طــه العامري -
تحديات كبيرة وخطيرة تواجهنا دولة ونظاماً وسلطة وحكومة وشعباً.. هذه التحديات تحمل من المخاطر ما لا قوة لنا بها.. ان لم نغلب منطق الحكمة والحوار والتفاهم، لأن كل المؤشرات والمعطيات تدلنا الى هاوية سحيقة ان لم نفرمل مسارنا ونقف وقفة جادة مع انفسنا ومع بعضنا بحيث لا يدفعنا “التيه” الى هذه الهاوية بصورة طوعية نفقد عندها كل قدرة وامكانية على فرملة قطار الفوضى الذي يبدو أنه يتجه للعصف بكل شيء ويسحق كل ما يواجهه.
لقد بات من الصعوبة بمكان تجاهل حالة القلاقل والانفلات الأمني وعدم احترام النظام والقانون، وهذه الصور من التجاوزات ان لم تتصدَ لها أجهزة الدولة ومؤسساتها وتغلب من خلالها المصلحة الوطنية فإن كل ما نظن أننا قد حققناه وتوصلنا إليه سينتهي.. لقد تزايدت الظواهر السلبية والانفلات الذي يوماً بعد يوم يضاعف من همومنا ويضعنا أمام استحقاقات جديدة ومضاعفة، وان كانت المجاميع “الارهابية” بما تقوم به من ممارسات خاطئة وتخدم من خلالها بعض الجهات الخارجية المعادية للوطن واستقراره، فإن هذه المجاميع لا تختلف عن تلك المجاميع الأخرى الناشطة في مجال بث ثقافة الفرقة ونشر المفاهيم “العنصرية” القاصرة، وهما معاً لا يختلفون عن أولئك الذي حملوا “السلاح” في وجه الدولة والنظام والوطن والشعب، وهؤلاء وأولئك لا يختلفون بدورهم عن أولئك الذين يمارسون “الفساد” بكل صوره المالية والادارية والسياسية وهذا الفساد الأخير تتحمل بعض المكونات الحزبية المسئولية الكاملة عنه كما هي مسئولة بطريقة مباشرة وبنسبة لا بأس بها عن صور الفساد الأخرى التي تعمل على ارباك الدولة ومؤسساتها وتحول بينهما وبين تطبيق النظام العام.
بيد أن الجدل الحزبي القائم حول العملية الانتخابية هو في الأخير جدل عقيم ولا جدوى منه غير ارباك المشهد السياسي وارباك المشهد الوطني بكل جوانبه، وعليه فإن الكل مطالب بالعودة للحضن الوطني ومراعاة الظروف الوطنية والمتغيرات الاقليمية والدولية وربط كل هذه المتغيرات بالمستقبل الوطني والحاجة الوطنية للسكينة والاستقرار والتفرغ لما يفيد الوطن ويخدم مواطنيه ويكفل لنا مواجهات التحديات الحضارية.. وعلينا هنا أن ندرك ان هذا التسامح والتودد الذي تبديه القيادة السياسية الوطنية لا يعني العجز عن مواجهة كل هذه الظواهر السلبية، لكن للقيادة حساباتها وحكمتها ورؤيتها في ادارة الاحداث والظواهر، وعليه ليس منطقياً أن يستغل البعض هذا التسامح لمزيد من التشويه والارباك للمسار.. فهل نتعظ ونتوقف عن صناعة الأزمات وخلق كل ما من شأنه ارباك المسار الوطني برمته؟