الإثنين, 18-أكتوبر-2010
الميثاق نت -  الميثاق نت -
أثار مؤخراً بعض الكُتَّاب، الحديث عن أهداف الثورة اليمنية، وماذا تحقق منها وما لم يتحقق، إلا أن البعض حاول مصادرة تلك المكاسب والمنجزات العظيمة التي حققتها الثورة اليمنية، والخطوات الكبيرة التي قطعتها نحو بلوغ الغاية المثلى للثورة اليمنية، ترجمة لأهدافها الستة..
وفي سؤال استطلاعي لـ»الميثاق» طرحت هذا الموضوع على الكاتب العربي الكبير الأستاذ فاروق لقمان، باعتباره واحداً من المهتمين بالتوثيق للثورة اليمنية ومن المتابعين والمعاصرين لما كانت عليه اليمن قبل الثورة وما اصبحت عليه اليوم..؟!!
فكان رده على ذلك بالقول:


لا يمكن لأية ثورة أن تحقق كل أهدافها كاملة إذ أن ذلك من أماني القائمين عليها، والأمل دائماً وطيد بأن تحقق أية حركة ثورية جزءاً من أهدافها منذ الثورة الفرنسية الكبرى أو قبلها حتى اليوم.
الثورة اليمنية حققت وأنجزت الكثير لأن الوطن كان يفتقر إلى معظم مكوناته الحضارية من التعليم الابتدائي حتى الجامعي والفني كما أنه كان ولا يزال بحاجة إلى المزيد من الخدمات الصحية والمواصلات والطاقة وعشرات غيرها لسبب بسيط وهو أن يمن ما قبل الثورة كان يفتقر إلى كل ما يمكن تصوره لأن نظامي حكم ما قبل الثورة كانا يحظران ايجاد الخدمات الضرورية مهما كانت بدائية.. والذين عاشوا الوضع مثلي في الأسبوع الأول من الثورة 1962م كانت دهشتهم عظيمة للغاية إذ أنها كانت خالية من كل مظاهر التقدم الإنساني - من المدرسة الحديثة إلى المكتبة العامة.. فأية خدمة قدمتها الدولة بعد عام 1962م كانت تعتبر إنجازاً مهما كانت متواضعة بالرغم من اشتعال حرب ضروس لم تترك إلا النزر اليسير من الإمكانات المادية لبناء ما كان يجب القيام به.. ومازلت أذكر صنعاء العاصمة إبان الثورة والطريق إلى القصر «الجمهوري» الذي كان قد بُني قبل الثورة ثم تحول إلى مكتب لرئيس الدولة وحكومته حين كانت سياراتنا تنحشر في الأزقة المؤدية إليه لزيارة الرئيس.
ثم شاءت ظروف الغربة أن أنقطع عن العاصمة صنعاء وعن مدينة عدن بعد الوحدة وأعود لأرى ما يقترب من المعجزات بالنسبة لما كانتا عليه في الماضي- من المدارس إلى المستوصفات مهما كانت متواضعة.. المهم أنها صارت تمثل رموزاً للعهد الجديد.. كان الوطن يفتقر إلى كل شيء فماذا تغير؟.. كان الواجب أن تبني من العدم - من تعليم الحساب إلى توفير الأسبرين، ومن تعبيد بعض الطرقات إلى تشييد الفنادق، أما الجامعات فقد كانت حلماً جميلاً لا نجرؤ على تخيله.
الجواب إذاً نعم حققت الثورة الكثير إذ أنها واجهت واقعاً مخيفاً لم يكن أحد يتصوره، وإذا شرحت للأجيال الجديدة بالصوت والصورة ماذا كانت عليه البلد قبل 1962م لما صدقك أحد.
وبعد الحروب الأهلية والاضطرابات التي استمر بعضها حتى اليوم مع الأسف الشديد رغم جهود الدولة خصوصاً أثناء فترة الاستقرار التي سادت الوطن بعد تولي الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم، تحققت الوحدة الوطنية كأهم إنجاز عرفه الوطن حتى الآن.
وبذلك اتسع الوطن ليصبح جغرافياً أكبر «يمن» في التاريخ وكان يمكن منذ الوحدة أن يبلغ شأواً عظيماً ويعوض بعض خسائر الحروب الأهلية وربما يتمكن من القضاء على القات أو التقليل من استهلاكه ومضاره والمحافظة على الثروة المائية التي تتلاشى أمامنا بسرعة خطيرة تهدد الأمة بالموت الزؤام في العقود القادمة إلا بمعجزة حضارية وثروة مالية يصعب تقديرها حالياً.
لذلك أرى أن السؤال عن أهداف الثورة صعب للغاية لأن أية ثورة إصلاحية لا يمكن أن تحقق كل أهدافها ولو بعد ألف سنة لأن طموحات الشعب لا تتوقف عند حد بل يجب مواصلة كل الجهود بقدر الإمكان.. ممكن محاربة الفساد المريع وآفة القات والدخان، لكن من المحال القضاء على كل المنكرات لتوفير المال اللازم، بينما نحن نرى ثرواتنا القومية تنضب أمامنا، وما تبقى لنا يتبخر في الإنفاق على حروب أهلية بلا معنى ولا مغزى أو أمل وطيد في القضاء عليها تماماً.
أخطاء كثيرة أُرتكبت منذ أن وضعت الحرب الكبرى أوزارها عام 1972م وإصلاحات تمت لكن مشكلات عدة ظلت تشتعل بين الفينة والأخرى رغم الجهود الخيرة والمحاولات الطيبة التي قادها الرئيس علي عبدالله صالح.
الذين عرفوا اليمن منذ عام 1962م يقدرون للرئيس وبعض القائمين على الحكم حسن نواياهم وجهودهم في بناء الدولة الحديثة رغم تقديري للصعوبات الجمة والحروب الدامية التي أعرف أنها لن تزول بين يوم وليلة أو بين جيل وآخر.. لكن على الأقل يمكننا القول إن الثورة اليمنية حققت الكثير من الإصلاحات والإيجابيات لكن ليس هناك ثورة تزعم أن المشوار قد انتهى بعد مرور نصف قرن.. فإذا كانت الثورة الفرنسية لا تزال قائمة وأهلها يكافحون للمزيد من الإنجازات.. كيف يُقال إن ثورتنا قد حققت أهدافها كاملة؟ بعضها نعم.. والمشوار باقٍ بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 08:52 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-17897.htm