د/ علي مطهر العثربي - < لا أبالغ إن قلت إن صاحبة الجلالة (الصحافة) توازي قوات الدفاع الوطني، لأن دور الصحفي في دفاعه عن سيادة الوطن وقدسية الوحدة الوطنية لا يقل أهمية عن دور المقاتل الوطني في جبهة القتال، لأن الكلمة الحرة والوطنية التي يسطرها الصحفي والكاتب والأديب والشاعر تؤدي فعلها في صفوف العدو وتنال من معنوياته وتحد من فاعلية تخطيطه، وتربك وتشتت قدراته، والكلمة الامينة من صاحب قلم وطني شريف ترفع المعنويات في صفوف المقاتلين الوطنيين، وتجعلهم يدركون بأنهم ليسوا وحدهم في ساحة الفداء والدفاع عن كرامة الوطن وأمنه واستقراره وسلامة وحدته الوطنية.
إن الصحافة بالغة الأهمية لأنها وسيلة توعوية توصل رسالة الوطن الى كل الغيورين عليه في مختلف الميادين، وهنا أعول على رجالها الأوفياء النبلاء حملة الأقلام الوطنية النزيهة والشريفة.. هؤلاء الذين اختاروا لأنفسهم مهنة المتاعب لأن الملتزم بمهنية الصحافة وشرفها كالقابض على الجمر، لأنها تعتمد الصدق وتقول الحقيقة، وتغلب الصالح العام على المصالح الآنية الضيقة، وجعلت من حملة الأقلام وأصحاب الكلمة الوطنية النبيلة والنزيهة عظماء خلدوا أسماءهم في سجل التاريخ الوطني، فكم خلد التاريخ من أسماء حملة الأقلام وأصحاب الكلمة، واستعملت الكلمة خبراً وشعراً ونثراً في الدفاع عن كرامة الأمة وقدسية التراب الوطني.. ويأتي في طليعة أولئك النبلاء الشرفاء في الحركة الوطنية حملة الأقلام وأصحاب الكلمة الأمينة من كتّاب وصحفيين وشعراء وأدباء الذين دوت كلماتهم في فضاءات اليمن الكبير وأسمعت العالم بقداسة قضية وطنهم وحريته.
إن هؤلاء الشرفاء عاشوا على كفاف وماتوا على الكفاف ومازال البعض منهم يؤدي رسالته الوطنية بأمانة وإخلاص دون امتهان لشرف المهنة، أو إذلال لكرامته، هؤلاء الذين مازالوا يعيشون الكفاف وربوا أجيالاً يسيرون على نفس النهج ينبغي أن يكرموا وأن تلتفت الدولة اليهم بعين الرعاية، ولعل أبرز التفات اليهم -جميعاً- هو إنجاز التوصيف الوظيفي الذي يكفل لأصحاب الكلمة الامينة والشريفة وحملة الاقلام الوطنية العيش الشريف ليتمكنوا من مواصلة أدائهم لرسالتهم الوطنية في التصدي لكل من يحاول ان ينال من وحدة الوطن وسلامته وأمنه واستقراره، وليس غريباً أن أقول هذا الكلام لأنه من واقع المعاناة ، فأصحاب الكلمة وحملة الأقلام الوطنية يعانون أشد المعاناة، تراهم في شموخ وهم لا يملكون ثمن الحبر الذي يكتبون به ويوفرون من أقواتهم الضرورية لشراء لوازم المهنة، يتمنون أن تمتد يد الحكومة لانتشالهم من جور الفقر ويحلمون بأن يروا إنتاجهم الفكري والإبداعي يرى النور في حياتهم لا بعد مماتهم.
إن حملة الأقلام وأصحاب الكلمة وهم يسطّرون ملاحمهم الوطنية يعتقدون بأن هناك هيئات وطنية رسمية تتابع وتقيّم أداءهم، ومن ثم تعمل على تكريمهم وإنصافهم ووضعهم في المكانة المناسبة، غير أن الصدمة الكبرى أن يموت جيل بعد الآخر ولا يُرى أثر لتكريم أحد من تلك الأجيال، الأمر الذي يولد الإحباط ويخلق الوهن عند البعض منهم، أما أهل العزم منهم فإن إحباطات الحياة وتعقيداتها لا تزيدهم الا جسارة وإبداعاً وتألقاً، فهم يشقّون طريقهم بقوة العزيمة وصلابة الإرادة يتحدون صعوبات الحياة ويسطرون ملاحماً في غاية الأهمية، فلو تيسر للقارئ الكريم أن يتابع قصص حياة هؤلاء النبلاء عن قرب لوجد فيها أن الأسطورة حقيقية في حياتهم، وأن إيمانهم بسر الكلمة الصادقة الأمينة جعلتهم أبطالاً وعظماء قاوموا ظروف الحياة وتعقيداتها وعاشوا في شظف رغم أن النعيم بين أيديهم، رفضوا النعيم القائم على الزيف والكذب.. وأحبوا صدق الكلمة، لأن فيها شموخ العظماء وكبرياء النبلاء، فكانت الكلمة الأمينة هي سر عظمتهم وعنوان بطولاتهم وشرف كبريائهم، فهل يدرك الجميع سر الكلمة الصادقة ويتحراها؟ وإن رأى فيها الهلكة فإن فيها النجاة.. وهل تدرك الجهات المعنية أهمية انصافهم ومنحهم كافة الحقوق المادية؟ نأمل ذلك بإذن الله.
|