ناصر العطار -
تعود الرأي العام سماع إعلام المشترك المعادي لمؤسسات الدولة وقيادتها بشكل عام وللأحزاب بشكل خاص إضافة الى استغلال أي ظرف اقتصادي أو غيره تمر به البلاد للترويج لذلك النشاط الاعلامي، إلا ان ما يُستغرب له وما لم يكن متوقعاً أن تمتد الانشطة الاعلامية للترويج لثقافة انتخابية وديمقراطية وفقاً لآليات ووسائل جديدة ومتنافية مع جميع الاعراف والسلوكيات الديمقراطية والترويج لها ونشرها بمزاعم من شأنها النيل من سمعة المجتمع اليمني ومكانته الضاربة في جذور التاريخ لما عُرف عنه بأنه منبع الحضارات الإنسانية وأنه مجتمع شوروي منذ الحضارات القديمة وشاهد ذلك قوله تعالى على لسان الملكة بلقيس : "قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون" صدق الله العظيم، وشواهد التاريخ مليئة والتي دللت أنه ومازال شعب عربي أصيل موحد العقيدة والهوية وأنه يعتمد على العقل والمنطق والتدبر في التعامل إزاء مختلف الظروف والأوضاع التي يمر بها ولن نقول بأكثر ما قال عنه رسول البشرية وخاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم : "الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية"، وقوله: "جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة" صدق رسول الله.. كما أن الانسان اليمني قد ساهم في تشييد الحضارات الانسانية ونشر الرسالة الاسلامية ولم يحصل على مرّ العصور أن أثيرت نزاعات طائفية أو عرقية بين أبنائه في الداخل أو فيما بينهم والغير، بل لقد أبدى تعاملاً منقطع النظير في القضاء على النظام الإمامي المستبد في شمال الوطن ودحر الاستعمار البريطاني في جنوبه، بتفجير ثورتي 26سبتمبر 1962م و 14 اكتوبر 1963م، وكذا تعامله إزاء الانقسامات والصراعات التي نشبت في صفوف قيادات الحزب الاشتراكي قبل الوحدة وأعمال التمرد التي نفذها في صيف 94م، وغيرها من اعمال والتي تُنفذ بأيادٍ مأجورة بتمويل وتخطيط خارجي فلم يحدث أي نزاع ناتج عن أعمال التمرد أو الانقسام الحزبي رغم ما خلفته من النزوح لمئات الآلاف من منطقة أو محافظة لأخرى.
إننا بما تناولناه قد قصدنا به التذكير لقول الله سبحانه وتعالى: "فذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" صدق الله العظيم، وذلك لكافة رموز وقادات العمل السياسي والحزبي وفي مقدمتهم قيادات أحزاب اللقاء المشترك بأن يتعاملوا مع قضايا ومصالح الشعب اليمني بما تمليه عليهم واجباتهم وضمائرهم الدينية والوطنية والحزبية والاجتماعية، فلا يجوز أن تمتد أعمال التنافس الحزبي الى طرح مزاعم من شأنها الإساءة لليمن أرضاً وإنساناً والترويج لها داخلياً وخارجياً ومن ذلك ما يُطرح للمنظمات المهتمة والراعية للشؤون الديمقراطية (المعهد الامريكي NDI والبعثة الأوروبية وغيرها)، فمن يتابع ما يُنشر إعلامياً يتبادر الى ذهنه أن اللقاء المشترك مكلف بالتحدث باسم او نيابةً عن تلك المنظمات.
و كذا لا يجوز ديناً وعُرفاً أن يروج لثقافة الكراهية والمناطقية وعدم الايمان بالرأي والرأي الآخر وحق الشعب في حكم نفسه بنفسه عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة لاختيار ممثليه في السلطة التشريعية (مجلس النواب) وعن طريق الانتخابات في موعدها المحدد 27 ابريل 2009م.
إن أصداء الأصوات والتجاذبات قد امتدت لتتجاوز مجتمع المدينة لتصل الى المجتمع الريفي البريء والطيب والذي هو بحاجة الى تنمية وعيه الثقافي باعتبار أن الاعمال الانتخابية تنفذ بشكل موسمي ومازالت حديثة التجربة.. إضافة الى أن المجتمع الريفي بحاجة الى تنمية ثقافته التي من شأنها إزالة ما تبقى من آثار الجهل والحرمان التي خلفها النظام الإمامي البائد والنظام الشمولي.
ولابد لنا أن ننوه الى الثقافة التي تولدت لدى عامة الناس والتي مفادها عدم الاحتكام للديمقراطية القائمة على الانتخابات وفرض واقع او ثقافة اخرى قائمة على فكرة مقاطعة الانتخابات والخروج للشارع.. ومَن يحاول أن يتعرف على أهداف ومسببات هذا النهج سيجد ظاهرة مختلفة من منطقة لأخرى، فمن خلال تبادل النقاشات وطرح التساؤلات مع بعض من تأثروا بهذا النهج والمتمثلة في التساؤلات الآتية:
- لماذا مقاطعة الانتخابات، هل لأنها تجري بعيدة عن المرشحين أو مندوبيهم بالرقابة المباشرة؟.. وهل الانتخابات لا تتم بممارسة حقوق الترشيح والاقتراع لجميع المواطنين بالتساوي؟
- لماذا اللجوء الى خيارات وبدائل أخرى غير التعددية الحزبية أحد وأهم أركان النظام السياسي، وذلك بالترويج لإنشاء تجمعات تحت مسمى اللجنة العليا للتشاور الوطني وغيرها من المسميات.. هل أخفقت الأحزاب والتنظيمات السياسية في دورها الوطني لتمثيل المواطنين سياسياً؟
- ولماذا الى جانب انتهاج مقاطعة الانتخابات تكرس ثقافة وأفكار الخروج للشارع؟ هل هذا يعني إنكار الديمقراطية وعدم الإيمان بحق الشعب في ممارسة حقه في المقاطعة او المشاركة في الانتخابات وأينما تحققت الأغلبية نفذت نتائجها؟
- وما المطالب للتغلب على هذه المعضلات؟ وهل هناك أسانيد تم الاقتباس منها لممارسة هذا النشاط؟
- ما الخيارات المطروحة كبدائل للديمقراطية على الانتخابات.. هل هي خيارات العرف العشائري كما هو مسمى اللجنة العليا للتشاور الوطني بزعامة الشيخ حميد الأحمر؟.. أم ولاية أبناء البطنين المعلنة من بعض كهوف صعدة أو انتهاج المناطقية والسلالية كما يسمى حراك الجنوب او الشرق.. وغيرها..؟
والحقيقة الظاهرة هي ما يطرح من أجوبة من منطقة لأخرى وما تتناوله وسائل إعلام المشترك والإعلام المساند له، أما الحقيقة القائمة فهي في بطن المروجين لتلك الأفكار والثقافة.
رئيس دائرة الشؤون القانونية