ســــالم باجميل - في الواقع أن مدينة عدن كانت ومازالت الحضن الدافئ لأبناء اليمن قاطبة، كما أنها كانت ومازالت بندر اليمن، والوفاء الحقيقي لـ»عدن« وأهلها الكرماء ينبغي أن يترجم بالاهتمام الواجب من قبل دولة الوحدة والديمقراطية بجعل عدن وأهلها في مقدمة المدن اليمنية طليعة للتطور والتقدم والأمن والتنمية.. وهذا هو ما يحرص عليه فخامة المناضل علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ويعمل على تجسيده بحب وتفانٍ منقطعي النظير في الوقت الراهن.
إن عدن بحق وحقيق مثلت بوتقة انصهار المدنية في الجزيرة وشرق أفريقيا وتخلق في أحشائها في مطلع الخمسينات من القرن العشرين الوعي الوطني اليمني العمالي والحزبي ولا يستطيع تجار السوء والمهربون أن يجعلوا منها ومن أهلها ملجأ لدعاة الجنوب الأدعياء.. وعدن بأرضها وسمائها وناسها كانت يمنية حتى في عهود الاستعمار البريطاني ونظام الإمامة المتخلف وما زالت وستظل هكذا يمنية حتى النخاع.
لم يستطع الاستعمار البريطاني ولا نظام السلاطين والمستوزرون ولا الحزب الاشتراكي من بعدهم أن يجعل من عدن مدينة غير يمنية أو جنوبية، ولا داعي في التجديف والتزييف في تاريخ عدن المعروف لدى أبنائها خاصة وأبناء اليمن عامة لأن عدن وأهلها غير قابلين للاستخدام السياسي الانتهازي من قبل بعض القبائل والسياسيين ومآربهم النفعية في الحياة العامة.. عجز الانجليز والسلاطين والمستوزرون منذ خمسينيات القرن الماضي أن يحولوا عدن إلى مجرد عاصمة لما يسمى اتحاد الجنوب العربي في محاولة منهم يائسة ليجعلوا من اليمن الواحد يمنين، و أحرقت لهب الثورة التي شنها الأحرار والثوار كافة المشاريع الاستعمارية الرجعية وأصبحت في تاريخ اليمن الحديث اثراً بعد عين.. ولا غرابة ولا عجب إذا ما عاود بعض أحفاد جنرالات الاستعمار وأعوانه الحنين وحاولوا عبثاً النفخ في رماد الماضي لإحيائه.
نعم كانت عدن وأبناؤها حاملين مشاعل النهضة والتنوير في اليمن والجزيرة وقدموا لأجيال الثورة مناهل ثقافة يمنية عربية وإنسانية أضاءت دياجير ظلمات الاستعمار والإقطاع بكل ما تحمل الكلمات الآنفة الذكر من معانٍ ودلالات، ولا يجوز توظيف دور عدن وأبناء عدن لحزب أو ناحية من نواحي اليمن قط.
فليس من العلم والتاريخ في شيء أن يلجأ زيد أو عمرو إلى استجداء عواطف أبناء عدن لسبب أو لآخر.. لأن أبناء عدن يعلمون أنهم وان كان لهم من المدنية والوعي ما يميزهم في تاريخ اليمن المعاصر إلا أنهم يدركون تمام الإدراك أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب اليمني وان عدن جزء لا يتجزأ أيضاً من الأرض اليمنية.
إن الإنسان اليمني الأصيل يعلم بما لا يدع مجالا للشك أن اليمن الجديد في الوقت الراهن لديه مشاكل اقتصادية واجتماعية تستوجب العمل والنضال والتضحيات الجسام حتى يتمكن من تجاوزها ووضع الحلول الملائمة لها.
اليمن الحديث سيمضى على طريق الحق والعدل صوب المستقبل إلى تعميق الوحدة الوطنية وتعزيز الديمقراطية رغم مشيئة الطائفيين المذهبيين والانفصاليين والسياسيين الانتهازيين من المتحزبين وغيرهم، ومن كل بد سيكون النصر في نهاية المطاف حليفه وسيخسر المراهنون على تفكيك حلقات وحدته الوطنية أو الذين يريدون اختطافه والعودة به إلى عهود الشمولية والاستبداد.. والوفاء لمدينة عدن لا يكون إلا بالموقف الوطني في الحياة أو الموت فداء له في الحياة.
|