الإثنين, 13-ديسمبر-2010
الميثاق نت -  ‬فائز‮ ‬سالم‮ ‬بن‮ ‬عمرو -
من يقيم التجربة الديمقراطية والانتخابية للجمهورية اليمنية منذ انتخابات عام 1993م إلى العام الحالي واستعدادات الأحزاب والناخبين لخوض الانتخابات الجديدة سيجد هذه التجربة الحديثة مرت بصعود ونزول وتقدم وتأخر بمعنى لم تكن تجربة تبدأ من الصفر وتكبر وتنمو وتتطور‮ ‬بل‮ ‬كانت‮ ‬تتقدم‮ ‬ثم‮ ‬ما‮ ‬تلبث‮ ‬ان‮ ‬تتراجع‮ ‬وتتدهور‮.. ‬وهكذا‮ ‬تمضي‮ ‬التجربة‮ ‬الانتخابية‮ ‬في‮ ‬بلادنا،‮ ‬وهذا‮ ‬في‮ ‬نظري‮ ‬يعود‮ ‬لعدة‮ ‬مقومات‮ ‬وعوامل‮ ‬خارجية‮ ‬وداخلية‮ ‬وأهمها‮ ‬في‮ ‬نظري‮ ‬الآتي‮ :‬
1‮- ‬مشكلات‮ ‬دستورية
يعد دستور الجمهورية اليمنية في بدايته توافقياً وكان مترهلاً وضعيفاً ويحتاج للتطوير.. والنزاعات السياسية والعسكرية في حرب 1994م أضعفت الدستور، وكثيراً ما يتم القفز على نصوصه وقوانينه وتجاوزها نزوعاً نحو التوافق والحصول على إجماع حول القرارات الكبيرة ، وعلى الرغم من ان النصوص والقوانين المتعلقة بالانتخابات كانت واضحة وسليمة تقوم على المنافسة الحرة والنزيهة في الانتخابات وتعطي لجنة الانتخابات ولجانها المختلفة الإشراف على كل مراحل العملية الانتخابية وتحدد الناخبين وشروطهم وكذلك المرشحين وشروطهم، إلا ان المشكلة الحقيقية هي تضمين هذه القوانين في الدستور، والواجب ان يشير الدستور إلى الأصول أو الأفكار أو يحتوي مواداً ميثاقية عن الانتخابات تظل مكان احترام ولا يجوز تعديلها أو تجاوزها إلا بشروط مغلظة جداً ووفق توافق مجتمعي وسياسي، بينما التفصيلات الانتخابية والشروط وغيرها توضع في قانون الانتخابات الذي يجوز تغييره وتطويره وفق المصلحة الانتخابية والاجتماعية ، فتحميل هذه النصوص الانتخابية في الدستور مع شروطها وتفصيلاتها أضعف الدستور وجعله محط تغيير وتبديل كلما لاحت فترة انتخابية ، وهذه التغييرات الكثيرة وغير المبررة أحياناً‮ ‬مثل‮ ‬ان‮ ‬تمدد‮ ‬فترة‮ ‬انتخابية‮ ‬من‮ ‬أربع‮ ‬إلى‮ ‬ست‮ ‬سنوات‮ ‬ثم‮ ‬تعاد‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮ ‬إلى‮ ‬أربع‮ ‬سنوات‮ ‬أدى‮ ‬إلى‮ ‬إضعاف‮ ‬التجربة‮ ‬الانتخابية‮ ‬وقلل‮ ‬من‮ ‬مصداقيتها‮.‬
2‮- ‬قانون‮ ‬الانتخابات
أكثر التعديلات تمت على نصوص الدستور بينما قانون الانتخابات لم يتم تطويره وتحديثه بل شهد شبه جمود في المراحل الانتخابية السابقة ، فتوزيع المقاعد وتقسيم المناطق الانتخابية لم يوجد القانون آلية انتخابية لإجراء تعديلات على هذه المادة وظلت مادة غامضة ومغلقة، وإذا راجعنا القوانين الانتخابية في الدول العربية والغربية سنجد أن هناك ثلاث حالات لمراجعة التقسيمات الانتخابية وهي الفترة الزمنية أي بعد عشرة أو خمسة عشر عاماً أو نحو ذلك، يتم تقسيم دوائر ومراكز الانتخابات وفق التغييرات السكانية والجغرافية.. الحالة الثانية هي‮ ‬بعد‮ ‬كل‮ ‬مرحلة‮ ‬إحصاء‮ ‬سكانية‮ ‬وجغرافية‮ ‬تقوم‮ ‬الدول‮ ‬بإعادة‮ ‬تقسيم‮ ‬الدوائر‮ ‬والمناطق‮ ‬الانتخابية،‮ ‬والحالة‮ ‬الثالثة‮ ‬بعد‮ ‬كل‮ ‬فترة‮ ‬انتخابية‮ ‬تتم‮ ‬المراجعة‮.‬
عدم تعديل وتقسيم المناطق الانتخابية جعل الانتخابات روتينية ووسع الفجوة الانتخابية بحيث توجد مديرية عدد سكانها ثلاثة آلاف مواطن لها مرشح ومندوب، بينما مركز انتخابي يفوق تعداده خمسة عشر ألف مواطن ليس له مرشح على مستوى المديرية ما تسبب في انصراف كثير من المواطنين والمناطق عن ممارسة الحق الانتخابي ، وشهدت بعض الفترات تعديلات على قانون الانتخاب ولا سيما في انتخاب المحافظين والأمناء العامين حيث شهد هذا القانون تراجعاً مخيفاً للعمل الانتخابي والديمقراطي وشهد هذا القانون وتعديلاته مخالفات دستورية وقانونية وانتخابية أضعفت العمل الانتخابي مثل الاشتراط في مرشح المحافظة " المحافظ " الالتزام بإقامة الشرائع الإسلامية ، وهذه المادة تخالف نصوص الدستور التي تعطي المواطنة لكل يمني بغض النظر عن دينه ومعتقده ولا تشترط الإسلام إلا في منصب رئيس الجمهورية ، وكذلك أجازت هذه الانتخابات التزكية ففقدت العملية الانتخابية أهم شرط في الانتخابات وهو التنافس ونتج عن هذا التعديل الخطير وصول محافظين ذي كفاءة ضعيفة وليس لهم قدرة على إدارة العمل الإداري والسياسي لأنهم وصلوا بالتزكية وليس بالتنافس الانتخابي والحزبي .
من أهم وظائف الأحزاب في العصر الحديث عصر الديمقراطية والتنافس الحزبي والانتخابي، خوض الانتخابات والوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخاب وهي وظيفة ظاهرة بقوة في حزب المؤتمر الشعبي العام، بينما يعتمد كثير من الأحزاب على الأيديولوجيا والفكر في بقائه، وهذا من نظرة علمية حزبية قصور وخطأ لا يتناسب مع العمل الحزبي والسياسي بل كانت الايديولوجيا والفكر والاعتماد القوي عليهما شأن الجماعات السرية والتنظيمات الثورية والخلايا العسكرية، بينما في العصر الحديث ما يجمع الأحزاب بمناصريها المصالح الانتخابية والبرامج الحزبية المفصلة‮ ‬والعملية‮ ‬والتي‮ ‬تواجه‮ ‬الصعوبات‮ ‬المادية‮ ‬والسياسية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬وليس‮ ‬الاتكال‮ ‬على‮ ‬الفكر‮ ‬والايديولوجيا‮ ‬فقط‮ .‬
يستعد المؤتمر الشعبي العام لخوص الاستحقاق الانتخابي لانتخابات المجالس النيابية في ابريل 2011م ، ويواجه في هذه الانتخابات تحديات وعقبات لا بد ان يعالجها قبل إجرائها أو يضع لها خطة مدروسة ومزمنة لتطبيق هذه الإصلاحات وإعادة النظر في كثير من أفكاره ومواثيقه الداخلية‮ ‬منها‮ :‬
1ـ الاعتماد على الكيفية وعلى العناصر المدربة والكفؤة في قيادة العمل السياسي والحزبي ، فوظائف الأحزاب في أي مجتمع تكمن في شيئين : مدخلات ومخرجات من خلال اعتماد كوادر واستقطابها وتأهيلها وهي التي تتواصل مع الجمهور وتقوده وتوجه العمل الحزبي والسياسي والجماهيري‮ .‬
2ـ النظام الداخلي والهيكلة الحزبية للمؤتمر الشعبي العام موسعة جداً، واعتمد هياكل خيالية وغير موجودة وإن وجدت ليس لها فعالية وليس لها تغطيات مالية لتقوم بعملها ، فالانطلاق من الجماعة التنظيمية والانتقال إلى المركز ثم إلى الدائرة أو الفرع الحزبي في نظري خطأ ولا يتطابق مع الواقع والمعطيات الحزبية والعصرية لأن التنظيمات التي تعتمد على الخلايا والجماعات هي الجماعات السرية والعسكرية، بينما التنظيمات الكبرى التي لها تمثيل وحضور واضح تعتمد على كيان واضح وموجود مثل المراكز التنظيمية، ويوجد أيضاً في كل فرع للمؤتمر بالمحافظات ثمان دوائر ممثلة في الدائرة التنظيمية والرقابة والمرأة والخدمات والشباب والسياسية والتربية والإعلام ، إضافة إلى وجود هيئات إدارية وهيئات تنسيق في غالبيتها ليس لها وجود فعلي وواقعي ، فالأفضل دمج بعض هذه الدوائر والاقتصار على ثلاث دوائر ليكون لها وجود‮ ‬وتستطيع‮ ‬العمل‮ ‬والتواصل‮ .‬
3ـ عدم مراعاة النظام الداخلي للخصوصيات المحلية حيث يشترط في أي نظام داخلي أو ميثاق حزبي ان تكون له صيغة عمومية وينطبق على أكثر الحالات في البلاد، ولكن يجوز ان يعطي هذا القانون والنظام الداخلي ويراعي خصوصيات المناطق والمحافظات ، فمحافظة حضرموت محافظة كبيرة شاسعة ينبغي مراجعة التقسيم الانتخابي والحزبي فيها حيث دائماً ما تواجَه بضعف التواصل الحزبي والجماهيري في هذه الدائرة من قبل المؤتمر وقيادته ومرشح الدائرة لان الدائرة تشمل عدة مديريات متباعدة جغرافياً وسكانياً وثقافياً.
4ـ يجب تفعيل دائرة الشباب وتوسيع عملها وإعطاؤها الصلاحيات والإمكانات لتستقطب الشباب وتتواصل معهم لأنهم القوة الانتخابية القوية والفاعلة في كل مجتمع وهي شريحة مهملة ومهمشة حتى الآن ويتم الاهتمام بقضاياهم في فترة الانتخابات وبعدها يتم إهمالهم لضعف الإمكانات ولأن‮ ‬عدة‮ ‬دوائر‮ ‬تتنازع‮ ‬عمل‮ ‬الشباب‮ ‬منها‮ ‬دائرة‮ ‬الشباب‮ ‬ودائرة‮ ‬الخدمات‮ ‬واللجنة‮ ‬التربوية‮.{‬


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 27-ديسمبر-2024 الساعة: 05:57 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-18807.htm