الثلاثاء, 08-أغسطس-2006
تحقيق‮/ ‬جمال‮ ‬عبدالحميد -
‮ ‬فوجئ‮ ‬الناس‮ ‬خلال‮ ‬الأسابيع‮ ‬الماضية‮ ‬بسيل‮ ‬من‮ ‬الاشاعات‮ ‬المغرضة‮ ‬تقتحم‮ ‬المقايل‮ ‬والمجالس‮ ‬تقول‮ ‬إن‮ ‬الأسعار‮ ‬ارتفعت‮ ‬بل‮ ‬ستواصل‮ ‬ارتفاعها‮ ‬وأن‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬والسلع‮ ‬الأساسية‮ ‬ستختفي‮ ‬من‮ ‬الأسواق‮..‬
والأدهى من ذلك أن الأمر أخذ شكل الحملة الإعلامية خصوصاً مع تأكيد الصحف الصفراء لهذه الإشاعات المضللة، والتي يبدو الهدف من ورائها واضحاً وهو إثارة البلبلة في أوساط الناس قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية الوشيكة، وتحقيق أهداف سياسية من خلال التشكيك في جدوى السياسة الاقتصادية لحكومة المؤتمر، مع أن الواقع يقول غير ذلك..وزارة الصناعة والتجارة اتخذت جملة من الإجراءات الاحترازية وشكلت لجاناً للرقابة الميدانية على أسعار وأوزان السلع، والتأكد من سلامة الوضع التمويني بالتعاون مع أجهزة السلطة المحلية والأجهزة المعنية‮ ‬الأخرى‮..‬
وفي‮ ‬هذا‮ ‬التحقيق‮ ‬نسلط‮ ‬الضوء‮ ‬على‮ ‬حقيقة‮ ‬مايجري‮ ‬لتوضيح‮ ‬الصورة‮ ‬أمام‮ ‬الناس‮..‬



باشرني الأخ سالم المعمري- مدير عام التجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة- بالنفي المطلق عن أي ارتفاع في أسعار السلع الضرورية في السوق اليمنية حتى قبل أن أكمل سؤالي حول هذا الموضوع، وقال: للأسف ان الناس يتحدثون في المقايل والمجالس والأماكن العامة عن ارتفاع‮ ‬مفاجئ‮ ‬في‮ ‬جميع‮ ‬أسعار‮ ‬السلع‮ ‬دون‮ ‬أي‮ ‬دليل‮ ‬أو‮ ‬حتى‮ ‬اثبات‮ ‬حالة‮.. ‬اللهم‮ ‬ان‮ ‬دليلها‮ ‬الوحيد‮ ‬هو‮ ‬ما‮ ‬قرأته‮ ‬عبر‮ ‬بعض‮ ‬الصحف‮ ‬المعروفة‮ ‬بالمزايدة‮ ‬واختلاق‮ ‬الأزمات‮.‬
وأضاف: نحن بحاجة إلى الطرح الموضوعي والصادق في هذا الشأن ولكننا نسمع أصواتاً ترتفع لتقول ان هناك ارتفاعاً في جميع أسعار السلع إلا أن هذه الأصوات غير دقيقة في طرحها وغير مسئولة عما تطرح، ونحن كمسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة نحرص كل الحرص على ثبات استقرار‮ ‬أسعار‮ ‬السلع‮ ‬وتوفيرها‮ ‬لكل‮ ‬المواطنين‮ ‬بأسعار‮ ‬مناسبة‮ ‬وفي‮ ‬متناول‮ ‬الجميع‮.. ‬وإذا‮ ‬كان‮ ‬هناك‮ ‬ارتفاع‮ ‬في‮ ‬أسعار‮ ‬جميع‮ ‬السلع‮ ‬فلماذا‮ ‬نخفيه‮ ‬وكيف‮ ‬يمكننا‮ ‬ان‮ ‬نخفيه‮ ‬أو‮ ‬نتستر‮ ‬عليه‮.‬
وحتى‮ ‬نكون‮ ‬واضحين‮ ‬ودقيقين‮ ‬نقول‮ ‬هناك‮ ‬ارتفاع‮ ‬طفيف‮ ‬في‮ ‬أسعار‮ ‬ثلاث‮ ‬سلع‮ ‬فقط‮ ‬لاغير‮.. ‬وهي‮ (‬الدجاج‮- ‬البيض‮- ‬الحديد‮).‬
الدجاج‮ ‬والبيض‮ !!‬

‮> ‬ولماذا‮ ‬هذه‮ ‬السلع‮ ‬تحديداً‮ ‬وما‮ ‬المبررات‮..‬؟
بالنسبة للارتفاع في أسعار الدجاج والبيض.. فذلك يرجع إلى ان منتجي هذه السلع أرادوا التخلص (من الدواجن اللاحمة والبياضة) بالبيع طبعاً تحسباً من انتشار مرض انفلونزا الطيور هذا المرض الذي شغل العالم خلال الفترة القريبة الماضية ودفع بالمنتجين إلى خفض إنتاجهم في السوق اليمنية خوفاً من ان تصاب دواجنهم بهذا المرض فاستبقوا الحدث قبل وقوعه، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع أسعار الدجاج اللاحم والدجاج البياض بحكم العرض والطلب.. حيث انخفض العرض مقارنة بالطلب عليه فارتفعت الأسعار تبعاً لذلك.
والحديد‮ ‬أيضاً

‮> ‬وماذا‮ ‬عن‮ ‬سلعة‮ ‬الحديد؟
- ارتفاع سعر الحديد مرتبط هو الآخر بظروف محلية ودولية فعلى المستوى المحلي.. يلاحظ ان هذه السلع ترتفع مع زيادة حركة التعمير والبناء في البلد وخصوصاً خلال فترة الصيف حيث يكون الاقبال على حركة البناء والتشييد أكثر بكثير من الفصول الأخرى فيزداد الطلب على الحديد وبالتالي يرتفع سعره لأن هذه السلعة بالتحديد يتحدد سعرها بناءً على الطلب عليه عالمياً، وهذا الارتفاع ليس محصوراً على اليمن فقط بل شمل ويشمل الكثير من دول العالم بما في ذلك دول الجوار التي ارتفع فيها سعره أيضاً خلال هذه الفترة.

الأسعار‮ ‬في‮ ‬رمضان

‮> ‬كيف‮ ‬يمكن‮ ‬للقطاع‮ ‬الخاص‮ ‬ان‮ ‬يساهم‮ ‬جنباً‮ ‬إلى‮ ‬جنب‮ ‬مع‮ ‬الحكومة‮ ‬في‮ ‬تثبيت‮ ‬الأسعار‮ ‬وعدم‮ ‬التلاعب‮ ‬بها‮ ‬خصوصاً‮ ‬ونحن‮ ‬قادمون‮ ‬على‮ ‬شهر‮ ‬رمضان‮ ‬الذي‮ ‬فيه‮ ‬تتغير‮ ‬أنماط‮ ‬الاستهلاك‮ ‬لدى‮ ‬المواطنين؟
- هناك تنسيق مستمر مع القطاع الخاص في هذا الشأن، وقد انعقد الأربعاء الماضي اجتماع مشترك بين الوزارة وممثلي الغرفة التجارية لخلق شراكة حقيقية ومسؤولة بين الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة وبين القطاع الخاص لتغطية احتياجات السوق من كافة السلع الضرورية التي تلبي أنماط الاستهلاك ورغبات المواطنين في الشهر الكريم ونسعى جميعاً لتنفيذ التوجيهات العليا بتعزيز دور القطاع الخاص لكي يضطلع بدوره في اتجاه توفير كافة السلع والخدمات للمواطنين بأسعار مناسبة وعدم السماح بالتلاعب بها أو استغلال أي أوضاع لزيادة الأسعار دون‮ ‬أي‮ ‬مبرر‮.‬
ونحن نعي تماماً الأهمية الكبيرة التي يحتلها القطاع الخاص في الحراك التنموي في المجتمع وبالتالي فإن الشراكة الحقيقية بين الحكومة وهذا القطاع يعوّل عليها تلبية احتياجات السوق وتحريك وتيرة تنمية المجتمع.

موقف‮ ‬القطاع‮ ‬الخاص

> وللتعرف على موقف القطاع الخاص من مواجهة مشكلة رفع الأسعار والحد منها توجهنا إلى الغرفة التجارية بصنعاء والتقينا رجل الأعمال الأخ محمد إبراهيم حسن نائب رئىس الغرفة التجارية والصناعية بالأمانة الذي لخص المشكلة بالقول: نحن نحاول ان نحافظ على ثبات الأسعار في‮ ‬السوق‮ ‬رغم‮ ‬الاضطرابات‮ ‬المزعجة‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮ ‬خلال‮ ‬هذه‮ ‬الفترة‮.‬
وأضاف: التاجر يهمه كثيراً أن يبيع بأقل سعر لتدور الحركة التجارية وتنشط وتائر التنمية الاقتصادية.. وهذا يتطلب تعاون الجميع من خلال التنسيق والتواصل المستمر بين الحكومة والقطاع الخاص.. والدربكة التي تحدث في السوق بين الحين والآخر.. سببها انعدام مثل هذا التنسيق‮.‬
‮> ‬كيف‮.. ‬وضّح‮ ‬لنا‮ ‬هذه‮ ‬النقطة؟
‮- ‬عندما‮ ‬يقوم‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬مثلاً‮ ‬بإنزال‮ ‬كمية‮ ‬من‮ ‬العملة‮ ‬الصعبة‮ »‬الدولار‮« ‬في‮ ‬السوق‮.. ‬هذا‮ ‬الإجراء‮ ‬يزعج‮ ‬تجار‮ ‬الاستيراد‮.. ‬ويتضررون‮ ‬منه‮ ‬بفعل‮ ‬المضاربة‮ ‬على‮ ‬الدولار‮ ‬في‮ ‬السوق‮.‬
وكثيراً‮ ‬ما‮ ‬طالبنا‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬باتباع‮ ‬سياسة‮ ‬تغذية‮ ‬البنوك‮ ‬التجارية‮ ‬بالعملة‮ ‬الصعبة‮ ‬حتى‮ ‬يتمكن‮ ‬تجار‮ ‬الاستيراد‮ ‬من‮ ‬تغطية‮ ‬متطلبات‮ ‬اعتماد‮ ‬الاستيراد‮.‬

التنسيق‮ ‬المشترك

‮> ‬لكن‮ ‬السؤال‮.. ‬يظل‮ ‬قائماً‮ ‬وملحاً‮ ‬وهو‮.. ‬كيف‮ ‬يمكن‮ ‬للقطاع‮ ‬الخاص‮ ‬ان‮ ‬يساهم‮ ‬جنباً‮ ‬إلى‮ ‬جنب‮ ‬مع‮ ‬الحكومة‮ ‬في‮ ‬تثبيت‮ ‬الأسعار‮ ‬وعدم‮ ‬التلاعب‮ ‬بها‮ ‬لتحقيق‮ ‬الاستقرار‮ ‬التمويني‮ ‬في‮ ‬الأسواق؟
- المسألة بسيطة.. بقليل من التنسيق والتواصل والاتصال والتفهم المشترك لواقع السوق اليمنية بين القطاع الخاص والحكومة فإن كثيراً من الأمور تلقى حلولاً لها.. وتاجر الاستيراد يهمه كثيراً استقرار الأسعار الذي لايتحقق إلاّ من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات الضرورية.
‮> ‬ما‮ ‬هذه‮ ‬الإجراءات‮ ‬من‮ ‬وجهة‮ ‬نظرك؟
‮- ‬ولاً‮: ‬ان‮ ‬يقوم‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬بتغذية‮ ‬البنوك‮ ‬التجارية‮ ‬بالعملة‮ ‬الصعبة‮ ‬لتغطية‮ ‬متطلبات‮ ‬اعتماد‮ ‬الاستيراد‮.‬
ثانياً: جميع تجار الاستيراد يجمعون تقريباً على ضرورة ألا يكون هناك وسيط بينهم وبين المستهلك.. وأن يقوم تاجر الاستيراد بعملية البيع المباشر للمستهلك بعيداً عن »الوسيط- المستورد- تاجر التجزئة- الطاحون«.
ثالثاً‮: ‬لابد‮ ‬من‮ ‬تنفيذ‮ ‬خطة‮ ‬إنشاء‮ ‬الصوامع‮ ‬للمواد‮ ‬الغذائية‮ ‬الأساسية‮ ‬وهذا‮ ‬سوف‮ ‬يساهم‮ ‬في‮ ‬توفير‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬بأسعار‮ ‬مناسبة‮ ‬طوال‮ ‬العام‮.‬
رابعاً‮: ‬لابد‮ ‬من‮ ‬معالجة‮ ‬مشاكل‮ ‬أجور‮ ‬النقل،‮ ‬فكلفة‮ ‬الشحن‮ ‬والتفريغ‮ ‬تدخل‮ ‬ضمن‮ ‬الأسباب‮ ‬التي‮ ‬تؤثر‮ ‬على‮ ‬حركة‮ ‬السوق‮ ‬التجارية‮ ‬وأسعار‮ ‬السلع‮.‬
كما لاننسى مشكلة النقل الداخلي بين المحافظات وتعدد النقاط في هذه المحافظات ومايرافق ذلك من عملية الجباية غير المشروعة فيها، وهي بالقطع تدخل ضمن تكلفة النقل وسعر السلعة، والتاجر يهمه ان يبيع سلعته بأقل سعر.. حتى يستمر الدوران وتنتعش التجارة وتستقر الاسعار..‮ ‬هذا‮ ‬على‮ ‬المستوى‮ ‬الداخلي‮..‬
أما‮ ‬على‮ ‬المستوى‮ ‬العالمي‮: ‬فأسعار‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬المستوردة‮ ‬من‮ ‬الخارج‮ ‬فهي‮ ‬تخضع‮ ‬لمبدأ‮ ‬العرض‮ ‬والطلب‮ ‬الدولي‮ ‬وأسواق‮ ‬البورصة‮ ‬وليس‮ ‬لنا‮ ‬فيها‮ ‬دخل‮..‬
‮> ‬كلامك‮ ‬مقبول‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق‮ ‬بأسعار‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬المستوردة‮ ‬من‮ ‬الخارج‮.. ‬لكن‮ ‬ارتفاع‮ ‬سلعة‮ ‬البيض‮ ‬والدجاج‮ ‬المنتج‮ ‬محلياً‮ ‬بماذا‮ ‬تفسره؟
‮- ‬ربما‮ ‬الخوف‮ ‬من‮ (‬مرض‮ ‬الدواجن‮) ‬والخوف‮ ‬من‮ ‬انفلونزا‮ ‬الطيور‮ ‬الذي‮ ‬شغل‮ ‬العالم‮ ‬أجمع‮ ‬دفع‮ ‬بالمنتجين‮ ‬إلى‮ ‬تقليل‮ ‬الإنتاج‮ ‬فارتفعت‮ ‬أسعار‮ ‬الدواجن‮ ‬مقارنة‮ ‬بالطلب‮ ‬عليه‮..‬
‮> ‬وكيف‮ ‬تفسر‮ ‬ارتفاع‮ ‬سعر‮ ‬الحديد؟
- هذه سلعة عالمية وخاضعة للعرض والطلب العالمي ويكفي ان نشير إلى أن بناء السور العازل في فلسطين وكذا بناء المدينة الرياضية في الصين، بالإضافة إلى عوامل دولية أخرى قد أثر سلباً على سوق الحديد في العالم بما في ذلك اليمن.. هذا الطلب على الحديد قد سحب كل المعروض من الحديد في الأسواق العالمية حتى ان بعض الشركات العالمية التي كانت تصدر الحديد لليمن قد توقفت عن التصدير لهذا السبب، وأتوقع مزيداً من الارتفاع لسعر الحديد مع بداية إعادة الاعمار في لبنان.
> وماذا عن مجلس الدفاع الوطني في اجتماعه الذي عقد الأسبوع الماضي برئاسة فخامة الأخ الرئىس والذي شدد فيه على أهمية الدور الذي ينبغي ان يضطلع به القطاع الخاص لتحقيق الاستقرار في الأسعار وعدم التلاعب بها؟
- نحن مع أي توجه لتحقيق ذلك، وهناك لجنة في وزارة الصناعة والتجارة تمثل كل الجهات المعنية، تعقد اجتماعات دورية لتدارس الوضع وعمل آلية تلتزم بها جميع الجهات في اتجاه استقرار الاسعار وثباتها.. وبهذا الصدد انعقد يوم الأربعاء الماضي اجتماع بوزارة الصناعة لبحث هذا‮ ‬الموضوع‮ ‬والخروج‮ ‬بقرارات‮ ‬وتوصيات‮ ‬تخدم‮ ‬المنتج‮ ‬والمستورد‮ ‬والمستهلك‮ ‬على‮ ‬حدٍ‮ ‬سواء‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 09:33 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-203.htm