة، عبر الإشارة إلى هذا المجتمع أو ذاك ...،

لماذا .. ؟! لأن العنف ظاهرة اجتماعية عرفتها كافة المجتمعات البشرية عبر العصور والحقب التاريخية الماضية والحديثة والمعاصرة، وتكفي قراءة واحدة للمؤلفات والكتب التاريخية وسير الأمم التي سجلت أحداث الصراع والعنف السياسي في المجتمعات البشرية لمعرفة حجم العنف البشري الذي دمر حضارات وأباد أمماً وشعوباً وأفنى ثقافات ودولاً وممالكاً لا حصر لها مما سجلته كتب التاريخ. وفي الوقت الحاضر لازالت كثير من المجتمعات البشرية تعاني من هذه الظاهرة بدرجات مختلفة، وبصور وأشكال متعددة. ويكمن الاختلاف بين المجتمعات في تباين الأسباب المفضية إلى تنامي ظاهرة العنف، وفي مدى تطوير المؤسسات والآليات والأساليب الفعالة للتعامل معها، بحيث يتم تقليص حجمها وتقليل مخاطرها والوقاية من شرورها.

لقد تعددت المعاني والدلالات التي استخدمت للدلالة على مفردة العنف مما يصعب حصره وتناوله في هذا الحيز المتاح، وبرزت لها مظاهر وأبعاد كثيرة لا يكاد يتسع لها سفر أو كتاب مهما بلغ حجمه. وفي هذا الصدد، يرى (حسنين توفيق إبراهيم) في كتابه (ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية) أن العنف ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و النفسية. وأنه ظاهرة عامة تعرفها كافة المجتمعات البشرية ولو بدرجات متفاوتة، وبصور وأشكال متعددة ، ولأسباب متداخلة ومتنوعة، تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات والمراحل التاريخية. وهو ما يستدعي البحث في معنى العنف، وبيان أنواعه ليتضح للقارئ الكريم سبل التعامل معه.

بداية نشير إلى أن كلمة عنف تستخدم في مجالات مختلفة، وعلى عدة مستويات متباينة، ومن هنا منبع الصعوبة في تحديد المقصود بهذه الكلمة، ومصدر التعدد في معانيها؛ حيث نجد العنف في لسان العرب (لابن منظور) من عَنَفَ: العُنْف الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به، وهو ضد الرفق. وفي الحديث عن عائشة (رضي الله عنها)، زَوْجِ النَّبِيِّ أن رسول الله r قال: «يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق. ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. وما لا يعطي على سواه»؛ والعنفٌ بالضم يعني الشدة والمَشَقّة، وكلُّ ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشرّ مثله. والعَنِفُ والعَنِيفُ: المُعتَنِف؛ قال: شَدَدْت عليه الوَطْء لا مُتظالِعاً، ولا عَنِفاً، حتى يَتِمَّ جُبُورُها. كما تستعمل الكلمة بمعنى الإكراه؛ والعنفوان بمعنى الشباب والقوة الخ، كما في الصحاح في اللغة للجوهري. ويأتي صاحب تاج العروس بنفس الدلالات، مستشهدا بالجوهري وغيره، ويزيد عليها الشدة و"العنفة"، واعتناف الأمر بإنكاره، وتستخدم أيضا كلمة "حرب" وجميع المفردات التي تفيد الخصام والشجار والعنف.

وتعود كلمة العنف (Violence) في اللغة الانجليزية إلى كلمة (Violentia) في اللاتينية وهي تعني: الغلظة والقسوة الشديدة، وتتضمن معاني العقاب والاغتصاب (بمعنى أخذ الشيء بقوة وبعنف وبدون موافقة الطرف الآخر، ويدخل فيه الاعتداء على العرض باستعمال وسائل العنف)، والتدخل في حريات الآخرين. وهي مشتقة من (Vis) أي القوة الفيزيائية، أو كمية وفرة شيء ما، وهي معنى على صلة بلفظة (bia) اليونانية التي تعني القوة الحية.

ويحدد الباحث الأردني (محمود خوالدة) للعنف عدة معاني، الأول: يربط العنف بالحرية، فيرى أن العنف هو كل مبادرة تتدخل بصورة خطرة في حرية الآخر، وتحاول أن تحرمه حرية التفكير والرأي والتقدير؛ الثاني: يمكن يربط العنف بكل أذى (مادي أو معنوي) يلحق بالأشخاص أو الهيئات أو الممتلكات. وقد يكون العنف الممارس بأهداف مختلفة، فقد يمارس بهدف الجريمة، أو بهدف تحقيق مكاسب سياسية سواء في إطار العلاقات الدولية أم في إطار العلاقة بين القوى المتنافسة في المجتمع الواحد، أم في إطار العلاقة بين النظام السياسي والقوى المجتمعية في المجتمع الواحد. ويصنف - نفس الباحث في موضع آخر - التعريفات التي تناولت تعريف مفهوم العنف في اتجاهين أساسيين: الاتجاه الأول: ينظر للعنف بوصفه الاستخدام الفعلي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص والإتلاف بالممتلكات؛ وهذا النوع من أنواع العنف يسهل التعامل معه نسبياً، بتوفير وسائل الأمن المختلفة. والاتجاه الثاني: ينظر للعنف بوصفه تعبيراً عن أوضاع بنيوية، أي مجموعة من المقومات والسمات في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، ولذلك يطلقون عليه اسم العنف البنيوي. وهذا أصعب أنواع العنف من حيث القدرة على التعامل معه، لأنه يتطلب التعامل مع الأسباب ذاتها التي تؤدي إلى تفشي مظاهر العنف البنيوي.

من جهة ثانية، ينقسم العنف - كفعل أو رد فعل - إلى عدة أنواع، تبعاً لعدة معايير أهمها: (أ) من حيث الجهة التي تمارسه: ينقسم العنف إلى: العنف الرسمي: وهو العنف الذي تمارسه السلطة في الإطار الرسمي المشروع، أي الإطار الذي يحدده الدستور والقانون. والعنف الشعبي أو العنف المضاد: أي الذي تمارسه الأطراف المعارضة في علاقتها مع السلطة، وهو يمارس في الغالب خارج إطار القوانين المعمول بها في البلد.

(ب) من حيث صور العنف: يتخذ العنف عدة صور منها: العنف المادي، وهو أوضح أنواع العنف وأكثرها ممارسة، وقد يمارس عن طريق أدوات العنف كالبوليس والجيش ومؤسسات العقاب المختلفة، أو عن طريق "الثورات الشعبية" أو الانقلابات والتفجيرات والاختطافات. والعنف الرمزي الذي يمارس داخل مؤسسات التربية أو من خلال الخطاب السياسي بما في ذلك المؤسسات الإعلامية والتي أطلق عليها المفكر الإيطالي«غرامشي» العنف الأيديولوجي، وهذا النوع الأخير يمكن أن تمارسه جميع الأطراف المتواجدة في المجتمع رسمية كانت أم غير رسمية. كما أن هناك العديد من صور العنف الأخرى التي قد يمارسها الأفراد فيما بينهم مثل: العنف الأسري، وبخاصة العنف الممارس ضد المرأة والطفل، والعنف الفردي، والعنف الجماعي، والعنف الطائفي أو الفئوي... وغيرها. وربما يتساءل القارئ، مع وجود كل هذه الأنواع هل يكون من الصعب على المرء أن يتجنب مظاهر العنف في حياته وفي تعاملاته اليومية، سواء أكان عنفاً مادياً أم رمزياً؟ وهل يمكن فعلاً أن يعيش بعيداً عن كل مظاهر العنف؟ أترك لكم حرية تقدير الإجابة.

ختاماً يمكن الإشارة إلى أن العنف - أياً كان مصدره أو طبيعته أو الجهة التي تمارسه- يخلق مناخاً من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، يشل معظم طاقات المجتمع وقدراته، ويعرقل مسيرته نحو تحقيق أهدافه في التنمية، ويعيق عملية الإصلاح على مختلف الأصعدة والمستويات، ولنا في تجاربنا وتجارب كثير من المجتمعات العربية والإسلامية وغيرها دروس حافلة بالعبرة والعظة. ولا يعقل أن لا نستفيد من تجاربنا الماضية ومن تجارب الآخرين، وأن لا نتعلم من إخفاقات الشعوب الأخرى وانكساراتها. ولذا يجب علينا جميعاً الدعوة إلى نبذ كل مظاهر وصور العنف التي نمارسها أفراداً وجماعات في حياتنا وداخل بيوتنا، ولنترفق بأنفسنا وبالآخرين ولنكن عونا لأمتنا، ولنعمل جميعاً من أجل إفشاء ثقافة التسامح والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد صوناً لوحدة وطننا ومجتمعنا.
- جامعة إب


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*

"الكوتشينا".. على الطريقة الإيرانية..!!
د. عبدالوهاب الروحاني

أبوراس.. موقف مشرّف مع القضية الفلسطينية
سعيد مسعود عوض الجريري*

" غَزَّة ".. كاشفة
أحمد الزبيري

حتى لا يصبح بلد الحكمة منسياً وفاشلاً.. “دعوة للحوار والسلام”
عبدالله الصعفاني

حب الوطن أغلى من المال
عبد السلام الدباء

ماذا تفعل البحرية الهندية في البحر الأحمر؟
منذر سليمان

دولة العدل والمساواة
علي القحوم

عنتر أبو "الجَلَن" !!
عبدالرحمن بجاش

اليمن على مدار السرطان!!
علي أحمد مثنى

إمبراطورية المصادفة والإدمان الإمبريالي
مازن النجار*

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)