علي عمر الصيعري - أجمع كبار رجالات الصحافة والإعلام وفي مقدمتهم امبراطور الصحافة «روبرت مردوخ» على استنتاج يقول: «إن الصحف هي الوسيلة الإعلامية الأكثر نفوذاً في صياغة الخطاب العام، حتى في قرن الإعلام الجديد هذا» «نيوزويك ـ العدد 411 ـ 6 مايو 2008م».
ومع اتفاقنا على أهمية الدور الذي تلعبه الصحف في صياغة الخطاب العام، فإننا نرى أن هذه الصياغة ينبغي أن تولي اهتمامات أولاً بتحفيز المجتمع وتفجير طاقاته الإبداعية الكامنة، وتعزيز قناعات المواطن بولائه للدولة والدستور والقانون، وتحديداً في ما يلامس هيبة الدولة واضطلاعها بمسئولياتها الوطنية والدستورية والقانونية لفرض سلطة النظام والقانون.
إن ما أشرنا إليه آنفاً هو في نظري القاسم المشترك عند صياغة الخطاب العام وتجتمع عليه كل الصحف رسمية كانت أو حزبية أو أهلية مستقلة، بغض النظر عن اختلاف الصحف الحزبية المعارضة والمستقلة في نظرتها وتعاملها مع الحزب الحاكم أو النظام السياسي القائم.
لأن هذا القاسم المشترك يربطها والصحافة الرسمية وصحافة الحزب الحاكم بالوطن أساساً لا سيما في ما يتعرض له من مخاطر محدقة بوحدته وسيادته سواء من الداخل أم الخارج، وهذه مسئولية وطنية كبيرة تناط بجميع الصحف على مختلف انتماءاتها واتجاهاتها.
إلا أنه للأسف الشديد نرى أن بعض الصحف الأهلية الأسبوعية المستقلة تعمل بعكس مسئوليتها تجاه هذا الوطن عندما تمارس مهمتها في صياغة الخطاب العام لا سيما في الظروف الاستثنائية مثل تمرد «الحوثي» ومعاودته للاستفزاز والتحرش بالدولة، ومثل محاولات تنظيم القاعدة لتعكير صفو أمن وأمان الوطن.
فعلى سبيل المثال إنه في الوقت الذي تسعى فيه جاهدة الصحف الرسمية وبعض الصحف الحزبية والأهلية المسئولة إلى تحجيم الدور الذي يتوهمه الحوثي ومحاولة احتواء مغامرته الطائشة بتذكيره أن ما أقدم عليه إنما هو فتنة وخروج على الدولة والنظام والقانون؛ تطلع علينا صحيفة أسبوعية مؤخراً بمقال رئيس يحمل «مانشيت» يقول: «صعدة تحت السيطرة.. زعيم الحوثيين يجوب شوارع صعدة بموكب من 70 سيارة» وغير ذلك من العناوين التي لا تحتاج إلى تفكير في معرفة دلالاتها.. وصحيفة أسبوعية أخرى تزف لنا في رأس صفحتها الأولى «بشارة» من تنظيم القاعدة تقول:
«مسؤول قاعدي: الوساطة مع السلطة توقفت، ومحافظات على وشك السقوط»!!.. بالله عليكم.. هل مثل هذه الصحف تبدو لكم من الوهلة الأولى أنها صادرة في اليمن؟!.
سؤال أترك الإجابة عنه لكم قبل أن تجيب عنه نقابة الصحافيين أولاً ومن ثم وزارة الإعلام.. مع التذكير أن فحوى المقالة الأولى والخبر الثاني لا يمتّان بصلة لما يعرف عنه في مهنية الصحافة بـ «التحذير من خطر قادم» لكونه ـ أي الفحوى ـ يصب في مجرى الترويج الإعلامي لقوة مقدرة المتمرد الحوثي في ذلكم المقال، كما يصب في مجرى التخويف والبلبلة في ذلكم الخبر.
وبئست صياغة للخطاب العام مثل هذه.
نقلا عن صحيفة الجمهورية
|