عبدالعزيز الهياجم -
إذا كان التستر على المجرم جريمة فإن غض الطرف عن الإرهابي هو إرهاب، وكل مداراة أو سكوت أو دفن للرؤوس في الرمال تجاه أي عمل غير دستوري وغير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني هو عمل غير دستوري وغير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني.
الأسبوع الماضي كان حديث فخامة رئيس الجمهورية في محافظة مارب خلال لقائه وجهاء ومشائخ والشخصيات الاجتماعية في محافظات مارب وشبوة والجوف قوياً وساخناً وحاسماً ولاقى اهتماماً محلياً وعربياً ودولياً لكونه أعلن حرباً بلا هوادة على كل أعمال التخريب والإرهاب والعنف ولامس الجرح العميق حين حذر من أي تواطؤ أو سكوت أو غض طرف عن مرتكبي الأعمال الإرهابية والتخريبية الذين أضروا بالوطن كثيراً وألحقوا خسائر فادحة بالاقتصاد الوطني وعملية التنمية.
والمتأمل للمسيرة الوطنية منذ قيام الوحدة المباركة يلمس حجم الكارثة التي لحقت باليمن جراء الأعمال الإرهابية التي وجهت ضربات قوية للوطن ومصالحه العليا وكانت في الغالب تنطلق من أماكن سهل عليها التمترس فيها وتغاضي البعض إزاءها مما صعب من مهمة تعقب هذه العناصر والمجاميع التي تتخذ من الدين ستاراً لأعمالها التي لا شك تعد فساداً وتستحق الحرابة كما وصف ذلك القرآن الكريم.
وهذه العناصر التي سعت إلى أن تجعل من المحافظات الثلاث بعبعاً للقلاقل ومحوراً لأعمال شر وفتنة هي ألد أعداء مواطني هذه المحافظات كونها بأعمال العنف والإرهاب التي ارتكبتها حرمتهم من الكثير من المشاريع التنموية والخدمية والاستثمارية ومن ثروة ومداخيل سياحية لا تقدر بثمن.
ولا أحد يجهل أن هذه المحافظات الثلاث وخصوصاً محافظة مأرب تعد عنواناً لتاريخ وتراث وآثار حضارة إنسانية عريقة يهفو إليها السياح من أصقاع الأرض ولا يحول بينها وبين قدوم الزائرين إليها إلا تلك الأعمال الإرهابية التي أعاقت أو جعلت الكثيرين يصرفون النظر عن المجيء إليها.
وبالتالي فإننا نتساءل هل أن مثل هذه الحالة تصب في صالح أبناء هذه المناطق اليمنية السياحية والتاريخية والأثرية أم أنها تخدم مصالح غير وطنية ولا يروق لها أن تزدهر اليمن استثمارياً وسياحياً خصوصاً وأن لا أحد يختلف على أن مقومات الاستثمارات والنهضة التنموية والازدهار السياحي في بلادنا لا تضاهيها مقومات في بلدان أخرى، ولا ينتقص مما لدينا من مميزات سوى حالة الأمن والاستقرار التي عطلتها الأعمال الإرهابية والتخريبية.
وإذا كان البعض كما أشار فخامة رئيس الجمهورية قد تواطأ وتساهل وسكت وتستر على أولئك ربما من أجل حفنة من الأموال المدنسة فإن ذلك على ما اعتقد يعود إلى حالة جهل وعدم وعي وإدراك بأن الفوائد والمصالح التي ستعود عليهم وعلى الجميع في ظل حالة الأمن والاستقرار أكبر بكثير من حفنة أموال غير مشروعة مقابل السكوت عن أعمال غير مشروعة.
وبالتالي فإن دعوتنا لأن يضطلع الجميع بمسئولياتهم تجاه محاربة كل أعمال وكل عناصر الإرهاب والعنف وملاحقتهم وكشفهم لينالوا جزاءهم الرادع ليس فقط خطاب ينطلق من مضامين أن ذلك عملاً وطنياً ودينياً وأخلاقياً وإنما ينطلق من مصالح ستحقق للجميع أكانوا مواطنين أو وجاهات وشخصيات اجتماعية في هذه المحافظات أو غيرها من محافظات الوطن.
وفي اعتقادي أن خطاب الرئيس وما شدد عليه بشأن الحرب على كل الأعمال والعناصر الخارجة على الدستور والقانون ينبغي أن يكون توجهاً تأخذ به كافة القوى الوطنية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والفكرية من أجل رفع مستوى الوعي الوطني بخطورة السكوت أو التراخي أو التهاون على هكذا أعمال وهكذا عناصر ضالة ومغرر بها تسيء إلى الدين وإلى قيمنا الأخلاقية والقبلية والإنسانية وتضر بمصالحنا الوطنية والاقتصادية والاستثمارية والسياحية وتحول بين توفير مئات الآلاف من فرص العمل التي تستوعب البطالة وتخفض من نسبة الفقر وتهيئ بلادنا للغد الأفضل والمستقبل الواعد.
[email protected].