علي عمر الصيعري -
يقول أحد المفكرين السياسيين الذي لا يحضرني اسمه، في معرض إجابته عن السؤال القائل: بمَ يتأثر الناخب؟!، يقول: »إن مجموع الناخبين في أي بلد لا يذهبون الى صناديق الاقتراع تحت تأثير الدعاية الانتخابية وبرنامج المرشح، ولكنهم يذهبون الى صناديق الاقتراع تحت تأثير حالة نفسية وذهنية معينة، كوَّنتها لهم مجموعة من الاعتبارات والحقائق المحيطة بهم، وكذا الآمال والمخاوف التي تساورهم«.
تفسيراً لذلك يشير علم الاجتماع السياسي في تعريفه لمفهوم »مجموعة الاعتبارات والحقائق« المحيطة بالانسان، وتحديداً الناخب الى ما يسمى بـ»التراكمات« النفسية التي تولدها حزمة من المعايشة للشخصيات السياسية والمجتمعية المرشحة في مجتمع الناخب.. فكلما طال أمد معايشته - أي الناخب - لها كلما اتسع نطاق ومدى هذه »التراكمات« في نفسيته وذهنيته، وترسخت لديه حزمة من الاطمئنان والإعجاب بهذه الشخصية المرشحة.
وتتكون مصادر ذلك في الغالب من المواقف الايجابية التي لمسها الناخب في تلك الشخصية، وتأثيراتها فيما يتعلق بحياته المعيشية والاقتصادية، والاجتماعية وبأمنه واستقراره.
كما يشير علم الاجتماع السياسي الى أن مجموعة المخاوف والآمال التي تساور الناخب لحظة توجهه الى صناديق الاقتراع تتدخل في خياراته وتكون عادةً ذات مصدرين هما:
المصدر الأول ويطلق عليه »مصدر الفعل الايجابي« المأمول لدى الناخب في المرشح، يقابله الشعور الباعث على القلق في حال إخفاق مرشحه في تحقيق آماله مستقبلاً، وفي هذا الحال يلعب عامل »التراكمات« الذي تولده الاختيارات والمعايشة المجتمعية لهذه الشخصية، المرشحة في نفسيته بحكم ما يصطلح عليه بـ»التجربة خير برهان« فيدفعه ذلك الى حزم أمره والتصويت لصالحها.
أما المصدر الثاني فيطلق عليه »مصدر الفعل السلبي« وتولده في نفسيته الشخصية المرشحة لأول مرة او الجديدة عليه ولم يمارسها او يعايشها من قبل، فيدفعه الى التردد والإحجام عن إعطائها صوته بحكم غياب تأثير عامل »التراكمات«، ولا يلتفت عادةً الى ما يُعرض عليه من أفكار وآراء ومرجعيات لمختلف النظريات السياسية والاجتماعية أثناء الدعاية الانتخابية للمرشحين مهما بلغ مستواها وعظمت مقدرتها على التأثير عليه.. فأحسنوا وفقكم الله اختيار مرشحيكم؟